الإبادة الجماعية في قطاع غزة استباحت كل السبل في محاصرة 2 مليون من السكان بما في ذلك الحرب الاقتصادية..
حيث اعتمد جيش الاحتلال الصهيوني السيطرة على الأسواق بالتحكم في الحركة التجارية وغلق المنافذ البحرية البرية فضلا عن المجال الجوي، مما جعل المنطقة تعيش تحت خط الفقر.
حرب مستمرة فرضت “اقتصاد الحصار” حيث تنهار القواعد الاقتصادية الطبيعية، وتنشأ حلقة مفرغة تجاوزت تأثيراتها آلية السوق، من نقص حاد للسلع يقابله زيادة الطلب، بسبب انهيار الإمدادات مما يؤدي إلى ارتفاع جنوني في الأسعار..
السبب الرئيسي لأزمة السيولة النقدية والفكة في قطاع غزة هو انقطاع الدورة الطبيعية للمال، والتي تعتمد أساسا على البنوك محرك هذه الدورة النقدية..
@ طالع أيضا: سيدة من غزة بين الركام.. من صور الصمود
في ظل شح السيولة النقدية وينعكس سلبا على المرونة المالية مسببا عجزا في القدرة الشرائية قد يصل إلى الشلل التام لأن الأموال القليلة المتوفرة بلا قيمة تقريباً.
أسباب شح السيولة النقدية في غزة
1 – توقف عمل البنوك
السبب الرئيسي لأزمة السيولة النقدية والفكة في قطاع غزة هو انقطاع الدورة الطبيعية للمال، والتي تعتمد أساسا على البنوك محرك هذه الدورة النقدية..
فتوقفها عن العمل ينجم عنه انعدام الإمداد، فلا يمكن ضخ أوراق نقدية جديدة في السوق لتعويض الأوراق التالفة فضلا عن تلبية الطلب.
بالإضافة إلى تجميد الودائع، فأموال الناس ومدخراتهم تصبح مجرد أرقام في دفاتر محجورة بلا قيمة..
ولا يمكن سحبها أو استغلالها عن طريق المعاملات الإلكترونية بالتحويلات والبطاقات الائتمانية، مما يجبر الجميع على الاعتماد حصراً على النقد المادي.
2 – اكتناز الأموال (Hoarding)
ظروف الحرب والشعور بالخوف من المستقبل وانعدام اليقين عوامل تسببت في خلق ظاهرة الاكتناز أي الاحتفاظ بكميات كبيرة من الأموال أو الموارد الأخرى دون استثمارها أو إنفاقها..
سواء كان ذلك لأغراض اقتصادية كالمضاربة برفع الأسعار، أو اضطراب نفسي يتضمن صعوبة في التخلص من الممتلكات عديمة القيمة، مما يؤدي إلى تراكمها وفوضى في مكان الإقامة..
أين يقوم من يملك القليل من المال بالتمسك به وعدم إنفاقه إلا للضرورة القصوى، وعليه يتم سحب كميات نقدية كبيرة من التداول وإخفائها.
3 – تلف العملة وخروجها من الدورة
بمرور الوقت، تتلف الأوراق النقدية وتتمزق وتصبح غير صالحة للاستخدام، حيث تقوم البنوك بسحب هذه العملات التالفة واستبدالها بأخرى جديدة كدورة طبيعية لحياة العملة المادية..
لكن في ظل الحصار، تبقى هذه الأوراق التالفة متداولة حتى ترفض تماماً، أو تخرج من الدورة بشكل نهائي، مما يقلل من الكتلة النقدية الفعلية .
4 – نقل الأموال للخارج
مع بداية الحرب تمكن بعض الأشخاص من مغادرة غزة حاملين معم مبالغ نقدية كبيرة، وبسبب الحصار، لا توجد أي طريقة شرعية أو سهلة لدخول أموال جديدة إلى المنطقة (مثل رواتب الموظفين من الخارج أو الحوالات المالية).
أسباب الارتفاع الهائل في أسعار المواد
@ طالع أيضا: أنت مسلم.. أنت مسؤول عن غزة
1 – التضخم المفرط
التضخم المفرط أو التضخم الجامح يحدث نتيجة زيادة عرض النقود في السوق، مما يؤدي لانخفاض قيمتها الشرائية، وحسب الخبراء الاقتصاديين فإن ندرة السلع هي السبب المباشر لغلاء الأسعار.
2 – انهيار سلاسل الإمداد
يمنع الحصار أو يقلل بشكل حاد دخول البضائع (غذاء، دواء، وقود، مواد أولية)، فعندما يقل المعروض من سلعة ما بشكل كبير بينما الطلب عليها لا يزال موجوداً (أو يزداد بسبب الخوف أيضا)، يرتفع سعرها بشكل رهيب.
3 – تدمير الإنتاج المحلي
الحرب تدمر البنى التحتية، المصانع والأراضي الزراعية، مما يقضي على أي قدرة على إنتاج السلع محلياً خاصة مع سياسة التدمير الشامل التي ينتجها جيش الاحتلال، مما يزيد من الاعتماد على السلع الشحيحة الواردة من الخارج.
4 – تكاليف المخاطرة والتهريب
الطريقة المنتشرة لدخول بعض البضائع هي عبر التهريب، لكن هذه العمليات محفوفة بمخاطر هائلة، وتكاليفها باهظة جداً وتضاف مباشرة إلى سعر السلعة النهائي الذي يدفعه المستهلك.
5 – ظهور السوق السوداء والاحتكار
بوجود الفوضى وغياب الاستقرار وسلطة القانون وكذا عمالة البعض للمحتل يسيطر عدد قليل من التجار أو المجموعات على السلع المهربة الشحيحة..
هؤلاء المحتكرون من تجار وصرافين يفرضون منطقهم المخالف دون أي رقابة ومع حماية ودعم من العدو، فيستغلون حاجة الناس ويرفعون الأسعار لتصير خيالية..
فمثلا واحد كيلوغرام من الدقيق يُباع بين 40 و50 شيكلا (15.27-12.22دولارا) حسب التحويلات النظامية.
المال النقدي الورقي المتوفر
السؤال المطروح هل المال النقدي الورقي الموجود هو ذاته منذ بدء الحرب؟ الإجابة : نعم، إلى حد كبير، فالكتلة النقدية الورقية الموجودة داخل المنطقة المحاصرة هي نظام مغلق وشبه ثابت..
لكن الأصح القول إن هذه الكتلة تتناقص ولا تزيدـ، أي لا توجد إضافة، فلا تدخل أوراق نقدية جديدة لتحل محل القديمة.
فعادة ما يحدث فقدان الأموال بسبب التلف، التمزق، الاحتراق، الفقد تحت الأنقاض، أو تخرج مع من يغادر ولا تعود..
إذن فإن الأموال التي يتداولها الناس اليوم هي في معظمها الأوراق النقدية نفسها التي كانت موجودة قبل عامين، ولكن عددها الفعلي الصالح للتداول آخذ في التناقص المستمر، مما يجعل أزمة السيولة أكثر حدة بمرور الوقت.
وضع مأساوي ضحيته المدنيين
هناك نقاط تفتيش صارمة يمكن القول عنها إجرامية، وإجراءات بيروقراطية معقدة، بالإضافة إلى الأوضاع الأمنية غير المستقرة التي تعيق حركة الشاحنات وتسبب تأخيرات طويلة حالت دون إيصال المساعدات وعرقلة دخول القوافل الإغاثية إلى غزة.
أمام الحاجة الهائلة لعدد السكان الكبير واحتياجاتهم التي تفوق أي كمية من المساعدات يمكن أن تصل القطاع ظهرت أزمة إنسانية تهدد صحة وسلامة ومستقبل الجميع حيث انتشرت الأمراض وارتفع عدد الوفيات، ودمرت المجاعة سبل العيش وتسبب في سوء تغذية شديد.
وجذير بالذكر أن بعض المساعدات تتلف بسبب طول مدة الانتظار عند المعابر الحدودية، أو بسبب الظروف الجوية السيئة، مما يقلل من فعاليتها.
في حين يبرز مشكل التوزيع غير العادل فقد لا تصل المساعدات إلى جميع المناطق المحتاجة بالتساوي، إما بسبب صعوبة الوصول أو لوجود تحديات في التنسيق بين الجهات المختلفة.
المشكلة ليست في نقص التبرعات بحد ذاتها، بل في التحديات اللوجستية والسياسية والأمنية التي تمنع هذه المساعدات من الوصول بشكل كافٍ وفعال إلى من هم في أمسّ الحاجة إليها..
كيف يتم التعامل مع هذه التحديات؟
من أجل التخفيف من حدة الأزمات التي يعاني منها سكان قطاع غزة يتم الاستعانة بما يلي:
@ طالع أيضا: معابر وقنوات إلكترونية لفك الحصار عن غزة
– التنسيق الدولي: تعمل المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة واللجنة الدولية للهلال الأحمر على تنسيق جهود الإغاثة مع جميع الأطراف المعنية لمحاولة تسهيل دخول المساعدات وتوزيعها بشكل أكثر فعالية.
– حلول بديلة: يتم اللجوء أحيانًا إلى طرق بديلة لإيصال المساعدات مثل الإنزال الجوي أو الممرات البحرية، ولكن هذه الطرق مكلفة وذات كفاءة أقل مقارنة بالطرق البرية.
– المساعدات المالية: التبرعات والدعم المالي الذي يقوم به الأفراد وأرباب الأعمال ولكن مع وجود تضييق كبير.
– القنوات ووسائل التواصل الاجتماعي: تعتبر هذه القنوات معابر إلكترونية ومصدر رزق لأرامل وأيتام ومرضى وناس محتاجة ولو أن الجميع محتاج في غزة الصامدة وسط صمت المجتمع الدولي على جرائم الحرب الصهيونية.
إذن، المشكلة ليست في نقص التبرعات بحد ذاتها، بل في التحديات اللوجستية والسياسية والأمنية التي تمنع هذه المساعدات من الوصول بشكل كافٍ وفعال إلى من هم في أمس الحاجة إليها..
وطبعا عدم التزام جيش الاحتلال بأي قانون دولي أو احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية مواصلا حرب الإبادة.
نتقدم بالشكر والتقدير لكل من ساهم في إنجاز هذا العمل
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.