عندما يكشف التلفزيون الرسمي، على لسان وزير في الدولة، عن تحويل عقارات بطرق غير شرعية، ويقول إن ما حدث "جريمة أدارها أشخاص يُعدّون على الأصابع وأرادوا أن لا يسمع الرأي العام بما حدث"، فالمفروض أن تكون ساعة قطف رؤوس كبيرة قد حانت.. وقد يكون بينها وزير السياحة السابق والسيناتور الحالي عمار غول وثلاثة من رفقائه الوزراء السابقين.
هذا ما حدث، الخميس 25-08-2016، عندما أدلى وزير السياحة عبدالوهاب نوري بتصريحات خطيرة، في نشرة الثامنة، قال فيها “إن 65 هكتارا من مساحة “دنيا بارك” السياحي بالعاصمة، مُنحت بطرق غير شرعية لأشخاص غير معروفين”، وأن من بين 90 استفادة، 40 استفادة كاملة خُصصت لإقامة “بيوتات” للمأكولات السريعة”، وتساءل الوزير “هل هذا معقول”؟
وأضاف الوزير نوري “هناك فئة قليلة جدا تُعدّ على الأصابع تعلم بما يجري في “منتجع دنيا”، وهي التي أرادت أن لا يعلم الرأي العام بما يجري! هؤلاء الذين استفادوا بطرق غير شرعية لا يحوزون رخص التجزئة ولا رخص البناء، ورغم ذلك باشروا عمليات البناء!” وأعلن الوزير إلغاء كل رخص الاستفادة.
الوزير غول بين “المتّهمين”
ويكون الوزير نوري أحال المسؤولية إلى سابقيه على رأس السياحة، وبينهم وآخرهم الوزير عمار غول، إذ قال نوري “هذا ما يحدث حينما تسند الأمور لغير أهلها، إطارات غير مؤهلة لمتابعة هذه المشاريع.. منذ 2011 لم تكتمل دراسة هذا المشروع الكبير، ثم عندما ننطلق ننطلق بطريقة عشوائية!”
وتبلغ المساحة الإجمالية للمشروع الذي انطلق في 2009، 1059 هكتارا، قال الوزير إنه كان يفترض أن تصبح “رئة مدينة الجزائر العاصمة ومتنفّسها”، لكنها تحوّلت إلى جنّة ومنتجع للصوص ليسوا معروفين إلى اللحظة، وهو ما يجعل العدالة في وضع المسؤول عن كشف هؤلاء اللصوص أمام الرأي العام.
ويبرز اسم الوزير السابق عمار غول، الذي كان مسؤولا، قبل سنة فقط، عن قطاع السياحة، ما يعني أنه مطلوب لدى العدالة للتحقيق بشأن مسؤوليته أو براءته في هذه القضية الخطيرة.
وليست المرة الأولى التي يظهر فيها اسم الوزير السابق عمار غول في “فضائح” مثل هذه، لكنه بقي دوما بعيدا عن الحساب، ففي قضية “فضيحة” الطريق السيار شرق-غرب، “أفلت” الوزير من المحاسبة، رغم أنه كان المسؤول الأول عن المشروع من بدايته حتى نهايته فيما سُجن آخرون، ورغم أن المشروع صار “فضيحة” بالنظر لما يعانيه الطريق السيار، إلى اليوم، من اهتراءات وإعادة أجزاء كبيرة منه طالها الغشّ ما كلّف الدولة أموالا طائلة بغض النظر عن تكلفته الكبيرة التي تجاوزت 12 مليار دولار.. واستغرب كثيرون “إفلات” غول من الحساب!
“دنيا بارك” المُفترض.. وتدخّل الرئيس
كان مفترضا أن يكون “دنيا بارك” حديقة عالمية، تبلغ تكلفتها الإجمالية 5.2 مليار دولار، يشكل واجهة رئيسية لمدينة الجزائر، ومحيطها، ومنطقة محورية للجذب السياحي مستقبلاً، بالنظر إلى ما يحتويه من جيوب من الغابات والنباتات الموسمية والممرات المائية، و20 كيلومترا من الممرات للمشي والركض وركوب الدرجات، وخيارات ترفيهية متنوعة بما في ذلك أكاديمية للتنس، وأكاديمية لكرة القدم، ومسرح مفتوح، ومراكز تجارية ومطاعم مع مدرسة دولية ومشفى من 160 سرير وفندق بـ500 غرفة، ويوفّر مشروع “دنيا بارك” كلّه ما بين 22 و25 ألف منصب شغل دائمة مفتوحة لمختلف التخصصات.
لكن الرئيس بوتفليقة تدخّل بمجرّد علمه تحويل جزء من المشروع إلى سكنات وبيوت فخمة بلغ عددها 24 ألف سكن، وهو ما أدى إلى رحيل “شركة الإماراتية الدولية للاستثمار”، التي كان لها نصيب ضخم من الاستثمار في هذا المشروع كبير، وقال بوتفليقة إن المنتجع يبقى منتجعا أخضر وليس مكانا لإقامة سكنات مهما كان نوعها.
أربعة وزراء “طُلقاء”
واستهلك المشروع أربعة وزراء تعاقبوا على تسييره، حيث انطلق المشروع كـ”ملحق” في وصايته لوزارة البيئة والتهيئة الإقليمية، أشرف عليه الوزير الأسبق شريف رحماني، واستلمه منه عمارة بن يونس وعمل على تدشين جزء من الحديقة، وهي لا تحمل من وصف الحديقة سوى الاسم، وتسلّمته بعد ذلك الوزيرة دليلة بوجمعة، التي تكتمت عن أسباب توقف المشروع واكتفت بغلق ما دشنه من سبقها على رأس الوزارة وأخيرا الوزير عمار غول، ما يستلزم مثول هؤلاء الوزراء جميعا أمام العدالة لمعرفة كيف تم توزيع القطع الأرضية خارج القاون، كما قال الوزير عبد الوهاب نوري، طبعا ولن يحدث هذا إلا لو تحرّك النائب العام وأقام دعوى عمومية.
لقد تحوّل مشروع “دنيا بارك” السياحي الترفيهي، الذي هو من حق الشعب، إلى “جنّة لصوص” أخرى في الجزائر، بالإضافة إلى جِنان كثيرة أخرى لا يزالون يعيثون فيها، ولا حسيب لهم..! ولا يزال مشروع “دنيا بارك” مجرد قطعة أرضية كبيرة مليئة بالأعشاب والأحجار، ترعى فيها الحيوانات.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.
تعليق 5998
اتباع فرنسا….لو نضفت الجزائر من امثالهم ولله سوف تصبح البلد من دول التي تحصدنا….هنا طاقة بشرية…ومواهب وعقول…في القمة. فقط في بلدنا يوجد ايدي فرنسية تحطم معنوايات الرجال. ….يجب التخلص منهم قبل ان يهلكو كل شيء…..وتنهار البلد….وتباع في اسواق اوروبا…..
تعليق 5999
هناك من يحمي هذه العصابة للأسف ولهذا تمادت في غيها وفي عربدتها
تعليق 6013
كي يقولك وزير او رئيس ما دزو معاهم واش بقات راهم دايرين البقرة علينا