هذا قبر زميلي وأخي وشقيقي حمزة بركاوي، هنا سيقضي ليلته، هذا كل نصيبنا من الدنيا، شبر واحد لا أكثر من ذلك.
لم يأخذ حمزة معه معجبيه ولا ابنتيه ولا أصدقاءه على كثرتهم ولا الدنانير الزهيدة في حسابه البريدي.. لا شيء غير أفعاله وأخلاقه وحسن تربيته وعمله الصالح وقلبه السليم وقربه من الله خصوصا في أيامه الأخيرة.
هناك سيلقى من انتقص منه، ومن تنمر عليه، ومن لم يحترم إنسانيته، ومن شكك في مرضه، ومن عرض حياته للخطر، ومن لم يأبه لتوسلاته حين كان بحاجة إلى إجراء “سكانير”، ومن سبق عليه معارفه في المستشفى.. ومن ظلمه، ومن خصم من مرتبه، ومن اغتنى على ظهره دون أن يسأل هؤلاء “المديرون الأثرياء” الذين كان يقدم لهم ولسنوات طويلة 12 ساعة وأكثر من وقته يوميًا، سؤالا واحدًا على أنفسهم: لماذا لم يقدر حمزة على إجراء “سكانير” في عيادة خاصة؟
💢 حمزة كان يعيش في سلام داخلي يمنعه من دخول المعارك القذرة، لم يكن يسمح لأحد أن يجره إلى ملعبه، لكن عند الله لا بد أن تلتقي الخصوم..
💢 وهناك سيلقى من انتقص منه، ومن تنمر عليه، ومن لم يحترم إنسانيته، ومن شكك في مرضه، ومن عرض حياته للخطر، ومن لم يأبه لتوسلاته حين كان بحاجة إلى إجراء “سكانير“، ومن سبق عليه معارفه في المستشفى..
ومن ظلمه، ومن خصم من مرتبه، ومن اغتنى على ظهره دون أن يسأل هؤلاء “المديرون الأثرياء” الذين كان يقدم لهم ولسنوات طويلة 12 ساعة وأكثر من وقته يوميًا، سؤالا واحدًا على أنفسهم: لماذا لم يقدر حمزة على إجراء “سكانير” في عيادة خاصة؟
💢 ببساطة عاش هذا الرجل عزيز النفس كريمها، وفيما كان الإخوة يلحون للإعلان عن تعقد وضعه الصحي، كان يعارض بشدة ويقول “لا تكتبوا، خلي نموت راجل”، وحين وصل معه الأمر حد العجز التام كتب بنفسه، ولم يشتك أحدًا غير نفسه!!
نعم لقد اشتكى نفسه، وقال اعذروني لأنني لم أعد قادرًا على تأدية واجباتي بعد أن زعزعته “الملاريا” ثم “كورونا” وأخيرا التهاب دماغي.
وختم كلامه بـ “ابقاو على خير“ حينها كنا نعتقد أنه “يتدلل” علينا، ولم تكن تلك عادته، لكنه كان يودعنا بالفعل، لقد كان جادًا في وداعه.
💢 لقد أدرك أن ساعة الرحيل قريبة، فتطهر كما يليق بمن يريد الله أن يٌحسن خاتمته، أدى مناسك العمرة على كرسي متحرك، ثم دخل فورًا إلى المستشفى في غيبوبة انشغل فيها ملايين الجزائريين بالدعاء له صباح مساء، إنها ميتة يحلم بها الرؤساء والملوك ولا تُشترى بالمال.
💢 في رحيل شاب حيوي ورائع في السادسة والثلاثين من عمره مخلفًا وراءه عائلة صغيرة تبكيه كما نبكيه نحن عائلته الكبيرة، عبرة وعظة لنا جميعًا أن لا أحد بمنأى عن الموت، لا أحد أكبر منها..
💢 عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارق، إنها رسالتي لمن يسب ويظلم ويعتدي ويأكل عرق الناس ويخون ويتآمر ويطعن في الظهر… نهايتنا في الدنيا شبر في قبر يضمّنا، والحياة الحقيقية في الدار الآخرة وكلٌ سيجني ما زرع.
💢 فاللهم اغفر لحمزة وأحسن إليه وأعطه بغير حساب، اللهمّ آنسه في وحدته، وفي وحشته وفي غربته، اللهمّ اجعله من السعداء في الجنّة.
💢 كتب أحمد توفيق: “كنت أتساءل لماذا يختار الموت أفضل من فينا؟ ولكنني وجدت الإجابة مؤخراً في كلمة أحدهم: لأنهم نجحوا في الامتحان مبكراً، فلا داعي لوجودهم”.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.