أهمّ ما استرعى انتباهي في الرسالة التي وجهها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى الأسرة الإعلامية بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، أنها اختزلت بحق واقع هذا القطاع الحساس الذي يعكس مدى التزام الدولة بتكريس حرية الصحافة التي ما هي سوى مرآة عاكسة لمستوى احترام حقوق الإنسان في الجزائر.
فالرئيس بوتفليقة في رسالته هذه لم يطلب من الإعلاميين الإرتماء في أحضان السلطة والتبويق لخطاباتها، بل إنه بالعكس من ذلك كلّه أكد على حق الإعلاميين في التخندق في صف الأغلبية أو في صف أنصار المعارضة، تكريسا للتوجه الديمقراطي للبلاد، وأحكام الدستور التي تكفل حرية الممارسة السياسية، لكن الرئيس بوتفليقة الواعي جيدا بالدور الكبير المناط بالإعلام الوطني، وضع ضوابط موضوعية وعقلانية لهذه الممارسة الإعلامية، تتمثل في الأساس في الحرص على استقرار الجزائر وتقدمها، وتحصينها ضد المخاطر التي تتربص بها، وبالأخص منها التهديد الإرهابي، إضافة إلى الأزمات التي تحيط بالبلاد، والمؤامرات التي قد تدبر ضدها، وهنا يتوجب الإقرار بأن رسالة الرئيس بوتفليقة لم تحمل في طياتها أي قيود على حرية ممارسة الحق في التعبير، بل إنها نبهت إلى ضرورة أن ينخرط الإعلام الوطني في الدفاع عن أمن واستقرار البلاد، وهذا مطلب تُجمع عليه كل دول العالم، خاصة في ظل استئساد العولمة، وتحول العالم إلى شبه قرية صغيرة، أصبح فيها الإعلام أخطر سلاح لتدمير الدول والمجتمعات، وبرأيي أنأي وسيلة إعلامية جزائرية ترفض الإنخراط في الدفاع عن مصالح الجزائر الإستراتيجية وأمنها واستقرارها، لا يحق لها أن تدّعي بأنها جزائرية، فالواقع الإقليمي والدولي أثبت لنا بما لا يدع للشك مجالا أن الإعلام كان رأس الحربة في المؤامرات التي استهدفت وطننا العربي فيما سُمّي ب”الربيع العربي”، وللأسف هنا، أنّ بعض وسائل الإعلام “الجزائرية” انساقت بوعي أو بدون وعي، لتنفيذ أجندات هدامة كانت تستهدف فتح المنافذ أمام إعصار “الربيع العربي”، لكن ولحسن الحظ أن وعي الجزائريين، وإخلاص غالبية وسائل الإعلام عندنا للوطن، أحبط كلّ هذه المؤامرات.
رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، وأمام حملات التشويه التي تطال الفضاء الإعلامي عندنا، وضع الأصبع على الجرح، بتأكيده أن مسؤولية الإرتقاء بمهنة الصحافة إلى درجات أعلى من الاحترافية لا تقع على عاتق الدولة وحدها، لأن ترقية الحق في الإعلام، هي مسؤولية المجتمع ككل، وبالأخص هي “مسؤولية المؤسسات العامة والخاصة التي تشرف مباشرة على عمل الصحفيين”، ومن هنا فالرئيس بوتفليقة يكون قد وضع حدّا لهذا الجدال، الذي كان يهدف إلى تحميل الدولة فقط مسؤولية الإرتقاء بمهنة الصحافة، ووضع كلّ الجزائريين أمام الأمر الواقع، أي حمّلهم مسؤولية ترقية هذا القطاع الذي يعتبر من أهم أسلحة الدفاع عن أمننا واستقرارنا.
وبرأيي أنه قد حان الوقت ليس فقط لترقية الممارسة الإعلامية، بل لتطهير القطاع من الدخلاء والمندسين الذين يقاولون لصالح جهات تكن العداء للجزائر، بغرض تدميرها، لأنه من غير المنطقي والمعقول أن نسكت عن الإختراقات الخطيرة التي طالت بعض وسائلنا الإعلامية، خاصة في السنوات الأخيرة، ولا نسعى إلى التصدي لها بحزم، فمن المستحيل أن نرقى بإعلامنا إلى مراتب عالية، وهو مُرتهن في بعض أجزائه لجهات غير جزائرية.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.