زاد دي زاد - الخبر مقدس والتعليق حر

ملاحظة: يمكنك استعمال الماركداون في محتوى مقالك.

شروط إرسال مقال:

– النشر في “زاد دي زاد” مجّاني
– أن يكون المقال مِلكا لصاحبه وليس منقولا.
– أن يكون بعيدا عن الشتم والقذف وتصفية الحسابات والطائفية والتحريض.
– الأولوية في النشر للمقالات غير المنشورة سابقا في مواقع أو منصات أخرى.
– الموقع ليس ملزما بنشر كل المقالات التي تصله وليس ملزما بتقديم تبرير على ذلك.

نظرية المؤامرة الداخلية.. “الشعب القاصر والدولة الراشدة”

نظرية المؤامرة الداخلية.. “الشعب القاصر والدولة الراشدة” ح.م

الوعي الذي فاجأهم.!

لا زال بعض ناس، ممن أخذوا جرعات زائدة من مخدر النظام ولم يستفيقوا بعد من سكرتهم، يرددون الأفكار المعيارية التي كانت من بين مكونات المخدر، مثل، إذا كان النظام فاسدا فالشعب أفسد، أو، الشعب ليس ناضجا لكي يٌحكم ديمقراطيا، أو، هذا الشعب لا يستقيم إلا بالعصا الغليظة...

وما إلى ذلك من الأفكار التي تقزِّم الشعب وتستصغره وتقلل من شأنه، وتعظم في الوقت نفسه، من الدولة لتجعل منها النظام القوي والراشد والمتماسك الذي يستحيل على الشعب أن يطاله.

استخدم النظام الجزائري بعد الاستقلال المنطق نفسه، لأنه لم يكن، في الحقيقة، سوى امتدادا للاستعمار الفرنسي، وظل القادة الذين تربوا في أحضان فرنسا، يرون الشعب بمنظار أمهم فيجدونه قاصرا، جاهلا، بدائيا، بدويا، لا يمتلك مقومات الحضارة، ويستحيل تسييره والتحكم فيه إلا من خلال أسلوب حكم تسلطي، دكتاتوري يضبط سلوكه البدائي والفوضوي.

استخدم المستعمر الفرنسي المنطق نفسه حين وصف الشعب الجزائري بـ (الأهالي les indigènes)، وقد كانت هذه الأوصاف تدخل ضمن إستراتجية عالمية أو ما يسمى بـ (المركزية الأوروبية)، والتي كان الأوروبيون يسعون من خلالها ليثبتوا للعالم أن أوروبا هي مركز الحضارة ومنبع التقدم والرقي.

ولا تكاد تخلو الدراسات الانثروبولوجية والسوسيولوجية الكولونيالية من هذا الإدعاء الكاذب الذي يعظم من شأن الأوروبي ويرى في باقي الشعوب أمم بدائية بالطبع والفطرة، لا يمكنها أن تخرج من دائرة التخلف إلا بالمعونة الأوروبية.

استخدم النظام الجزائري بعد الاستقلال المنطق نفسه، لأنه لم يكن، في الحقيقة، سوى امتدادا للاستعمار الفرنسي، وظل القادة الذين تربوا في أحضان فرنسا، يرون الشعب بمنظار أمهم فيجدونه قاصرا، جاهلا، بدائيا، بدويا، لا يمتلك مقومات الحضارة، ويستحيل تسييره والتحكم فيه إلا من خلال أسلوب حكم تسلطي، دكتاتوري يضبط سلوكه البدائي والفوضوي.

أفرز النظام طبقة بورجوازية من خلال الامتيازات التي منحها للقادة والمسؤولين الذي ينضوون تحت مسمى (الشرعية الثورية)، وكذا عن طريق التوزيع غير العادل لثروات البلاد. فأصبحت هذه الطبقة البورجوازية تتكون من رموز النظام والمستفيدين من فساد النظام، ومع الوقت بدأت الفجوة تزداد بين الطبقة البورجوازية الحاكمة والمستفيدة من الامتيازات، وبين الشعب الأعزل الفقير.

بهذا الأسلوب صنع النظام ذرعا واقيا يحميه من سهام الشعب التي تهاجمه بها، من حين لآخر، النخبة الواعية والطبقة المثقفة، وتتصدى لها، بدل النظام، الطبقة المستفيدة من فساد النظام، من تجار، رجال أعمال، مدراء تنفيذيين، ولاة، رؤساء دوائر، أعضاء المجالس البلدية، الولائية والبرلمان بغرفتيه، وكل الانتهازيين الذين يشغلون مناصب قيادية دون مؤهلات تمكنهم من ذلك.

وأصبحت الاتهامات الموجهة للشعب بالقصور وعدم النضج، بمثابة الذرائع التي تتعلل بها الطبقة البورجوازية لتبرير ممتلكاتها غير الشرعية وما أفرزته من تراتبية اجتماعية، جعلتها تستفيد من مكانات وأدوار اجتماعية ما كانت لتستحقها لولا الفساد السياسي والحكم الاستبدادي للنظام..

وأصبحت الاتهامات الموجهة للشعب بالقصور وعدم النضج، بمثابة الذرائع التي تتعلل بها الطبقة البورجوازية لتبرير ممتلكاتها غير الشرعية وما أفرزته من تراتبية اجتماعية، جعلتها تستفيد من مكانات وأدوار اجتماعية ما كانت لتستحقها لولا الفساد السياسي والحكم الاستبدادي للنظام.

صحيح أننا حينما نلقي نظرة عامة على المجتمع الجزائري نلحظ هذه الفوضى التي لا يكاد قطاع من القطاعات ينأى عنها. ونرى في سلوك الأفراد هذه الاتكالية وانعدام قيمة العمل، وتلاشي روح المبادرة، وقلة الإبداع والابتكار، أو ما يمكن أن نجمله في انعدام الروح الوطنية. لكن حين ندقق في الأمر نجد أنفسنا ضحية أحكام مسبقة ومطلقة، لا تتمتع بالموضوعية ولا الطابع العلمي، أحكاما أصبحت بمثابة المقولات والمسلمات البديهية التي تخدم مصالح الطبقة الحاكمة والبورجوازية الراعية لها.

كثيرا ما يحاول الأفراد التمسك بالقيم الأخلاقية المثلى، والتفاني في العمل والانضباط في السلوك الوظيفي، ونبذ كل أنواع الفساد والتحلي بروح المواطنة، لكن سرعان ما يصطدمون بواقع مرير يوصفون من خلاله بالحمقى والسذج، وينظر إليهم على أنهم بيروقراطيون يعرقلون السير السلس والسهل للنظام. هؤلاء هم من يعيشون حالة من الاغتراب في هذه البيئة الفوضوية، فإما يقصون ويهمشون، وإما ينعزلون بإرادتهم. المتسبب الوحيد في هذه الحالة من القهر الفوضوي هو النظام وأذياله المستفيدين من هذه الفوضى.

أكبر دليل على أن كل الأوصاف السلبية التي يوصف بها الشعب الجزائري، ما هي إلا نتيجة وتحصيل حاصل لفساد النظام، هو المظاهرات السلمية والحضارية للآلاف الأفراد في الشوارع، عبر كامل التراب الوطني، التي انتظمت دون تأطير أو توجيه، وأثبتت للعالم كله أن الشعب الجزائري شعب متميز وصانع للمعجزات.

فكيف نطمح لأن نخلق مجتمعا سليما، وأفراد أسوياء يتمتعون بروح مواطنة عالية، في ظل نظام حكم استبدادي وقادة فاسدون، وطبقة بورجوازية موالية تحمي الفساد وترعاه، وتكرس كل أساليب المحسوبية والمحاباة. فوضى الشعوب هي سلوكات نابعة من غريزة فطرية هي غريزة البقاء، وهي ليست خاصية مميزة لمجتمع دون سواه، بقدر ما هي طبائع وسلوكات تسود بنسبة أكبر في البيئات التي تعمها الفوضى والفساد. فأينما ساد العدل والحرية والمساواة، قلّت السلوكات الفوضوية وانتظمت الشعوب.

صحيح يجب أن نغير من أنفسنا إلى الأحسن، إذا أردنا أن نغير واقعنا وأن نلحق بالركب الحضاري، لكن لن ينجح هذا المسعى في مجتمع يحكمه نظام استبدادي وأقلية أوليكارشية تستمدّ سلطتها من فساد النظام.

أكبر دليل على أن كل الأوصاف السلبية التي يوصف بها الشعب الجزائري، ما هي إلا نتيجة وتحصيل حاصل لفساد النظام، هو المظاهرات السلمية والحضارية للآلاف الأفراد في الشوارع، عبر كامل التراب الوطني، التي انتظمت دون تأطير أو توجيه، وأثبتت للعالم كله أن الشعب الجزائري شعب متميز وصانع للمعجزات.

ads-300-250

المقالات المنشورة في هذا الركن لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

1 تعليق

تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.

  • تعليق 6905

    عبد الرحمن

    المستفيد الوحيد و الأوحد من خيرات الجزائر بالأمس و اليوم ( فترة الاستعمار – فترة الاستقلال ) هم الحركى وفقط ، الذين مركزهم الاستدمار قبل خروجه من الجزائر. فهم الذين واصلوا سياسة الاستدمار و ما يزالون كذلك . فأحفاد الحركى أشد ظلما للجزائريين من آبائهم ، فكل بلديات الوطن ودوائره و ولاياته في قبضتهم ، إنهم يمعنون أيما إمعان في تعذيب الجزائريين و التنكيل بهم. فكلما ذهبتُ إلى البلدية لاستخراج عقد الميلاد ، إلا و يؤشر عليه حفيد حركي ، كان أبوه كاتبا عاما للبلدية و من خدام الاستدمار سابقا. فأينما تول وجهك فثمة بصمات الحركى . فهم الرابحون بالأمس و اليوم . والسلام على كل جزائري وطني شريف كريم أبيّ.

    • 2

فضلا.. الرجاء احترام الآداب العامة في الحوار وعدم الخروج عن موضوع النقاش.. شكرا.