أسطول الصمود لم يكن مجرد سفن تتجه نحو غزة، بل كان مرآة تكشف معدن الرجال والنساء حين يذوب كل خلاف أيديولوجي أمام هدف واحد اسمه الإنسانية.
على متن هذه السفن اجتمع الإسلامي والعلماني واليساري والملحد والليبرالي والمحافظ، وكلهم تركوا اختلافاتهم جانبا لأن القضية أكبر من كل الشعارات، كسر حصار وتجويع وقتل ممنهج لشعب بأكمله.
الهجوم على عبد الرزاق مقري، والتشفي فيه لأنه إسلامي، ليس سوى أزمة أخلاقية عميقة!
من لا إنسانية في قلبه هو خطر على نفسه وأسرته قبل أن يكون خطرا على المجتمع، ومن يفرح بعذاب الآخرين لا يحتاج إلى منبر أو منصة، بل إلى علاج في مصحة طبية تعيد إليه ما تبقى من ضميره.
فأن تهاجم شخصا فقط لأنه يخالفك فكريا بينما هو يعرض نفسه للخطر دفاعا عن المظلومين، فهذه قسوة قلب لا علاقة لها بالسياسة..
ومن لا إنسانية في قلبه هو خطر على نفسه وأسرته قبل أن يكون خطرا على المجتمع، ومن يفرح بعذاب الآخرين لا يحتاج إلى منبر أو منصة، بل إلى علاج في مصحة طبية تعيد إليه ما تبقى من ضميره.
الأكثر إيلاما هو أن يصل الحقد إلى سيدة في عمر الجدة، تُهاجَم بعشرات التعليقات القاسية لمجرد أنها اختارت موقفا إنسانيا.
أي وضاعة تدفع إنسانا لمهاجمة امرأة مسنة بدل أن يحترم صمودها؟ من يمارس ذلك يحتاج إلى علاج عاجل، لأنه يفضح خللا نفسيا لا يهدد المجتمع فحسب بل أسرته القريبة أيضا.
في هذه اللحظة، من واجب كل إنسان أن يعلو فوق الفوارق، أن يرى في خصمه قبل صديقه إنسانا يستحق التقدير إن وقف مع الحق.
@ طالع أيضا: أسطول الصمود.. هذه قائمة الجزائريين المعتقلين
لو كان عدوك في تلك السفينة لوجب عليك أن تدافع عنه، لأنه يمثلك وينوب عنك في معركة الكرامة التي تخلفت عنها.
ما لا يفهمه هؤلاء الذين يقضون ساعات نومهم الطويلة ثم يستيقظون ليطعنوا في الشجعان من خلف الشاشات، أن من ترك أهله ووطنه وركب البحر لم يفعلها من أجل حزب أو شعار، بل من أجل إنسانية مشتركة..
هم يخففون عنك أنت بالذات، لأنك تقاعست عن نصرة المظلومين فاكتفيت بالفرجة والتعليق.
حتى خلال ثورتنا، لم يكن النصر ملكا لأيديولوجية واحدة رغم تعدد الأطياف، بل انصهرت كلها في بوتقة واحدة، لأن الهدف كان أوضح وأسمى، الكرامة والحرية والإنسانية.
واليوم المشهد يتكرر مع غزة، وكل من يشوه هذه الحقيقة أو يفرح بسقوط إنسان في يد الاحتلال الصهيوني، إنما يعلن إفلاسه الأخلاقي قبل إفلاسه السياسي.
هذه ليست قضية مقري أو زبيدة أو غيرهما، إنها قضية الإنسانية التي توحد كل حرّ في وجه الظلم، ومن يخاصمها اليوم إنما يخاصم الضمير نفسه..!
@ طالع أيضا: لا تُجادلوا الميت، بل امضوا مع الأحياء!
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.