تعوّدنا أنه كلّما شنت الدوائر الفرنسية حملة على الجزائر، إلا وتلتحق بها وسائل إعلام وشخصيات جزائرية، بعضها مشهود له بحقده على البلاد، والبعض الآخر يفاجئ المتتبعين، كونه مارس مسؤوليات كبيرة في هرم السلطة في الجزائر، وبرغم ذلك كله ينساق إما عمدا أو بغباء وراء الحملات الهستيرية للدوائر الفرنسية الحاقدة على الجزائر، نقول ذلك كلّه، لأن ما صدر من تصريحات عن المحامي فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الاستشارية لترقية حقوق الإنسان سابقا، بشأن رغبة الرئيس بوتفليقة في الترشح لعهدة رئاسية خامسة، والتي "عبر له عنها" بحسب تصريحات قسنطيني، خلال لقاء جمعه به مؤخرا، وتكذيب الرئاسة لحصول هذا اللقاء، يجعلنا كمتتبعين للأحداث، نتساءل وبشدّة، عن سرّ خرجة فاروق قسنطيني، بعد أيام قليلة، من نشر مجلة "لوبوان" الفرنسية، عددا خاصا حول الجزائر، حمل في طياته العديد من المُغالطات، والإدعاءات الباطلة، بحق الرئيس بوتفليقة وشقيقه السعيد.
خرجة فاروق قسنطيني برأينا، تمت بإملاء من الجهات التي فتحت له في وقت سابق الأبواب ليرأس لجنة حقوق الإنسان، والتي وجهته ليدلي بتصريحاته في هذا الوقت بالذات، ولوسائل إعلام بعينها، علّ وعسى ينجح فيما فشلت فيه “لوبوان” الفرنسية، وأدوات فرنسا الإعلامية عندنا في الجزائر، وما يؤكد هذه الفرضية، أن فاروق قسنطيني، وبرغم صدور بيان الرئاسة الذي يكذب تصريحاته وينفي لقاءه بالرئيس بوتفليقة، واصل إطلاق إدعاءاته ولم يكتف بذلك، بل انتقل إلى التشكيك في صدقية البيان، بقوله: “أستغرب من أعلن عن البيان الذي نفى لقائي بالرئيس، أنا محتار لهذا التصرف”، فبكل صراحة لا نملك إلا أن نتعجب من هذا التصريح الجديد الصادر عن شخص تولى سابقا لجنة وطنية تابعة مباشرة لرئاسة الجمهورية، وتقدم تقاريرها للرئيس دون غيره، فهل يمكن والحال كذلك أن نصنف “فاروق قسنطيني” في خانة “رجال الدولة”؟ أم نُصنفه في خانة من “تم دسُّهم في إحدى المؤسسات الهامة للدولة”؟.
بصراحة لا طائلة من الإستغراب والتعجب، فهناك عشرات الشخصيات التي تبوّأت مناصب حساسة في الدولة، وتحوّلت اليوم إلى سكاكين في ظهر الدولة، وأُصرّ على هذا الكلام، لأن أخطر المشاكل التي عاشتها وتعيشها البلاد، تسبب فيها أمثال هؤلاء، الذين عملوا على تشويه صورة الجزائر، والتشويش على كل المبادرات الهادفة إلى تحصين الجزائر وتعزيز استقرارها، فلِنفرض جدلا أن فاروق قسنطيني قد إلتقى بالرئيس بوتفليقة، -وهو ما كذبته الرئاسة- فهل يحق له أن يكشف محتوى المباحثات التي جرت بينه وبين الرئيس؟ وهل فوّضه الرئيس بوتفليقة للتّحدث باسمه، في قضية بالغة الأهمية كالترشح للرئاسيات؟ بكلّ تأكيد أن الرئيس بوتفليقة الذي أزاح قسنطيني من على رأس اللجنة الإستشارية لترقية حقوق الإنسان، ولم يُعيّنه في أي منصب آخر، لن يفكر يوما في إسناد مهمة الحديث باسمه لشخص مثل فاروق قسنطيني، لسبب بسيط للغاية، هو أن فاروق ليس بالشخصية الوطنية الوازنة، والدليل على ذلك أن موقع “ويكيبيديا” الذي يؤرخ للشخصيات الوازنة في العالم، يجهل من يكون قسنطيني هذا، ويُمكن للقارئ أن يتأكد من ذلك، وبالتالي فإن المنطق يجعلنا نُصنّف قسنطيني في خانة المُندسين الذين أُعطِي لهم الأمر بالتحرك، قبل زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون إلى الجزائر المقررة يوم 6 ديسمبر القادم، وللأسف الشديد هنا كذلك، أن غالبية السياسيين والإعلاميين لم يسجلوا أي موقف من الحملة الهستيرية التي قادتها الدوائر الفرنسية الحاقدة على الجزائر، قُبيل زيارة ماكرون، باستثناء قلّة منهم وعلى رأسهم الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني السابق السيد عمار سعداني، الذي حذّر بوضوح خلال تجمع شعبي بعين الدفلى، بمناسبة الحملة الإنتخابية للمحليات المقررة يوم 23 نوفمبر الجاري، مما أسماه “شر فرنسا الذي يتربص بالجزائر”، واتهم فرنسا صراحة بأنها تتربص شرا بالبلد كونها مستعمرة قديمة ولديها نية في إعادة دخول الجزائر ولو من النافذة، فكلام كهذا يسلط الضوء بحق على الخانات والزوايا المظلمة، التي تتحرّك منها الخفافيش للتشويش على الجزائر.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.