جولة قادتني بين رياض مشائخ وأئمة وخطباء ودعاة ووعاظ تويتر، وقد زرت 15 حسابا لأشهرهم، وهم على التوالي: نبيل العوضي، عائض القرني، عوض القرني، محمد العريفي، عادل الكلباني، سلمان العودة، ناصر العمر، حسن الحسيني، وسيم يوسف، عبد العزيز الفوزان، عمرو خالد، طارق السويدان، طارق الحبيب، عدنان العرعور، علي الربيعي، وهم موزعون جغرافيا على مصر، والبحرين، والإمارات، والكويت، والسعودية، وسوريا.
وقد قمت بحملة مسح وتصفح لتغريداتهم، منذ بداية شهر (جوان يونيو حزيران) الجاري، لأرى من يقوم بالتهدئة، أو من يدعو للم الشمل، أو من يفتي بحرمة التفرق ووجوب الوحدة، ولكني وجدت أمرا مذهلا في ظاهره، وغير مستغرب في باطن المتابع الواعي، وهو أن الجميع أجهش بالتغريد، وتدفق بالكتابة، وانهال بالتدوين، ولكن ليس في مجال تشريح مستجدات الحلبة الخليجية، بعدما شفطها وحلبها ترامب الدين الأمريكي، بل انصبت جلها في مجال اللطائف والفضائل والرقائق، حتى أن أحدهم وجد راحته في ذكر موضوع تقبيل الزوجة، ومباشرتها في نهار رمضان، وكأن الدنيا فرغت من المواضيع الهامة والأولويات الأهم.
الملاحظ أن من بينهم من حافظ على ميولاته، في إذكاء وإثراء الجدالات الطائفية والمذهبية، حتى يحافظ على الدعم والمتابعة، من سادته وكبرائه، وتلامذته ومؤيديه.
الجميع أجهش بالتغريد، وتدفق بالكتابة، وانهال بالتدوين، ولكن ليس في مجال تشريح مستجدات الحلبة الخليجية، بعدما شفطها وحلبها ترامب الدين الأمريكي، بل انصبت جلها في مجال اللطائف والفضائل والرقائق، حتى أن أحدهم وجد راحته في ذكر موضوع تقبيل الزوجة، ومباشرتها في نهار رمضان..
وهناك من شمر عن ساعده، وشحذ يراعه، واستل صفحته، لا ليشرح رؤيته وتصوره للموالين والمريدين، وهم بالملايين، محدثا إياهم عن وضع الأمة المتردي، وما يهدد أمن الخليج القومي، من تدهور إقليمي ومحلي، وتنامٍ للإرهاب والتطرف الديني، بل تجده يصول ويجول مبارزا، في حض وحث ودعوة ودفع الناس، إلى جمع التبرعات، ضمن حملات يعلم الله أين تذهب أموالها، ومن يشرف أصلا عليها ويصرفها، وهذا شبيه تماما بمصير أموال الحج المعاصر، تحت حكم آل سعود.
بعض الأسماء البارزة آثرت الغوص والغرق، والسباحة في عالم التنمية البشرية، والتدريب الذاتي والمؤسسي، بعيدا عن الاصطياد في مياه عكرة مخيفة، قد يكون التمساح أو القرش مندسا تحتها، مخافة الهلاك لا سمح الله تبارك وتعالى.
وهناك من يحنن قلوب البؤساء من المسلمين على بعضهم، وتناسى أموال الشعوب التي صرفت لترامب وميلانيا وإيفانكا، وما أكل السبع وعاف، والتي لو وجهت لأوطان العرب لأحالتها جنات ساحرة.
خلافا للأغلبية وجدنا شخصا يسمى وسيم يوسف، وهو إماراتي من الدعاة الجدد، ممن صنعهم الإعلام الديني على المقاس، حتى أن قناة النهار الجزائرية قامت باستضافته، وآثرته على كل شباب البلاد ومبدعيها، وموهوبيها ومفكريها، علها وعساها تحقق به غرضا في نفس يعقوب، ورغم أن هذا الداعية ما زال فتي السن، إلا أنهم ينادونه بالشيخ، وله متابعون يفوقون المليون، وهو يبتسم كثيرا، تماما كالعريفي وعمرو خالد، إلا أن إطلالة واحدة على صفحته تكفي، لارتسام علامات الدهشة، حتى يظن الظان أنها ليست صفحة وسيم يوسف، بل صفحة يوسف العتيبة، وهو السفير الإماراتي في واشنطن، وقد طغي على تغريدات الشيخ فيها حنق شديد على جارته قطر، حيث امتلأت كلماته تحريضا شديدا وقذفا، وصبا للزيت على النار كثيرا، لتزداد الخلافات لهيبا، وهذا فضلا عن ردود له، بشأن مناوشاته، مع رفقاء المهنة والهواية والهوى.
ما خرجت به من جولتي التعيسة بين هذا وذاك؛ هو أن الخطاب الديني صار خاضعا للسوق، مكرِّسا للصنمية، مرهونا بالعرض والطلب، مصبوغا بطمع الجيوب لا بصدق القلوب..
الإشكال أن هؤلاء كانوا فرسانا يخوضون حربا إعلامية وإعلانية بلا هوادة، عندما تعلق الأمر بالاضطرابات والمعارك داخل العراق والشام، فهم الذين أخبرونا بجديدهم عن احتراق حلب، ومذابح الفلوجة، مع العلم أن الحرب كانت ولا تزال قائمة بين العملاء والدواعش من جهة، وجيوش نظامية أو مساندة من جهة أخرى، دون أن نهمل ما سجلوه من فخر بضرب اليمن، واعتزاز بملاحم الحزم الأسطورية.
ما خرجت به من جولتي التعيسة بين هذا وذاك؛ هو أن الخطاب الديني صار خاضعا للسوق، مكرِّسا للصنمية، مرهونا بالعرض والطلب، مصبوغا بطمع الجيوب لا بصدق القلوب.
ولذلك فلا غرابة في أن الله ينتقم الآن بطريقته، من كل قرية ظالمة، ساندت السكوت عن قول الحق، ودعمت كل الساكتين عن قوله، ثم أصابها الجزع من هول هوانها، متجاهلة خنوعها، مستفسرة عن تراكم هزائمها، وتوقف اللطف والمدد الرباني عنها.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.