زاد دي زاد - الخبر مقدس والتعليق حر

ملاحظة: يمكنك استعمال الماركداون في محتوى مقالك.

شروط إرسال مقال:

– النشر في “زاد دي زاد” مجّاني
– أن يكون المقال مِلكا لصاحبه وليس منقولا.
– أن يكون بعيدا عن الشتم والقذف وتصفية الحسابات والطائفية والتحريض.
– الأولوية في النشر للمقالات غير المنشورة سابقا في مواقع أو منصات أخرى.
– الموقع ليس ملزما بنشر كل المقالات التي تصله وليس ملزما بتقديم تبرير على ذلك.

عن “الزوالي” سارق المسجد.. و”الحمار الشجاع”..!

عن “الزوالي” سارق المسجد.. و”الحمار الشجاع”..! ح.م

تداولت مواقع التواصل الاجتماعي فيديو حول لص سرق حذاء من مسجد مدينة رغاية، شرق العاصمة الجزائر، والجميع يحيط به في موقف مذل، يشبه تماماً فيديوهات تطبيق الحد في إيران، السعودية أو أفغانستان، وهو يتوسل، من يحيط به، ويقول: زوجتي حامل... أنا لا أعمل، وتارةً يقول: هذا حذائي...، والكل يصور بهاتفه النقال معلناً الانتصار على الفساد، الذي ينخر مدينة رغاية، والتي تعتبر نموذجاً مصغراً لمدن وولايات جزائرية..

الكل ينظر بشماتة، لسارق أحذية المسجد، إلى أن وصل إلى المسجد “مسجد الفتح”، وهنا انهال عليه بعض الأشخاص ضرباً على الوجه صفعاً، لم يجد ما يقوله، حاولوا الانقضاض عليه، في مشهد مخيف، وهنا نحن لا نبرر فعل السرقة الذي يعتبر مشين، لكن هذا المنظر لهذا اللص الصغير والذي لا نعرف أسباب فعلته هذه في المسجد ومثله العشرات يفعلون نفس الشيء، ونراهم عبر الفيديوهات بالفعل المشهود، غير أن هذا اللص لم يحالفه الحظ، وتم إلقاء القبض عليه..

وهكذا توالت الحيوانات القوية المفترسة على ذكر ما اقترفت في حين يقوم الذئب والثعلب بالدفاع والحكم في ذات الوقت، والدفاع وتبرأت ساحة كل واحد على اعتبار أنهما كانا على رأس المحاكمة المزعومة..

لكن المنظر ذكرني بقصة قرأتها منذ زمن بعيد ناطقة على لسان الحيوانات والتي عادة ما نأخذ منها العبر للاستفادة، هذه الحكاية تروي قصة حيوانات متوحشة تعيش في غابة حل بها وباء الطاعون فاجتمعوا لبحث الموضوع والوقوف على أسباب ذلك وفي شكل محاكمة كان أول المتحدثين ملك الغابة الأسد وقال لم يقترف شيء في حياته سوى أنه يهاجم مزارعي القرية ويأكل الخراف فهل هو ذنب يحل به الطاعون عليهم؟، بعدها اتفقت جميع الحيوانات على أن ما يقوم به الأسد لا يعد سبب لحلول الوباء على الغابة، وأردف النمر بأنه أكل العديد من أطفال القرية عند النهر وبُرء هو الأخر من جريمته، وكان هذا المصير نفسه ينتظر الخنزير الذي يدمر كل محاصيل المزارعين، ليضيف الدب أنه يحطم بيوت النحل التي يجمع منها الفلاحون العسل فهل تحل لعنة الطاعون لذلك؟
وهكذا توالت الحيوانات القوية المفترسة على ذكر ما اقترفت في حين يقوم الذئب والثعلب بالدفاع والحكم في ذات الوقت، والدفاع وتبرأت ساحة كل واحد على اعتبار أنهما كانا على رأس المحاكمة المزعومة.

شجاعة الحمار…

انتهت المحاكمة باعتراف الجميع وقرروا غلق باب المحاكمة لأنه وببساطة لا وجود لمتهم، وفي هذه الأثناء قرر “الحمار” وبكل شجاعة وجرأة أن يأخذ الكلمة وقال: “ذات يوم وفي واحد من أيام الصيف القاحلة ومنذ سنين عديدة مضت كنت أتجول في القرية فأحسست بجوع يقوض معدتي وإذ أرى عشبا يابسا أصفر اللون فقررت أن آكله هذا ما اقترفته طيلة حياتي!”، ظنناً منه أنه يملك شجاعة من سبقه لكنه نسي للحظة أنه حمار، وبمجرد انتهائه من اعترافه المزعوم انتفض ونط الثعلب والذئب وقالا: لهذا السبب حلت علينا لعنة الطاعون أخيرا ظهر المجرم إنه الحمار فبسببه نحن نعاني ويلات الوباء القاتل، وكان الحكم عليه بالإعدام.

تنطبق هذه القصة على لص الأحذية والذي وقع في أيدي الناس، والذي ناله منهم السب، والشتم والضرب، أمام المارة، وعلى طول الطريق وصولاً للمسجد وكان بمثابة الانتصار بالنسبة للجميع، في حين أن الفساد الحقيقي أقوى، ويمشي علناً، دون أن تكون لنا الجرأة في أن نقف ضده..

تنطبق هذه القصة على لص الأحذية والذي وقع في أيدي الناس، والذي ناله منهم السب، والشتم والضرب، أمام المارة، وعلى طول الطريق وصولاً للمسجد وكان بمثابة الانتصار بالنسبة للجميع، في حين أن الفساد الحقيقي أقوى، ويمشي علناً، دون أن تكون لنا الجرأة في أن نقف ضده، وفي أشكال مختلفة من اختلاس، ومن ملفات تفتح وتغلق وتنسى، ويبقى في الذاكرة سارق الأحذية فقط، وكأن الشعب يطبق العنف والغل الذي يشعر به ولا يجد كيف يعبر به إلا من خلال ممارسته للعنف على جزء منه، وصور العنف تتكرر وبشكل فضيع ومخيف، والفساد يكبر ويكبر في أشكال مختلفة، ويبقى الزوالي الذي يمثل الشعب، لا حول له ولا قوة، أمام انسحاب للنخبة، وقوة شرعية محتكرة، ومشروع تغيير غير وارد في الوقت الحالي، ومحاطا بالذئب والثعلب، والأسد، والخنزير، والأفعى، والدب…

ads-300-250

المقالات المنشورة في هذا الركن لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

كن أوّل من يتفاعل

تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.

فضلا.. الرجاء احترام الآداب العامة في الحوار وعدم الخروج عن موضوع النقاش.. شكرا.