شاعر المنافي.. وثـالثـة الأثــافي ( الانقلاب ـ قسما ـ الصحراء الغربية)
بومدين لادغا ومُقرعا مفدي، في نصيحة أمام الناس فضيحة (الجزائر قد تزوّجت من زمان ولها رجلها "بعلها").
من يقرأ التاريخ لايدخل اليأس إلى قلبه وبعد:
كان الشاعر الثوري مفدي زكريا، متخما بالأدبيات السياسية والمنطلقات الفكرية لحزب الشعب قناعة لا بضاعة، وضل وفيا لهذه العقيدة المترعة بالنضال والمخضبة بسجون العدو، وقد مكنته فراسته الشعرية والكياسة السياسية أن يستشعر الانقلاب قبل حدوثه على أحمد بن بلة، فأبرق إليه برسالة “حجة الوداع” التي لم يفك شفرتها سي حميدة…
القصة 01: كان الشاعر الثوري مفدي زكريا، متخما بالأدبيات السياسية والمنطلقات الفكرية لحزب الشعب قناعة لا بضاعة، وضل وفيا لهذه العقيدة المترعة بالنضال والمخضبة بسجون العدو، وقد مكنته فراسته الشعرية والكياسة السياسية أن يستشعر الانقلاب قبل حدوثه على أحمد بن بلة، فأبرق إليه برسالة “حجة الوداع” التي لم يفك شفرتها سي حميدة، الذي كان غاطسا الى حد الثمالة في جمع “حزمة من الوزارات ورزمة من القرارات”، حتى وقع الفأس في الرأس عندما أطاح وزير الدفاع هواري بومدين في صيف 1965، بمكتشفه في باحة الأزهر، قائد لوس سابقا وقائد الوفد الخارجي وقائد رئاسة الجزائر الأولى.
لكن ضلت عورة بومدين في شرعيته ـ الانقلاب ـ التي سماها غنجا ودجلا ـ التصحيح الثوري ـ حيث شرع في البحث عن التزكية، فقد نالها حتى من أستاذه الذي انقلب عليه عبد الحفيظ بوصوف، الذي بارك الانقلاب، نكاية في سي حميدة، الذي انتزع الحكم من الباءات الثلاث،عندما علق مؤتمر طرابلس بكلمة “السروال”، وموقف بوصوف أشبه بتزكية عباس فرحات لهواري بومدين عبر مكتب تلمسان، نكاية في يوسف بن خدة الذي خلفه على رأس الحكومة المؤقتة، وقد امتدت يد بومدين تلتمس التزكية من مفدي زكريا.
لكن الشاعر الألمعي، رفض مطلقا تزكية حكم الدبابة، ولكن “الحقود الجلود” هواري بومدين لم ولن ينساها له، وقد أمهله حتى ثبّت حكمه بعد فشل انقلاب طاهر زبيري الذي “لّكمت” بن بلة في “بيجامته” في الثلث الأخير من الليل، وعجز عن الإطاحة بهواري بومدين “جهارا نهارا” من جسر العفرون، بدبابات نفذ “مازوتها” فأرخت عنقها للقيلولة تحت أشجار البرتقال في سهل متيجة، عندما تركها العقيد الفار على ظهر “دابة مسنة” نحو الحبيب بورقيبة (الكوع) لتدور الناعورة ويمن عليه بوتفليقة بعهدتين متتالتيين في مجلس الأمة، الذي دخله فاتحا متبخترا، وهو يتوكأ على عصاه تارة، ويهش بها على “تاريخه” تارة أخرى .
تضخم الأنا الأعلى، من الشوفونية الوطنية، عند هواري بومدين جعله ينصب سنة 1968 لجنة إنتقاء النشيد الوطني، أسند رئاستها لبن حميدة، ظاهرها مسابقة شعرية لانتقاء نشيد وطني جديد، وجوهرها سحب النشيد قسما من حنجرة مفدي زكريا حتى يغدو نسيا منسيا…
القصة 2: تضخم الأنا الأعلى، من الشوفونية الوطنية، عند هواري بومدين جعله ينصب سنة 1968 لجنة إنتقاء النشيد الوطني، أسند رئاستها لبن حميدة، ظاهرها مسابقة شعرية لانتقاء نشيد وطني جديد، وجوهرها سحب النشيد قسما من حنجرة مفدي زكريا حتى يغدو نسيا منسيا، لكن يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين، تمت المسابقة وترشح لها الشعراء بالأرقام لا بالأسماء، وكان الرقم الفائز هو 7 ولم يكن سوى السبع مفدي زكريا،الذي هزم كبرياء الستاليني بومدين، هذا الأخير قال كلمته الشهيرة في مفدي زكريا “أتركوه أتركوه”.. (دعوها فإنها مأمورة).
القصة 3: بعد حرب 1967، وتأميم المحروقات سنة 1971 وحرب أكتوبر سنة 1973، ثبت هواري بومدين حكمه بمواقفه وتموقعه، لكن بعد سنتين في 1975 قام المغرب باحتلال الصحراء الغربية، فثارت ثائرة بومدين الذي لم يتوان ولو لثانية في اعتناق قضية الصحراء الغربية في إطار تصفية الاستعمار، لكن مفدي زكريا سليل الرستميين، وأصيل حزب الشعب، لا يرى أي جدوى للحدود استقلالا أو احتلالا، وهو المتشبع لحد الثمالة بوحدة شعوب المغرب العربي الكبير، فناكف الخط البومديني الذي خطه على سائر الشعب (الوصاية والأبوة) عبر الثورات الثلاث (الصناعية والزراعية والثقافية) التي لم يمجدها مفدي زكريا بشعره رغم التماس صديقه مولود نايت بلقاسم منه ذالك، بعد أن أوعز له بومدين بقوله: (واش بيه صاحبك حرّن على الثورة الزراعية)، وفي رواية أخرى لعلي زويبدي أن هواري بومدين استدعاه إلى قصر الرئاسة، وطلب منه مباشرة وضع ديوان حول الثورة الزراعية ليقنع بها عموم الشعب.
لكن مفدي زكريا رفضها فغضب منه بومدين غضبا كبيرا، حتى قيل بأن مولود قاسم نايت بلقاسم هو من نصحه بالمغادرة الفورية اتجاه تونس، في المقابل قام مفدي زكريا بمدح بعض إنجازات الحبيب بورقيبة (الكوع) والملك الحسن الثاني (الكرسوع) الغريمين اللدودين لبومدين، الذي ثارت في نفسه نعرة الجاهلية، وهو الذي كان يصارع على لقب الزعامة عربيا، وينازع على لقب القيادة إفريقيا، فدفع بمفدي زكريا بأساليب يطول شرحها، إلى المنفى الاضطراري (قهرا) متنقلا بين المغرب وتونس حتى وافته المنية بها سنة 1977، بعد مسار حافل بالأبيات والنضالات، يمتد لنصف قرن من الزمن متصلا من الثلاثينيات إلى السبعينيات لم يمل ولم يكل، حتى غشته سكتة قلبية ـ رحمه الله ـ..
مفدي زكريا رفضها فغضب منه بومدين غضبا كبيرا، حتى قيل بأن مولود قاسم نايت بلقاسم هو من نصحه بالمغادرة الفورية اتجاه تونس، في المقابل قام مفدي زكريا بمدح بعض إنجازات الحبيب بورقيبة (الكوع) والملك الحسن الثاني (الكرسوع) الغريمين اللدودين لبومدين…
الشاهد01: في سنة 1975 عندما انعقد مؤتمر الأدباء العرب ومهرجان الشعر، الذي افتتحه هواري بومدين وقبل دخوله للقاعة المؤتمر صادفه مفدي زكريا، وكأن بومدين “يسالو حسيفة” خاطبه ماذا تفعل الآن، رد مفدي: جئت لألقي قصيدة عن الجزائر بنت العشرين (20 سنة من اندلاع الثورة المباركة) فلدغه ستالين بلهجة فيها قساوة وتقريع وتوبيخ (لكن الجزائر قد تزوّجت من زمان ولها رجلها) يقصد منذ الانقلاب 1965، بأني أنا من تزوجت بالجزائر وأنا بعلها.
الشاهد 2: دخل الرئيس هواري بومدين إلى القاعة، لحضور الإلقاء الرسمي لإلياذة الجزائر، وبعد التشريفات الرسمية والرمزية، وقبل أن تتم المناداة على الشاعر مفدي زكريا، ليتقدم للمنصة لإلقاء الإلياذة، غادر الرئيس هواري بومدين القاعة، وهو يتفحص المكان والرواق بعينيه الجاحظتين، حتى لا يرى أمامه شيء اسمه شاعر الثورة.. مفدي زكريا.
ملاحظة: منذ سنة 1994 تلقيت درسا في ثانويتي، العربي بن مهدي في بسكرة، على يد أستاذي الجليل في الأدب العربي، عبد الرحمان رزيق نجل الشهيد بلقاسم رزيق، أحد القواسم الثلاث “النوابغ ” في الزيتونة (بلقاسم زدور ومولود بلقاسم نايت بلقاسم وبلقاسم رزيق) حول إلياذة هوميروس اليونانية، وأتذكر جيدا كلمات درسه، عندما كان يثني على الشاعر مفدي زكريا، كونه الوحيد من شعراء العرب، الذي استطاع بمفرده محاكاة الإلياذة الإغريقية، في حين عجز أمامها العمالقة الثلاثة، من شعراء مصر دفعة واحدة عندما “تحزموا” لها: وهم أحمد شوقي (أمير الشعراء) وحافظ إبراهيم (شاعر النيل) وقاسم أمين (الشاعر الارستقراطي).
دخل الرئيس هواري بومدين إلى القاعة، لحضور الإلقاء الرسمي لإلياذة الجزائر، وبعد التشريفات الرسمية والرمزية، وقبل أن تتم المناداة على الشاعر مفدي زكريا، ليتقدم للمنصة لإلقاء الإلياذة، غادر الرئيس هواري بومدين القاعة..
عطف بعد لطف: للأمانة قد سقط من ذاكرتي إسم هذا الأخير(قاسم أمين) فحاولت تمشيط الذاكرة صعودا ونزولا، وبعد أن عجزت، هاتفت أستاذي عبد الرحمان رزيق (مدير المجاهدين للطارف وتيندوف وواد سوف سابقا) وذكرته بموضوع الإلياذة الذي مر عليه 26 سنة (ربع قرن) طالبا منه أن يذكرني بالاسم الثالث، فكان كريما سخيا بجوابه، وقد مازحته يبقى الإنسان تلميذا أمام أستاذه.
(قم للمعلم ووفه تبجيلا..كاد المعلم أن يكون رسولا).
الفايدة والحاصول: في اللقاء الأول والأخير مع “أنــا وهــم” مستشار، غريم الكوع والكرسوع، أنهال على مفدي زكريا “بالمسيطة” فلم يبق ولا يذر، على شاعر الثورة إلا وألصق به كل مثلبة، ليشفي غروره بالوكالة لهواري بومدين، الذي بقي إسمه معلقا بمدرج مطار شيمته، تهرب منه العملة نحو الخارج، وتعلق إسم مفدي زكريا، بنشيد يصطف له الوطن، وينحني له الزمن.
مــخ الهـدرة: لا تربط مصيرك بالأشخاص بل بالأفكار، فالناس تموت والأفكار تضل حية متقدة إلى يوم الديـن.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.
تعليق 7380
عبد الرحمن
الشمس لا تغطى بالغربال ، مهما اتسعت دائرته. ولله في خلقه شؤون!!!…
تعليق 7385
جلال بوبكرية
لقد قرات مقالك هذا و لم اجد من العنوان الا سطرا او سطرين، بيد انك و كما ارى تغتنم الفرصة للنيل من الرجل الذي يشهد له العدو قبل الصديق بمواقفه و انجازاته، فجملتك هذه…. “ولكن “الحقود الجلود” هواري بومدين لم ولن ينساها له “… لم اجد لها محل من الاعراب غير انك ابديت حقدك و كرهك للرجل.الذي هو ربما مكتسب ربما تاريخيا، و كما يقال”حين يسقط الثور يكثرناطحيه “
تعليق 8104
مسعود
بصراحة تحليل مليء بالروايات و القيل و القال….تحامل على بومدين بدون اي سند تاريخي او حتى شهود عايشوا الاحذاث… تحليل اقرب لنسج الخيال، و بعيد كل البعد عن النسج التاريخي للاحذاث بالمصادر و الشهود. حاول مرة ثانية، باكثر جدية و مصداقية.
تعليق 9326
Redouane
معلومات قيمة و مقال راءع الحقيقة تءالم خصوصا الشعبويين وحقيقة محاولته تغير النشيد الوطني للمرحوم مفدي زكريا رحمه الله دكرها الكاتب و الراوي امين الزاوي في مقال له متوفر ثم لمادا عاش في المنفى لانه كان يخشى الغدر و البطش والممثلة كثيرة لا مجال لدكرها هنا
تعليق 8471
أحمد أحمد
رحم الله المجاهد والشاعر المناضل الثائر مفدي زكرياء ، ولا عزااااااء للخونة .
تعليق 8784
واحد خاطم
مفدي زكريا امازيغي وليس عربي اصلا …
تعليق 8906
عبد العلي القادر
من الجلي انك قد نلت من خصيمك يوم القيام هواري بومدين، ماهذا الحقد والغل للمرحوم يافتى ، ليس للموتى القدرة على الرد على من تكلم فيهم. لذا اكبح احصنتك
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.
تعليق 7380
الشمس لا تغطى بالغربال ، مهما اتسعت دائرته. ولله في خلقه شؤون!!!…
تعليق 7385
لقد قرات مقالك هذا و لم اجد من العنوان الا سطرا او سطرين، بيد انك و كما ارى تغتنم الفرصة للنيل من الرجل الذي يشهد له العدو قبل الصديق بمواقفه و انجازاته، فجملتك هذه…. “ولكن “الحقود الجلود” هواري بومدين لم ولن ينساها له “… لم اجد لها محل من الاعراب غير انك ابديت حقدك و كرهك للرجل.الذي هو ربما مكتسب ربما تاريخيا، و كما يقال”حين يسقط الثور يكثرناطحيه “
تعليق 8104
بصراحة تحليل مليء بالروايات و القيل و القال….تحامل على بومدين بدون اي سند تاريخي او حتى شهود عايشوا الاحذاث… تحليل اقرب لنسج الخيال، و بعيد كل البعد عن النسج التاريخي للاحذاث بالمصادر و الشهود. حاول مرة ثانية، باكثر جدية و مصداقية.
تعليق 9326
معلومات قيمة و مقال راءع الحقيقة تءالم خصوصا الشعبويين وحقيقة محاولته تغير النشيد الوطني للمرحوم مفدي زكريا رحمه الله دكرها الكاتب و الراوي امين الزاوي في مقال له متوفر ثم لمادا عاش في المنفى لانه كان يخشى الغدر و البطش والممثلة كثيرة لا مجال لدكرها هنا
تعليق 8471
رحم الله المجاهد والشاعر المناضل الثائر مفدي زكرياء ، ولا عزااااااء للخونة .
تعليق 8784
مفدي زكريا امازيغي وليس عربي اصلا …
تعليق 8906
من الجلي انك قد نلت من خصيمك يوم القيام هواري بومدين، ماهذا الحقد والغل للمرحوم يافتى ، ليس للموتى القدرة على الرد على من تكلم فيهم. لذا اكبح احصنتك