زاد دي زاد - الخبر مقدس والتعليق حر

ملاحظة: يمكنك استعمال الماركداون في محتوى مقالك.

شروط إرسال مقال:

– النشر في “زاد دي زاد” مجّاني
– أن يكون المقال مِلكا لصاحبه وليس منقولا.
– أن يكون بعيدا عن الشتم والقذف وتصفية الحسابات والطائفية والتحريض.
– الأولوية في النشر للمقالات غير المنشورة سابقا في مواقع أو منصات أخرى.
– الموقع ليس ملزما بنشر كل المقالات التي تصله وليس ملزما بتقديم تبرير على ذلك.

فرنسيون.. في أجسادٍ جزائرية!!

فرنسيون.. في أجسادٍ جزائرية!! ح.م

مما لا شك فيه أن أي دولة في العالم تُقدس لغتها أو لغاتها الرسمية، وتسهر على الحفاظ عليها، ونشرها، وتعليمها، وتطويرها، فالصيني يفخر بلغته الصينية، والياباني، والتركي، وهكذا حال كل دول المعمورة.

وأن تقوم معلمة ما، في قسم ما، في مدرسة ما، بالتكلم بلغتها الأم، و بأسلوب جميل، ولغة سليمة، و تحبيب الأطفال للغتهم بذكر محاسنها حتى لو كانت -خيالية- هو أمر عادي جدًا، فحينما يريد المعلم الفرنسي تحبيب تلاميذه لغتهم الأم فيصفها بلغة الحب والرومانسية، هذا لا يعني إطلاقا أن باقي اللغات هي لغات للكره والحقد والبُغض، ولا يعني أن الرومنسية احتكرتها الفرنسية، وحينما يُريد المعلم الجزائري تحبيب لغته الأم لتلاميذه فيصفها بـ “لغة أهل الجنة” ليس معناها أن باقِي اللّغات هي لغات أهل النار بل مجرد “جُرعة” من الخيال لتحبيب هذا الطفل في لغته، فلا دليل مادي على صحة هذه الرواية، لكنها جُرعة لتحبيب ذلك الطفل في لغته، ونفس الشيء في المعلم الجزائري الذي يحبب لتلاميذه اللغة الأمازيغية، فيقول لتلاميذه أن لغته تتوارثها عن الأجداد وهكذا دواليك.
وهذا الأسلوب الخيالي ليس وليد اليوم، فالقصص الخيالية من القبعة الحمراء، والنملة والصرصور، وغيرها، هي قصص تحمل في طياتها معاني أخلاقية، ولا تعني أبدا أنها موجودة فعلا، فالخيال غالبا ما يكون أفضل أسلوب لإيصال الرسائل لذهن الأطفال إلى أن يشتد عودهم ويتمكنوا من استيعاب الأفكار، وينفتحوا على اللغات والأفكار الأخرى، بعد أن يكونوا قد بنوا قاعدة صلبة تتمثل في لغتهم الأم باستعمال مختلف الأساليب التي تمكن من بناء هذه القاعدة الصلبة.
لكن المفاجئ في الأمر، أن العديد مِمَن يُحسبون على الطبقة”المثقفة”، ومن ضمنها وزيرة التربية، هاجمت المعلمة التي تكلمت بلغتها الأم، تارة بحجة أنها قامت بتصوير التلاميذ بدون إذن أوليائهم، وتارة بحجة أن هذه المعلمة تريد فقط الشهرة والتسويق لنفسها، وتارة بحجة أنها تمثل فكرًا متطرفًا.. تذكروا.. فقط لأنها تكلمت بلغتها الأم!

الأصوات النشاز، وحتى تكسب بعض التعاطف، وحتى لا تكشف الغطاء الذي تختبئ تحته، تحاول نقل الصراع بين اللغتين الرسميتين العربية والأمازيغية، وراحت توجه كيلا من الإتهامات للغة العربية بلغة عربية!! وللمساندين للمعلمة، وتصفهم من على منبرها بـ “الجرذان” وتوصي بن غبريت ضربهم بالـ “حزام”، وأخرى محامية فتية تدعي الـ “حنان”، قالت أن التكلم باللغة الأم هو مجرد “تجارة رائجة” ..والأخيرة هي الـ “أميرة” التي لا تكل ولا تمل في ادعاء الحياد، ووصف مساندي من تكلم بلغته الأم بـ “التنوفيق”

في نفس السياق، والمؤسف فعلا، أن هذه الأصوات النشاز، وحتى تكسب بعض التعاطف، وحتى لا تكشف الغطاء الذي تختبئ تحته، تحاول نقل الصراع بين اللغتين الرسميتين العربية والأمازيغية، وراحت توجه كيلا من الاتهامات للغة العربية بلغة عربية!! وللمساندين للمعلمة، وتصفهم من على منبرها بـ “الجرذان” وتوصي بن غبريت ضربهم بالـ “حزام”، وأخرى محامية فتية تدعي الـ “حنان”، قالت أن التكلم باللغة الأم هو مجرد “تجارة رائجة” و لا تتناسى المسكينة المادة 8 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية التي لولاها لخسرت كل القضايا، والأخيرة هي الـ “أميرة” التي لا تكل ولا تمل في ادعاء الحياد، ووصف مساندي من تكلم بلغته الأم بـ “التنوفيق”.
وحتى تتحقق نبوءة أن يخرج الكوري لذم أخيه الكوري لأنه تكلم بلغته الأم، وحتى يخرج التركي لسب أخيه التركي الذي تكلم بلغته الأم والتي حدثت إلا في الجزائر.. فإن ما حدث من مد وجزر طيلة الأيام الماضية، في قضية “المعلمة التي تكلمت بلغتها الأم”، توضح جليا عُمق أزمة الهوية التي نعيشها، وتؤكد مما لا يدعوا للشك، أن هناك تدمير مُمنهج لمنظومة الهوية الجزائرية لجعل الجزائري كائن مُهجن لا حول له ولا قوة، لا يستطيع تكوين أي جملة أكاديمية مفيدة.
والساهرون على هذا التدمير هم منا، ويتكلمون بألسنتنا، لكن ولاؤهم لوليهم، وأجندتهم مضبوطة ومسيرة، ومتناغمة تناغم رقاص الساعة السويسرية..
ومن لا يُلاحظ ما حدث، ويحدث، وسيحدث، ولم يقتنع بوجود شيء يُدبر في الخفاء والعلن فهو أعمى البصر أو البصيرة..

ads-300-250

المقالات المنشورة في هذا الركن لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

كن أوّل من يتفاعل

تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.

فضلا.. الرجاء احترام الآداب العامة في الحوار وعدم الخروج عن موضوع النقاش.. شكرا.