زاد دي زاد - الخبر مقدس والتعليق حر

ملاحظة: يمكنك استعمال الماركداون في محتوى مقالك.

شروط إرسال مقال:

– النشر في “زاد دي زاد” مجّاني
– أن يكون المقال مِلكا لصاحبه وليس منقولا.
– أن يكون بعيدا عن الشتم والقذف وتصفية الحسابات والطائفية والتحريض.
– الأولوية في النشر للمقالات غير المنشورة سابقا في مواقع أو منصات أخرى.
– الموقع ليس ملزما بنشر كل المقالات التي تصله وليس ملزما بتقديم تبرير على ذلك.

القايد صالح.. على طريقة “المشير طنطاوي” أم “السيسي”..؟!

القايد صالح.. على طريقة “المشير طنطاوي” أم “السيسي”..؟! ح.م

الجنرال السيسي - الفريق قايد صالح - المشير طنطاوي

عندما اقتربت الحشود الهائلة من قصر الاتحادية في يوم "جمعة الرحيل" عشية تنحي الرئيس حسني مبارك... اتصل المخلوع مبارك بالمشير طنطاوي (وزير الدفاع حينها) الذي أطلعه على خطورة الموقف.. حدثه طنطاوي عن الجماهير الغاضبة التي لا ترى بديلا عن رحيله عن السلطة..

هنا فهم مبارك الرسالة جيدا، وأدرك أنه لم يعد في حماية الجيش، فقال لمحدثيه الثلاثة: المشير طنطاوي (وزير الدفاع) عمر سليمان (نائبه ومدير مخابراته) أحمد شفيق (رئيس الوزراء): “أنتم عاوزين إيه..؟؟ أتنحى إذا كان ده يحل المشكلة”.. اقتنع مبارك بالرحيل ثم اتفقوا على أن يقرأ خطاب التنحي نائب الرئيس عمر سليمان بعد ساعة من الاتفاق…

إذا كان القايد صالح يقف مع الحراك الشعبي، فهل يتم ذلك عن اقتناع بمطالب الشعب..؟؟ أم عن طموح شخصي ورغبة جامحة في خلافة بوتفليقة..؟؟ أم أن الأمر برمته مرتب على ضوء اتفاق مسبق بين الرئاسة والجيش لنقل آمن للسلطة داخل منظومة الحكم…؟؟

هكذا كانت نهاية مبارك وبداية تسلم المجلس العسكري السلطة بقيادة المشير طنطاوي، الذي اتضح لاحقا أنه لم يكن له طموح شخصي في السلطة، بدليل تسليمه السلطة للرئيس المنتخب محمد مرسي، مع التسجيل أن إدارة المجلس العسكري للفترة الانتقالية، مابين تنحي مبارك وتولي محمد مرسي كانت سيئة للغاية..

وعلى خلاف ذلك، كان الحشد الشعبي المصطنع في 30 يوليو 2013 مجرد غطاء مصطنع لسطو مسلح نفذه المشير عبد الفتاح السيسي على السلطة وتنحية الرئيس المنتخب، واتضح مع مرور الوقت أن السيسي المتيم بالسلطة خطط للانقلاب قبل فترة ليست بالقصيرة (حملة تمرد، الاتصال بالأطياف السياسية الداخلية، والتنسيق مع القوى الدولية)..

عندنا في الجزائر تبدو الأمور غامضة حيال موقف الجيش من الحراك الشعبي المطالب برحيل بوتفليقة ونظام حكمه؟؟ هل هو مع أو ضد؟؟

ومن السؤال الأول يتفرع سؤال آخر: إذا كان القايد صالح يقف مع الحراك الشعبي، فهل يتم ذلك عن اقتناع بمطالب الشعب..؟؟ أم عن طموح شخصي ورغبة جامحة في خلافة بوتفليقة..؟؟ أم أن الأمر برمته مرتب على ضوء اتفاق مسبق بين الرئاسة والجيش لنقل آمن للسلطة داخل منظومة الحكم…؟؟

القايد صالح “الممثل العاطفي”

بعد عودة بوتفليقة من سويسرا التقى الفريق قايد صالح قائد الأركان، وبحسب ما جاء به بيان رئاسة الجمهورية فإن الفريق قايد صالح أطلع رئيس الجمهورية على الأوضاع الأمنية في البلاد…

واضح أن بوتفليقة أخذ في الحسبان ما جاء في تقرير قائد الأركان وبناء عليه أخذ قرار التخلي الرسمي عن العهدة الخامسة وتأجيل الانتخابات وغيرها من القرارات التي اعتقد أنها ستهدأ غضب الشارع..

وواضح أيضا، أن تقرير القايد صالح كان حاسما، كانت فيه إشارات قوية لخطورة الوضع الأمني وعلاقته بحالة الغضب المتنامية في أوساط الشعب..

تعززت طموحات القايد صالح لخلافة بوتفليقة خاصة بعد دفن مشروعي التوريث والعهدة الخامسة نهائيا، فهو يتصور نفسه أحق الناس بخلافة بوتفليقة، ومما تواتر عنه قوله: “ما المانع أن أكون أنا الرئيس” وقوله لأحدهم في خضم النقاش الذي دار حول العهدة الخامسة قبل أن يترشح بوتفليقة: “إذا لم يترشح بوتفليقة سأترشح أنا..”..

هي بداية جس نبض بوتفليقة واستشعار مدى قبوله لفكرة التخلي عن السلطة وإيصال رسالة لبوتفليقة مفادها: بقاؤك في السلطة جزء من المشكلة وليس جزء من الحل، هي بداية تخلي القايد صالح عن بوتفليقة على غرار ما فعل طنطاوي مع مبارك..

نهاية بوتفليقة سياسيا تعني بداية أحلام القايد صالح الرجل القوي داخل النظام الجزائري، الذراع اليمنى لبوتفليقة ورجل ثقته… تعززت طموحات القايد صالح لخلافة بوتفليقة خاصة بعد دفن مشروعي التوريث والعهدة الخامسة نهائيا، فهو يتصور نفسه أحق الناس بخلافة بوتفليقة، ومما تواتر عنه قوله: “ما المانع أن أكون أنا الرئيس” وقوله لأحدهم في خضم النقاش الذي دار حول العهدة الخامسة قبل أن يترشح بوتفليقة: “إذا لم يترشح بوتفليقة سأترشح أنا..”.

عندما أسمع بيانات القايد صالح التي يثني فيها على “الشعب العظيم والواعي وعلى حسه الوطني وأسلوبه الحضاري الذي أبهر العالم في التعبير السلمي عن مطالبه” و”افتخار الجيش بالانتماء لهذا الشعب”… وغيرها من التصريحات التي تتغزل في الشعب… كلما أسمع كل ذلك.. أتذكر وصف الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل للمشير عبد الفتاح السيسي بـ “الممثل العاطفي”… الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل كان يسبح عكس التيار ويحذر من وزير الدفاع الانقلابي السيسي، تصريحات القايد صالح تذكرني بخطابات وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي العاطفية في فترة حكم محمد مرسي من عينة: “أنتم مش عارفين أنكم نور عيننا”.. “أدينا تتقطع وما تتمدش عليكم”..

هناك حالة من الإعجاب والانبهار بمواقف الجيش في الجزائر تشبه إلى حد بعيد حالة الإعجاب بالجيش إبان ثورة 25 يناير في مصر، وفي فترة ما قبل الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، إعجاب ترجم في مصر عشية ثورة 25 يناير بهتافات في الشارع من عينة “الجيش والشعب إيد واحدة” وعندنا: “الجيش والشعب خاوة خاوة”..

الشعب المصري احتفل بنقل السلطة إلى المجلس العسكري بعد تنحي مبارك، كما انخدع الكثيرون نخبة وشعبا بانقلاب عبد الفتاح السيسي على الرئيس المنتخب محمد مرسي.

عندنا قد يتكرر نفس المشهد تقريبا، في ظل خطة ممنهجة لتلميع الجيش وقائده، تحضير نفسي بزيادة الرصيد العاطفي نحو الجيش… وفي ظل انخداع النخبة وغفلتها تبرز دعوات ومناشدات للتدخل على خط الصراع الدائر، فهناك من يطالب الجيش صراحة بالتدخل وتصحيح المسار تحت ذريعة حماية خيار الشعب، البعض لم تعد له مشكلة في أن يقود الجيش مرحلة انتقالية، ولعل أقل الدعوات خطورة هي دعوة الجيش أن يكون ضامنا أو وسيطا لأي مبادرة تضمن انتقالا سلميا للسلطة…

الحراك العشوائي والانسداد المفتعل لاستدعاء الجيش

حالة الانسداد التي تخطط لها أطراف في الخفاء، وتسير في ركبها أطراف أخرى بحسن نية، قد تكون أجمل سيناريو لأفضل إقحام مبرمج لأصحاب “الأحذية الغليظة” مرة أخرى وإدخالهم إلى المشهد في أبهى حلة…

الأخطر من الدعوة الصريحة لتدخل الجيش، هي حالة الانسداد المفتعلة التي تخلق مناخا ملائما لتدخل الجيش برضا جميع الأطراف، الانتهاء إلى مرحلة “اللاّحل” و”الأبواب الموصدة” من الجميع، كلها أمور قد تجعل من تدخل الجيش تحصيل حاصل، بل ضرورة للخروج من أزمات الفراغ الدستوري والصراع على السلطة.

حالة الانسداد التي تخطط لها أطراف في الخفاء، وتسير في ركبها أطراف أخرى بحسن نية، قد تكون أجمل سيناريو لأفضل إقحام مبرمج لأصحاب “الأحذية الغليظة” مرة أخرى وإدخالهم إلى المشهد في أبهى حلة…

كل ذلك يختفي وراء مطالب قد تبدو شرعية، لكنها دعوات غير واقعية أو على الأقل غير منضبطة بآليات وحلول عملية ترسم خارطة المستقبل… دعوات إسقاط النظام والتغيير الجذري والرحيل الجماعي لرموز النظام مع عدم وجود آلية لذلك.. كلها تندرج في سياق عشوائية التخطيط وسوء إدارة الحراك… وحتى وإن وجدت الآليات، فلا ضامن لقبول جميع الأطراف بها، فهي تدخل في إطار سياسة التأزيم وغلق المنافذ المفضية إلى حل واقعي، ليبقى المخرج الوحيد والمتاح هو: تدخل الجيش…

القايد صالح مرشح بوتفليقة

هناك تحليل آخر ربما يكون له بعضا من المصداقية، وهو أن الصدمة التي خلفتها بيانات الجيش وقائده القايد صالح مفتعلة ومقصودة لذاتها، فهي تعمل على تكريس التغيير داخل مكونات النظام ذاته ولا تخرج عن منظومة الحكم التي تم فيها التوافق على نقل السلطة داخلها بطريقة أو بأخرى…

ومن هذا المنطلق، فإن بيانات الجيش الداعمة للحراك لا حدث، وتشبه إلى حد بعيد دعم أحمد أويحي ومعاذ بوشارب وعلي حداد وشلة العهدة الخامسة للحراك الشعبي، بل ودعوتهم السلطة للاستجابة لمطالب الشعب…

ربما خرجت تلك البيانات في سياق تلميع الجيش، وبالتالي الإبقاء على ورقته في وضع “العذرية السياسية التامة” و”الجاهزية الكاملة” لتسلم مقاليد السلطة في الوقت المناسب وفي إطار نفس منظومة الحكم، فيكون خيارا آمنا لخروج آمن لآل بوتفليقة ومن معهم، وبالتالي ما يهم بوتفليقة حاليا هو المخرج المشرف والآمن أيضا، ولن يجد أفضل من القايد صالح لتحقيق هذين الهدفين، لذا تحرص جماعة الرئاسة أن لا تحرق ورقة القايد صالح فتتحاشى أن تظهره في صورة الموالي لبوتفليقة وحاشيته، بل من مصلحتها أن يظهر أكثر تخندقا في صف الشعب وهو ما تم بنجاح تام وهذا من خلال القراءات المنتشية والمحتفية بالجيش وقائده…

ومما يعزز هذا الطرح هو أن بيانات القايد صالح كانت بصفته كنائب لوزير الدفاع، ومعلوم أن وزارة الدفاع بيد بوتفليقة باعتباره وزيرا للدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة، وجميع البيانات تمر على جماعة الرئاسة، ومن المستبعد أن تتضمن موقفا ضد الرئاسة، حتى وإن ظهرت في صورة دعم الحراك الشعبي، كما أن القايد صالح يظل تحت رحمة مرسوم رئاسي ينهي مهامه في أي لحظة، وليس من مصلحته استعداء جماعة الرئاسة (انظر كيف انتقلت لغة قائد الأركان من تهديد المتظاهرين في بداية الحراك إلى الإعجاب والإشادة بهم).

تدخل الجيش يعني نهاية الحراك

السياسة ليست ملعبا مناسبا للجيش على الإطلاق… الجيش عندما يقتحم ملعب السياسة يقتحمها بأدواته التي لا يملك غيرها (دبابات ومجنزرات…) فلا يمكنك مجاراته ولا حتى محاورته..

في جميع الأحوال تدخل الجيش بأي صورة مرفوض، قلت سابقا أن أسوء سيناريو يمكن تخيله هو أن يتدخل الجيش تحت أي ذريعة، حتى وإن كان استجابة لدعوات الجماهير الغاضبة، فلا يعقل أن ينفذ عسكري ما انقلابا لحساب غيره.. من يتوهم أن الجيش يباشر انقلابا ليأتي مدني فيحكم بدلا عنه فهو واهم…

السياسة ليست ملعبا مناسبا للجيش على الإطلاق… الجيش عندما يقتحم ملعب السياسة يقتحمها بأدواته التي لا يملك غيرها (دبابات ومجنزرات…) فلا يمكنك مجاراته ولا حتى محاورته، كنت قد نبهت في وقت سابق إلى خطورة استدعاء الجيش تحت أي ذريعة وتحت أي مسمى..

وهذا مقتطف من مقال:

أسوء من العهدة الرابعة

في الدول التي تحترم نفسها تضع حدا فاصلا بين السياسة والعسكر، والعسكري لا ينبغي له أن يدخل معمعة السياسة وهذا لعدة أسباب:

السياسي يستعمل قوة المنطق، أما العسكري بحكم تكوينه فلا يعرف إلا منطق القوة، السياسي يستعين بقاموس السياسة القائم على الملاعبة والمناورة والمكايدة وإجادة فنون الإقناع، أما العسكري فلا يستعين إلا بمخزون السلاح…”..

– ممارسة العسكر للسياسة هي ظلم للاثنين، فلا العسكري ينبغي له أن يمارس السياسة ولا السياسة تدار كما يجب بمنطق العسكري، فالسياسة كما يتضح من اسمها تحتاج إلى كياسة وفطنة وليونة، وتتطلب دهاءً وخبرة ومعرفة خبايا الأمور وتبعات القرارات، أما العسكرية فهي انضباط وحزم وقوة ومباشرة ..وبالتالي لا يلتقيان في نقاط عديدة…

– المؤسسة العسكرية يجب أن تكون محايدة والسياسة لا حياد فيها..

– أثبت التجربة أن العسكري إذا تسلم السلطة فلن يتركها بسهولة، ففي حالات نادرة فقط سلم فيها العسكريون السلطة لجهة مدنية منتخبة (في الوطن العربي يمكن أن نحصي حالتين فحسب: عبد الرحمن سوار الذهب وزير الدفاع السوداني الذي سلم السلطة لحكومة منتخبة بقيادة الصادق المهدي، والمجلس العسكري في مصر الذي سلم السلطة للرئيس المنتخب محمد مرسي).. السياسي يمكن أن يترك السلطة بالسياسة، أما العسكري في غالب الأحيان لا يترك السلطة إلا بعمل عسكري.

– السياسي يستعمل قوة المنطق، أما العسكري بحكم تكوينه فلا يعرف إلا منطق القوة، السياسي يستعين بقاموس السياسة القائم على الملاعبة والمناورة والمكايدة وإجادة فنون الإقناع، أما العسكري فلا يستعين إلا بمخزون السلاح…”..

طالع مقال “أسوأ من العهدة الرابعة” من هنا..

ads-300-250

المقالات المنشورة في هذا الركن لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

كن أوّل من يتفاعل

تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.

فضلا.. الرجاء احترام الآداب العامة في الحوار وعدم الخروج عن موضوع النقاش.. شكرا.