اختار بوتفليقة لنفسه هذه النهاية غير الموفقة سياسيا برغم تاريخ حافل، بعدما أرسى على مدار 20 سنة تقاليد حكم هي خليط سياسي يجمع بين الديمقراطية الصورية والحكم الفردي واستخدام الزمر البيروقراطية والارتكاز على المؤسسة الدينية التقليدية (الزوايا) وترذيل الأحزاب والعمل السياسي واغراق البلد في الفساد، وانتهت تجربته الى مزيد من إنهاك الدولة وربط صرتها بالكارتل المالي.
عام مضى عن استقالة بوتفليقة، خرج الرجل من ثقب إبرة ، ليست حتى من نافذة ضيقة لا تتسع لتاريخه السياسي في الداخل واسهاماته في الصعيد الدولي وجولاته مع كبار العالم في القرن الماضي وفي السبعينات خاصة، ودخل رواق النسيان بعدما راكمت التطورات مزيدا من الاخفاقات المعلقة عليه، وما تزال تكشف حجم الجريمة السياسية والمالية التي ارتكب في حق البلد، لكن نهايته ستظل قصة سياسية وعبرة للحكام في الجزائر كما في غيرها من الدول.
لسبب أو لآخر، في المجمل تعفف الجزائريون عن ملاحقة الدجال السياسي والرجل المريض بالوهم و بالزعامة، والمتخم بالنرجسية، فلم يكن مصيره داميا كالقذافي ولا السجن كمبارك أو مطاردا كبن علي، لكنه سيقضي في قفص النسيان عبرة لمن يعتبر.
الآن وقد قتل الجزائريون الأب السياسي الذي زرعته قوى التضليل في المخيال الجماعي، وانكسرت إلى الأبد زجاجة الزعيم الخالد وخرافة الرجل المنزه، يحتفظ الجزائريون بتطلعاتهم المجيبة عن الطموحات الثورية لذاك البيان الخالد في نوفمبر 1954، ويواصلون المسير خطوة خطوة ونفسا بنفس إلى الجزائر العادلة.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.