تعتبر أزفون واحدة من المدن الجزائرية العريقة بتاريخها القديم المدون على حجارة جدران عمرانها الصامد منذ آلاف السنين بتحدي العوامل الطبيعية والمعاول البشرية للغزاة لتظل ها هنا تفاخر بمناظرها ومعالمها الشاهدة على تقاطع الحضارات على أرضها الغناء.
اليوم تحيا هذه المدينة الساحلية بتقاليدها العريقة وعاداتها الطيبة على أمل تحقيق الأفضل وبلوغ قمة التفوق مثل قمم جبالها المكسوة بخضرة متدرجة المستويات تنبض بالحياة، يلوح منها سحر الجمال الذي يغري كل من يراها بالاقتراب أكثر والتعرف إليها والكشف عما خباياها.
أزفون.. تاريخ وأمجاد
تقع أزفون على تلة يتجاوز ارتفاعها 450 متر، وتبعد بحوالي 65 كلم شمال ولاية تيزي وزو 105 كلم شرق الجزائر العاصمة، تقدر مساحتها بـ 125.55 كم².
يحدها البحر الأبيض المتوسط شمالا وبلدتي أكرو وأغريب جنوبا، أما من الشرق فتجاورها بلدة آيت شفعة ومن الغرب إفليسن.
رغم الأساليب الوحشية في تهجير الأهالي وسلب أراضيهم وممتلكاتهم إلا أنه في النهاية عادت الأرض لأناسها الأصليين والذين تجاهلوا إسم قيدون ونادوها باسم “أزفون”.
حسب بعض المصادر التاريخية فإن بلدة أزفون تقبع فوق آثار مدينة رومانية يعود تاريخها حوالي 200 سنة قبل الميلاد، حيث بقي جزء من المعالم ثابتا على الأرض منها خزانات المياه والحمامات الساخنة، فضلا عن صوامع تخزين الحبوب وحفظها التي مازالت آثارها موجودة.
أما عن أزفون الحالية فقد تم إنشاؤها أثناء حقبة الإستعمار الفرنسي قرابة سنة 1870 م، وأطلقت عليها تسمية “قيدون بور” بمعنى “ميناء قيدون”، نسبة إلى لوي هنري كونت قيدون المعروف في الجزائر باسم “دي قيدون” والذي عين حاكما عاما على الجزائر في 25 مارس /آذار 1871م..
وقد أصدر في 15 سبتمبر من عام تعينه قرارا يقضي بانتزاع أراضي الجزائريين المشاركين في المقاومات الشعبية ضد الوجود الفرنسي، ومنحها للمهاجرين الجدد القادمين من منطقتي الألزاس واللورين.
وتحولت عام 1881 إلى بلدية إدارية مختلطة يقطنها عدد كبير من المعمرين أغلبهم من عائلات فرنسية، والبقية من اليهود، والإيطاليين والمالطين.. أما السكان المحليين فكان عددهم قليل جدا مقارنة بالمستوطنين الجدد.
ورغم الأساليب الوحشية في تهجير الأهالي وسلب أراضيهم وممتلكاتهم إلا أنه في النهاية عادت الأرض لأناسها الأصليين والذين تجاهلوا إسم قيدون ونادوها باسم “أزفون”.
أصل التسمية
في العهد الروماني، سميت المنطقة “روسازوس” وضمت قاعدة عسكرية استراتيجية مرتفعة ومطلة على البحر.
وحسب العلامة ابن خلدون فإنه يربط هذا الاسم “أزفون” باسم قبيلة بربرية عمرت في المكان، في حين أن التقاليد المحلية تجعله مشتقًا من إسم سمكة أو قشريات (والتي قد تكون جراد البحر) ولكن لا يوجد في المفردات البربرية ما يؤكد هذه الفرضية.
البحر.. زرقة لامعة وصفاء سرمدي
رغم جمال الجبال الشامخة والغابات الغناء المتوزعة بين الأراضي الفلاحية المنتجة إلا أن البحر هو الآخر آية من الجمال بشواطئه الهادئة، وثروته المكنوزة.
شاطئ “الجنة الصغيرة” المتواجد غربا فإن له حظا كبيرا من تسميته، إذ يجمع مناظر ساحرة تزيدها الرمال الذهبية المتلألئة تحت أشعة الشمس بريقا.
فمثلا شاطئ “كروبي” على المدخل الشرقي لمدينة أزفون وجهة سياحية مفضلة للسكان المحليين والأجانب الذين يتوافدون عليه كل صائفة للاستمتاع بالمناظر الطبيعية والراحة والاستجمام بين الزرقة والخضرة.
أما شاطئ “الجنة الصغيرة” المتواجد غربا فإن له حظا كبيرا من تسميته، إذ يجمع مناظر ساحرة تزيدها الرمال الذهبية المتلألئة تحت أشعة الشمس بريقا.
أرض أزفون.. خيرات ومستودع رزق
تغطي أشجار التين والزيتون مساحات واسعة من أرض أزفون، مشكلة غابات غناء وبساتين ممتدة، فهي تشكل جزء من الحياة ومصدر رزق للسكان.
زيت الزيتون والتين الطازج والذي يكون حاضرا أيضا كفاكهة مجففة من ضروريات فطور الصباح لدى كل العائلات ولا يتميز الغني عن الفقير أو الصغير عن الكبير في الاستمتاع بهذه الوجبة الصحية الشهية.
فمع شروق الشمس تكون عملية قطف ثمار التين الناضجة انتهت وسلال القصب المفروشة بأوراق التين الخضراء مليئة لتشكل غذاء يوميا هاما يُضاهي حلاوة العسل ويزود الجسم بالطاقة فالأرض يوميا تستقبل من يخدمها لتخرج العطايا كل موسم.
@ طالع أيضا: وادي سوف.. “الحراك الأخضر” في صحراء الجزائر
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.