بشكل مفاجئ ظهر، الجمعة، سيف الإسلام القذافي، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، للعلن لأول مرة منذ اختفائه منذ عدة سنوات، في خطوة من شأنها أن تؤثر على المشهد السياسي في البلاد وربما "تزيد من تعقيده"، وفقًا لمراقبين.
ظل مصير سيف الإسلام (49 عامًا) غامضًا لأربع سنوات خلت، إذ اختفى بعد أن أعلنت المجموعة التي تحتجزه الإفراج عنه في جوان 2017.
صرح سيف الإسلام، خلال مقابلة نادرة مع صحيفة “نيويورك تايمز”، أنه يريد “إحياء الوحدة المفقودة” في ليبيا بعد عقد من الفوضى، ولمح إلى احتمال الترشح للرئاسة.
وكانت مجموعة مسلحة في مدينة الزنتان (جنوب غرب طرابلس) قبضت على القذافي في نوفمبر 2011، وحكم عليه بالإعدام في محاكمة قصيرة.
لكن المجموعة المسلحة رفضت تسليمه إلى سلطات طرابلس أو المحكمة الجنائية الدولية التي تتهمه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، خلال الثورة التي أسقطت نظام حكم والده في فيفري 2011.
وصرح سيف الإسلام، خلال مقابلة نادرة مع صحيفة “نيويورك تايمز”، أنه يريد “إحياء الوحدة المفقودة” في ليبيا بعد عقد من الفوضى، ولمح إلى احتمال الترشح للرئاسة.
ظهور القذافي في هذا التوقيت وعودته للحياة العامة ستكون لها تأثيرات مختلفة سواء على صعيد الداخل الليبي أو على الصعيد الإقليمي والدولي، حسب مراقبين.
يقول الكاتب والمحلل السياسي الليبي عبد الله الكبير، إن “أنصار النظام السابق لا يزالون ينشطون في عدة مناطق في ليبيا وخاصة جنوب البلاد”، مضيفًا لموقع قناة “الحرة”، أن “ظهوره سيعيد خلط الأوراق في المشهد السياسي الليبي، ويدفع بعض الدول، التي لها تأثير على الداخل الليبي، إلى إعادة تقييم المشهد”.
ويتوقع الكبير، المقيم في لندن، أن يشهد الملف السياسي في ليبيا بعض التعقيد بعد ظهور لاعب جديد على الساحة.
ويتابع أن “البعض من أنصاره كانت لديهم شكوك ببقائه على قيد الحياة، وبالتالي فإن ظهوره اليوم سيعيد لهم الأمل في إمكانية العودة للمشهد السياسي وحكم البلاد من جديد”.
“I’ve been away from the Libyan people for 10 years,” he told @robertfworth. “You need to come back slowly, slowly. Like a striptease.” He laughed. “You need to play with their minds a little.” https://t.co/5Vo339pt1q
— The New York Times (@nytimes) July 30, 2021
توقيت ظهور سيف الإسلام
توقيت المقابلة النادرة مع سيف الإسلام القذافي جاء قبل أقل من خمسة أشهر على الانتخابات الرئاسية المقررة في 24 ديسمبر المقبل، وهو ما يعزز الفرضيات المتعلقة بعزمه على الدخول في المعترك السياسي.
يرى المحلل السياسي المختص في الشأن الليبي ناصر جبارة، أن “سيف الإسلام لديه شعبية واسعة في مناطق جنوب وغرب البلاد وخاصة بين أفراد القبائل المنتشرة هناك”.
يرى المحلل السياسي المختص في الشأن الليبي ناصر جبارة، أن “سيف الإسلام لديه شعبية واسعة في مناطق جنوب وغرب البلاد وخاصة بين أفراد القبائل المنتشرة هناك”.
لكن مع ذلك يصر جبارة في حديثه لموقع “الحرة”، أن الطريق لن يكون سهلًا أمام نجل الدكتاتور الليبي السابق للاندماج في المشهد السياسي.
وقال جبارة، إن “بعض السياسيين الممسكين بزمام السلطة في ليبيا سيجدون طريقة تحول دون ترشح هذا الرجل، من خلال تغيير القانون الانتخابي حتى لا يتمكن رموز النظام السابق من الترشح”.
ووفقًا لوكالة رويترز للأنباء، كان البعض ينظرون إلى سيف الإسلام باعتباره خليفة إصلاحيًا محتملًا لوالده في السنوات التي سبقت الانتفاضة ولا يزال شخصية مهمة بالنسبة لمؤيدي القذافي.
ويشير عبد الله الكبير إلى أن ملتقى الحوار السياسي، الذي انعقد في جنيف نهاية العام الماضي، شهد تواجد عدد من أنصار سيف الإسلام”، مشيرًا إلى أن هؤلاء “دفعوا باتجاه عدم استثناء أي أحد في الانتخابات المقبلة، حتى لو كان مطلوبًا للقضاء، شريطة ألا يكون هناك حكم قضائي بات قد صدر ضده”.
وبالنسبة لسيف الإسلام، يبين الكبير، “صحيح مطلوب للجنائية الدولية، لكنه لم يمثل أمامها ولم تتم إدانته، وأيضًا هو مطلوب للقضاء المحلي وتمت إدانته غيابيًا، وهذا يعني أن الشرط وضع حتى يتمكن القذافي من المشاركة”.
وقضت محكمة في طرابلس بإعدام سيف الإسلام غيابيًا في 2015 في اتهامات بارتكاب جرائم حرب تتضمن قتل محتجين خلال الانتفاضة. وقالت المحكمة الجنائية الدولية في حينه، إن المحاكمة لم تف بالمعايير الدولية.
وتطلب المحكمة الجنائية الدولية التي مقرها لاهاي أيضًا باعتقاله بتهمة ارتكاب “جرائم ضد الإنسانية”.
When @robertfworth asked whether he sympathized at all with the feelings that led protesters to call for change in 2011, his answers were clear: They were evil, terrorists, devils. He said he had no real criticisms of his father’s 40-year rule. https://t.co/5Vo339pt1q
— The New York Times (@nytimes) July 30, 2021
أنصار القذافي
وفي هذا الإطار قالت صحيفة “نيويورك تايمز” في تقريرها الذي نشرت منه نسخة باللغة العربية، إن القذافي “مقتنع بأن هذه المسائل القانونية يمكن التفاوض بشأنها إذا اختارته غالبية الشعب الليبي زعيمًا”، مشيرة إلى أن “سيف يعتقد على ما يبدو أنه وحده يستطيع تمثيل دولة لجميع الليبيين”.
يرى الكاتب والمحلل عبد الله الكبير، أن “أنصار القذافي مشتتون حاليًا في قوى عديدة، وبعضهم انضم لحفتر وآخرون تحالفوا مع قوى الثورة”. ويضيف أن “ظهوره رسميًا وإعلانه العودة للحياة السياسية سيدفع مناصريه المشتتين إلى تشكيل تكتل من جديد للمنافسة في الانتخابات”.
وانزلقت ليبيا إلى الفوضى بعد الإطاحة بالقذافي، فيما تتصارع حكومتان وتحالفات مسلحة متنافسة على السلطة. وتجد حكومة مدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس صعوبة في بسط سلطتها في ظل رفضها من قبل فصائل في الشرق، من أبرزها الفصيل الذي يتبع الجنرال خليفة حفتر.
وبعد عقد من الصراع على السلطة على خلفية التدخل الأجنبي، تولت شؤون ليبيا حكومة مؤقتة في مارس مكلفة توحيد المؤسسات من خلال تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية مزدوجة في ديسمبر.
يرى الكاتب والمحلل عبد الله الكبير، أن “أنصار القذافي مشتتون حاليًا في قوى عديدة، وبعضهم انضم لحفتر وآخرون تحالفوا مع قوى الثورة”.
ويضيف أن “ظهوره رسميًا وإعلانه العودة للحياة السياسية سيدفع مناصريه المشتتين إلى تشكيل تكتل من جديد للمنافسة في الانتخابات”.
ويتابع “بالنسبة لجميع الطامحين لخوض الانتخابات الرئاسية، سينظر إلى القذافي واحتمال مشاركته بالانتخابات المقبلة، كتهديد حقيقي لهم”.
Read the story in Arabic. https://t.co/sMdrtwubmw
— The New York Times (@nytimes) July 30, 2021
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.