كنت أشرت في أكثر من منشور سابقا إلى خطورة اجتماع لحظتي "وهم الانتصار" و"مصيدة الهزيمة" لما يشكله ذلك من خطر حقيقي على مستقبل المجتمع والدولة معا..
أزعم أننا لسنا بصدد نهاية الحرب بين إيران و”إسرائيل” ولكن هي جولة من صراع ممتد انتهت بخلق لحظتي “وهم الانتصار” الاسرائيلي و”مصيدة الهزيمة” الايرانية.
لأنهما يعملان وبشكل تساندي على خلق وضع متصور يكون في أغلب الأحيان مضللا يعتقد فيه أحد أطرافه أنه حقق انتصارا يسمح له بفرض أجندته وقواعد لعبة تناسبه وهو ما يزيد في عزلته، بينما يعتقد الطرف الٱخر أنه خسر رهانه وأصبح غير قادر على فرض رؤيته ليستسلم لليأس ويفقد الأمل في التغيير وفق الاليات القائمة.
وهكذا تصبح العملية السياسية بلا معنى ويبدأ الطرفان وبشكل منفصل لكن متساند في التفكير في أساليب جديدة ترتبط في الغالب الأعم بمنطق القوة وأسلوب العنف..
@ طالع أيضا: هكذا تغيّرت مواقفنا ودوائر اهتمامنا؟!
فالطرف الذي يكون ضحية لوهم الانتصار يلجأ للقوة لفرض الأمر الواقع بينما يعتمد الطرف الذي يقع في مصيدة الهزيمة العنف لرفض الواقع.
وبتطبيق فكرة اجتماع “وهم الانتصار” و”مصيدة الهزيمة” على الصراع بين إيران و”إسرائيل” يمكن أن نفهم كيف يتجه هذا الصراع نحو مزيد من التصعيد والخطر، بعكس ما يسوق له البعض اليوم مع تآكل منطق السياسة وانزلاق الطرفين نحو الاحتكام لمنطق القوة ورفض الواقع القائم.
فـ”إسرائيل” التي تعيش لحظة “وهم الانتصار” بدعم غربي غير محدود تعتقد أنها في موقع تفوق استراتيجي شامل (عسكري، تكنولوجي، استخباري، دبلوماسي) وهو ما يدفعها للتصعيد لفرض مزيد من الشروط والتمسك بتفوق أحادي ورفض أي صيغة تسوية لا تتوافق ومشروع “إسرائيل الكبرى”.
في حين تعيش إيران ومعها كل أطراف محور المقاومة خصوصا منها حزب الله لحظة “مصيدة الهزيمة”.
@ طالع أيضا: “إسرائيل” ليست إلها وهي أوهن من بيت العنكبوت
فإيران ومن معها يشعرون بعد الضربات المتكررة خصوصا بعد استهداف المشروع النووي الايراني وتصفية قادة الجيش والحرس الثوري واغتيال مجموعة من العلماء الايرانيين وقبلهم اشتشهاد قادة المقاومة (هنية، السنوار، الضيف، …) وقادة حزب الله (نصر الله) بأنهم عاجزون عن فرض معادلة متكافئة.
هذا الشعور يٌنتج رغبة في رد الاعتبار وإعادة بناء قواعد اشتباك جديدة بالقوة.
خصوصا في ظل فشل المجتمع الدولي في لجم التغول الاسرائيلي وهو ما يزيد من القناعة بأن الطرق الدبلوماسية غير مجدية وأن الخيار الوحيد هو مقاومة عنيفة وطويلة الأمد واعادة بناء المشروع النووي وربما حتى اكتساب السلاح النووي.
هي جولة من الصراع بين المشروعين الايراني والصهيوني انتهت لكن الصراع ذاته مستمر ولن ينتهي إلا بسقوط وانهيار أحد المشروعين وهو أمر غير وارد على الأقل في المدى القصير والمنظور…
ونتيجة لاجتماع اللحظتين ينزلق الطرفان خارج الإطار السياسي التفاوضي لينخرطا في حلقة عنف مفرغة يمكن أن ينتج عنها مسارات مختلفة منها:
– استنزاف طويل المدى بدون حسم.
– تصعيد مفاجئ في لحظة خطأ حسابي.
– تآكل تام للنظام الدولي وللشرعية الدولية.
– تمدد السلوك العدواني إلى دول اخرى وساحات غير مباشرة.
وعليه أزعم أننا لسنا بصدد نهاية الحرب بين إيران و”إسرائيل” ولكن هي جولة من صراع ممتد انتهت بخلق لحظتي “وهم الانتصار” الاسرائيلي و”مصيدة الهزيمة” الايرانية.
وهو ما يشكل خطرا مركبا يقود الطرفين إلى اعتماد منطق القوة لإعادة بناء واقع جديد. وهو ما يهدد ليس فقط أمن المنطقة بل أمن واستقرار النظام الدولي كله…
باختصار هي جولة من الصراع بين المشروعين الايراني والصهيوني انتهت لكن الصراع ذاته مستمر ولن ينتهي إلا بسقوط وانهيار أحد المشروعين وهو أمر غير وارد على الأقل في المدى القصير والمنظور… ربما.
@ فضيحة لترامب: برنامج إيران النووي لم يتمّ تدميره؟!
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.