يوم من 27 جانفي 1942 ولد رجل كتب الله له ليكون صوتًا يمثل التيار الإسلامي في الجزائر رفقة شخصيات دينية أخرى، إنه الشيخ محفوظ نحناح..
هو من مواليد البليدة خريج الجامعة الجزائرية بشهادة ليسانس في الأدب العربي، تابع دراساته العليا بجامعة القاهرة بمصر وخريج مدرسة الإرشاد التي أسستها الحركة الوطنية بقيادة الشيخ المحفوظي، بدأ نشاطه الدعوي عام 1960..
ويقال أنه كان متأثرا بفكر الشيخ محمد الغزالي لاسيما كتابه (ظلام من الغرب)، كما عرف برجل “المعارضة” في شكلها الحضاري.
تعرض لكثير من المضايقات والإعتقالات ودخل السجن بعد إدانته بـ: 15 سنة في عهد الراحل هواري بومدين لمعارضته الميثاق الوطني والدستور، ليطلق سراحه في أحداث أكتوبر 1980..
مؤسس جمعية الإرشاد والإصلاح في 12 فيفري 1989 وهو التاريخ الذي تأسست فيه رابطة الدعوة الإسلامية بقيادة الشيخ أحمد سحنون، وبتاريخ 06 نوفمبر 1990 أسس حركة المجتمع الإسلامي التي كانت تنشط في السرية التامة منذ بداية الإستقلال.
وقد عرفت حركة المجتمع الإسلامي بحركة “الإخوان في الجزائر” لتبنيها الفكر الإخواني في مصر وانتهاجها طريقه.
كان الشيخ محمد أبو سلمان (البعض يلقبه الشيخ بوسليماني) يده اليمنى ومن المقربين منه، حيث خرجوا إلى المعارضة ضد النظام وطريقة الحكم في الجزائر.
كان يردد في خطاباته: “نحن لا نرفض الديمقراطية ولا الشورى، فمن قبل الديمقراطية قلنا له تعال نحن أهل ديمقراطية، و من رفضها وقال بالشورى قلنا له تعالى أهلا بك نحن أصحاب شورى”..
إلا أن هذه الحركة كانت منفتحة نوعا ما، لدرجة أن البعض وصف مؤسسها (نحناح) برجل “الشوراقراطية”، لأنه كان في خطاباته يردد: “نحن لا نرفض الديمقراطية ولا الشورى، فمن قبل الديمقراطية قلنا له تعال نحن أهل ديمقراطية، و من رفضها وقال بالشورى قلنا له تعالى أهلا بك نحن أصحاب شورى”، ويضيف بأن الديمقراطية ليست وحشا أو ديناصورا وإنما هي خروف.
فقد كان يرى أنه لابد من وجود منطلقات لبناء الدولة الإسلامية، ولذا كانت بعض رسائله توجه للعلمانيين الذين قسمهم إلى صنفين: الأول محاور منفتح والثاني منغلق على ذاته، و هو بذلك كان يقصد الطرف الثاني ليدعوه إلى الحوار.
كما أن هذه الرسائل كان يوجهها أيضا إلى الرجل الثاني في الفيس الشيخ علي بلحاج الذي كان يفتي بأن الديمقراطية كفرٌ، وكان يخرج وأتباعه في شوارع العاصمة في مظاهرات رفعت فيها لافتات: “لتسقط الديمقراطية”..
الملاحظ أن الأجواء التي ولدت فيها الحركة الإسلامية في الجزائر وخروجها من السرية إلى العلن اتسمت بالإنقسامية، فظهور أحزاب إسلامية ثم ظهور رابطة الدعوة الإسلامية، ثم الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وحركة حماس وتبعتها أحزاب إسلامية أخرى أخلط أوراقهم جميعا.
كان التشتت بدلا من التحالف و هذا بسبب الإختلاف في الأفكار و التوجهات، رغم أن الغاية كانت واحدة و هي تطبيق شرع الله و بناء الدولة الإسلامية، كما أن البعض كان يعيب على الشيخ محفوظ نحناح لدعوته إلى التحالف مع القوى الوطنية و الإسلامية و هو ما اعتبره البعض ضربا لوحدة الإسلاميين.
يقول مختصون في الحركات الإسلامية أن الشبخ عباسي مدني زعيم الفيس أعطى للحركة الإسلامية في الجزائر و بعد أحداث أكتوبر 1988 بُعْدًا جماهيريا شعبويا، و الشيخ محفوظ نحناح ربطها بالنزعة الوطنية القومية بمعناها الباديسي والبناوي (نسبة إلى مالك بن نبي).. أما الشيخ عبد الله جاب الله، فقد دعا إلى محاربة الشعبوية داخل الحركة الإسلامية و السير في الإتجاه الإنتلجنسي.
خلاصة القول أن الحديث عن زعماء الحركة الإسلامية في الجزائر منذ الأمير عبد القادر إلى يومنا هذا حديث ذو شجون، ولكل حركة إسلامية لها أفكارها ومنهجها الدعوي وأسلوبها وخطابها الديني سواء كان خطابا سلميا حضاريا أو مسلحا..
وهذا يحتاج إلى قرارات متلأنية و مراجعات في أساليب الدعوة الإسلامية في الجزائر وإن كانت قد حققت نجاحا أم لا؟ وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال: “ماهو مستقبل الحركات الإسلامية في الجزائر وفي العالم الإسلامي كله؟.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.