وكما توقعت تماماً فقد حاول الكثيرون الاستفادة القصوى من هذه التظاهرات الشعبية السلمية المنظمة والمؤطرة والمهيكلة بشكل رائع من طرف الدولة العميقة، التي تريد منع العهدة الخامسة لبوتفليقة المنتهية ولايته، دون الخوض في التفاصيل، إذ حاول الكثيرون ركوب موجة تلك المظاهرات السلمية التي سرعان ومن بين هؤلاء بعض المغمورين الذين لم يكن يسمع بهم أحد قبل اندلاعها، ليخرجوا علينا في بعض القنوات الخاصة ويعرفوا أنفسهم بأنهم من دعوا إلى هذا الحراك وهم منظروه كذباً وبهتاناً وزواراً، إلى الكثير من رؤساء أحزاب سياسية قد انتهيت مدة صلاحيتهم السّياسية، إلى كتاب وفنانين ورجال أعمال وبرلمانيين... إلخ.
هذه المظاهرات الحضارية الراقية التي أبهرت العالم أجمع، والتي تريد الكثير من الدول والأطراف أن تحيد عن مسارها السلمي لتتحول إلى مظاهرات حمراء على غرار ما حدث في سوريا أو ليبيا أو مصر، أو فرنسا التي أحرق فيها ما يسمون بالسترات الصفراء، الأخضر واليابس، وحاولت قناة فرانس 24 التابعة لجهاز المخابرات الفرنسية، الطعن في تلك المظاهرات السلمية وتصوير ما وقع فيها من أمور عادية جداً، وتحدث في كل المظاهرات في مختلف دول العالم، على أنها تجاوزات خطيرة من طرف أعوان الشرطة في التعامل مع المتظاهرين، وهم الذين نرفع لهم البقعة احتراماً، على تصديهم لكل المحاولات الدنيئة لاختراقها أو التشويش عليها.
وللأسف هناك الكثير من أشباه الإعلاميين العرب أو الجزائريين، من لا يريدون لهذه المظاهرات أن تبقى ذات طابع سلمي ديمقراطي، بل يريدونها أن تنحى إلى منحيات أخرى لا تسر العدو قبل الصديق، ومن أمثال هؤلاء عراب الخراب في الوطن العربي العميل الصهيوني فيصل القاسم، أو الإعلامي الإخواني معتز مطر، أو حدة حزام مديرة جريدة الفجر، التي أصبحت تطلق على تلك المظاهرات اسم الثورة السلمية، وهو مرحلة تسبق عادة، الثورات المسلحة، إذ يريد هؤلاء غسل دماغ المتلقي، بالتدريج حتى يقتنع بتلك المصطلحات الخبيثة، والتي بالتأكيد تقف خلفها أجهزة استخبارات دول عربية وغربية، تريد الخراب للجزائر، التي نجت من أتون الإرهاب الأعمى، إبان عشرية الدم والدموع، ومن مشروع الفوضى الخلاقة، الذي بشرتنا به الهالكة كونداليزا رايس، وزيرة الخارجية السَّابقة في عهد إدارة جورج بوش الابن، وفي أحد تقارير الاستخبارات الأمريكية والذي نشر في شهر سبتمبر الماضي، جاء فيه بأن هناك موجة قادمة من الربيع العربي سوف تضرب كل من السودان والجزائر والمغرب، فعلى الجميع توخي الحيطة والحذر، وعدم الانجرار إلى تصديق أمثال هؤلاء الإعلاميين والإعلاميات، الذين يشهد تاريخهم، أنهم كانوا معاول هدم لأوطانهم، وبأنهم عبارة عن حيات سامة، تلدغ حتى أقرب الناس إليها عندما تحس بالخطر في نهاية المطاف.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.