كثيرمنا يستنكر موقف، بل ودعم حكام عرب عموما وملوك ومشايخ المشرق على وجه الخصوص لإسرائيل في حربها على حماس غزة، بل ويدعوها بعضهم للقضاء عليها، ويقدمون لها الدعم لتحقيق هذا المأرب.
حتى إننا نكاد نقول: إن أحفاد هؤلاء سوف يجدون صعوبة في تبرير مواقف أجدادهم من القضية الفلسطينية أمام التاريخ. إذ لم يحدث أن سكت عربي على عدوان إسرائيلي على عربي، فما بالك أن يتحالف العربي مع الإسرائيلي للقضاء على أخيه المقاوم الفلسطيني..!
هنا لابد لنا أن نستحضر حكاية يجب أن تروى، فيها من المنطق ما يدخلنا في اللامنطق..!؟
لقد كان العالم العربي في عمومه ومشرقه على وجه الخصوص ينظرون بعين الرضى إلى بعض الحركات الإسلامية وعلى رأسها حركة الإخوان المسلمين. وكان حسن البنا في مصر وأمثاله وأتباعهم مثالا للوسطية الدينية التنويرية التي تساهم في بناء المجتمع. لهذا كان تأثير الإخوان كبير. حتى أنه طغى في منطقة الخليج العربي على الحركة الوهابية.
ولما جاء الربيع العربي لعب الإخوان المسلمون دورا كبيرا في تجلياته. حينها تأكد للجميع أن الإخوان المسلمين لا يقتصر فكرهم على المشروع الإصلاحي التنويري، بل تعداه إلى مشروع سياسي. خصوصا بعد وصول الإخواني المرحوم محمد مرسي إلى سدة حكم مصر عن طريق انتخابات شهد لها العالم بأنها أول انتخابات حرة ونزيهة في تاريخ مصر المعاصر…
@ طالع أيضا: المجال الحيوي.. أو الحرب العالمية الصامتة!
ولنقفز على بعض مراحل التاريخ طالما أن المقال لا يتسع لكل التفاصيل ونقول: أن أول مظاهر التسيس في حركة الإخوان المسلمين ظهر مطلع تسعينيات القرن الماضي أثناء أزمة الخليج لما طالبوا الملك السعودي فهد بن عبد العزيز منع القوات الأمريكية من استعمال الأراضي السعودية، في موقف معاكس لرأي علماء المملكة الذي كان ولا يزال إلى يومنا هذا يدعو إلى طاعة ولي الأمر في كل ما يفعل ويأمر.
وقد زاد ظهور العلامة الشيخ المرحوم يوسف القرضاوي كناطق باسم حركة الإخوان العالمية وخطاباته التي كانت أحيانا تزعج حكام الخليج، واتخاذه من قطر وقناة الجزيرة منصة للدعاية وهي الجارة المزعجة اللدودة لكثير من جيرانها الخليجيين من ابتعاد فكر الإخوان عن رضى دوائر القرار في الخليج خصوصا والمشرق العربي عموما.
ولما جاء الربيع العربي لعب الإخوان المسلمون دورا كبيرا في تجلياته. حينها تأكد للجميع أن الإخوان المسلمين لا يقتصر فكرهم على المشروع الإصلاحي التنويري، بل تعداه إلى مشروع سياسي. خصوصا بعد وصول الإخواني المرحوم محمد مرسي إلى سدة حكم مصر عن طريق انتخابات شهد لها العالم بأنها أول انتخابات حرة ونزيهة في تاريخ مصر المعاصر
يومها قرعت طبول الحرب على ما يسمى بالإسلام السياسي وتحديدا حركة الإخوان المسلمين. وطرح السؤال الخطير: هل تتحول بالضرورة كل حركة إصلاح في الوطن العربي والإسلامي إلى حركة سياسية تطمح لتولي السلطة وشغل كرسي الرئاسة؟
الذين أجابوا على هذا السؤال بنعم وهم كثيرون يقولون: لقد عرف العالم الإسلامي الحديث والمعاصر أربعة حركات إصلاحية كبرى هي: حركة جمال الدين الأفغاني، حركة حسن البنا، الحركة الوهابية، والحركة الإصلاحية الجزائرية المعروفة بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
ويضيف هؤلاء: أنظروا ماذا حدث لهذه الحركات الأربعة. حركة جمال الدين الأفغاني أفرزت بعد أزيد من ستة عقود من الزمن الجهاديين الأفغان وأبرزهم حركة طالبان. وهي حركة وإن كانت لها أفضال جهادية ضد الغزاة الأجانب، فإنها في المقابل رجعت بالمجتمع الأفغاني قرونا إلى الوراء، ولا يخلو حكمها من طغيان وبطش يناقضان كل الأعراف والقوانين سواء كانت وضعية أو سماوية.
الذين أجابوا على هذا السؤال بنعم وهم كثيرون يقولون: لقد عرف العالم الإسلامي الحديث والمعاصر أربعة حركات إصلاحية كبرى هي: حركة جمال الدين الأفغاني، حركة حسن البنا، الحركة الوهابية، والحركة الإصلاحية الجزائرية المعروفة بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
@ طالع أيضا: الحرب حيث اللاحرب..!
كما أن الحركة الوهابية حتى وإن كانت قد نشأت في بيئة دأبت على طاعة ولي الأمر، فإنها أنجبت لاحقا حتى من أثاروا الشغب وتسببوا في أحداث مؤسفة داخل الحرم النبوي الشريف، وخرج ولو بعد عقود طويلة من أرض الحرمين من أسسوا تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وصار اسم بن لادن أشهر اسم جهادي في التاريخ.
أما إخوان مصر فما لبث أن خرج من رحم حركتهم ما عرف بحركات الجهاد والهجرة والتكفير التي خرجت من سجن طرة بمصر لتنتشر كالنار في الهشيم في كثير من الأقطار العربية كالسودان واليمن والأردن والجزائر والمغرب، متبنية أدبيات تفضي إلى تكفير الحكام.
ولم يختلف المشهد الجزائري كثيرا حيث بعد ستة عقود تحولت أفكار بن باديس وجماعة جمعية العلماء وبعدهم المفكر مالك بن نبي إلى إسلام سياسي سعى للوصول إلى كرسي الحكم وأشعلها جهادا مزعوما أدخل الجزائر عشريتين دمويتين حصدتا أزيد من 200.000 ضحية.
نقطة التماثل بين الحركات الأربعة هو بداياتها كحركات إصلاح لا تلبث بعد حوالي ستة عقود أو أكثر بقليل أن تتحول إلى التسيس وتصبو لإحياء ما تراه خلافة، وتحارب كل من يقف في طريقها، حتى لو تطلب الأمر إراقة الكثير من الدماء. لهذا يقول هؤلاء: احدروا حركات الإصلاح فإنها ستتحول بعد بضعة عقود إلى حركات سياسية اسلاموية تلغي كل مظاهر المدنية والديمقراطية باسم الدين.
لهذا لا غرابة أن نرى اليوم من العرب من تبنى هذا المنطق فتخلى من خلاله عن قضية العرب الأولى فلسطين، حين ناصب حركة حماس العداء باعتبارها تنظيما يرتبط فكريا بجماعة الإخوان المسلمين، حتى لو كانت قد أعلنت فك ارتباطها بهذا التنظيم عام 2017.
لم يختلف المشهد الجزائري كثيرا حيث بعد ستة عقود تحولت أفكار بن باديس وجماعة جمعية العلماء وبعدهم المفكر مالك بن نبي إلى إسلام سياسي سعى للوصول إلى كرسي الحكم
وقد جر هذا المنطق العربي المميع الذي لا ينظر إلى حركة حماس بعين الرضى، كونه لم يعد يعتبرها حركة هدفها تحرير فلسطين، أو حركة تحرر وطني ذات فكر اسلامي وسطي معتدل، ينحصر نشاطها ونضالها وعملها في قضية فلسطين لا غير، إلى مواقف عربية اقتنعت زورا أن أي إمكانية لانتصار حماس على عدو غاصب أو تمكينها من حكم ولو قطاع محتل هو بمثابة بصيص أمل لخلايا نائمة في كثير من الأقطار العربية لمحاولة الظهور من جديد والقفز في الظلام للاستيلاء على سدة الحكم باسم الاسلام السياسي.
هو منطق للأسف اقتنع به كثيرون من المطبعين من أبناء أمتنا..
لكنه بالنسبة ليأدخلني في اللا ـ منطق..
@ طالع أيضا: بومدين وعبد الناصر وآخرون.. لماذا لا يتكررون؟
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.
تعليق 9181
السلام عليكم
للأسف مقال به الكثير من المغالطات، لا يوجد شيء اسمه إسلام سياسي إنما هو مصطلح تشويه من فئة ضالة، فالإسلام دين ودولة،إذ أن قوام دولته المدنية يسير وفق ضوابط شرعية من تشريع إلهي منزه عن الزلل وعليه فهو يضمن نظام حكم عادل وقد قال تعالى: ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) وطبعا كثيرون يتجاهلون الآية الكريمة.
والمعادلةالأبسط للطرح هو أن الشعوب تتوق للحكم الإسلامي والدليل أن الانتخابات النزيهة عادة ما تفرز رئيسا شرعيا برنامجه تحكيم الشريعة وللأسف ذلك لا يناسب الغرب لأنه سيهدم أسوار الطغيان ويكسر قيد الخوف من الدول الأمبريالية المجرمة، والشاهد الانقلاب العسكري على الرئيس الشرعي محمد مرسي- رحمة الله عليه- وتنصيب ديكتاتور يحمي الصهاينة أكثر من شعبه.
أما ما ورد في المقال عن المشهد الجزائري فتلك الرواية الفرنكفونية والحقيقة أبعد عن ذلك، وعند الله تلتقي الخصوم.
الخلاصة: الغرب بمعية عملاء له يسعى لتنصيب دكتاتوريين في الحكم ولا يسمح بوصول رئيس يخدم مصالح بلاده، فيرمي كل من شق عصا الطاعة عنه بالإرهاب وينشئ جماعات عميلة وموجهة والخلايا النائمة أغلبها تتحرك بإيعاز شريانه المال حتى يظل الغرب مستفيدا من ثروات العرب ويهمن على سياسة البلدان وتوجههاتها، ويضمن بقاء الكيان الصهيوني، وطبعا محاربة الإسلام لأنه على يقين أن قوة الأمة في العودة إليه فيسعى لاستحداثه بنسخة هشة، والنتيجة ما يحدث في أرض فلسطين وسط صمت مخز ومذل لولاة الأمور المتآمرين لأنهم من مخلفات الثقافة الغربية المنحلة.