شاهدت فيلم ابن باديس وأبدي فيه ملاحظاتي خصوصًا حيال بعض الأحداث التاريخية التي قد تكون تضمنت أخطاءً في العمل، ويمكن للمؤرخين الفصل فيها:
❌ علاقة الشيخ بفرنسا، قدمت طيلة العمل متشنجة، حتى أن الممثل يوسف سحايري على لسان بن باديس يقول :”سنشعلها ثورة من الأوراس” قبل 24 عامًا من اندلاع الثورة، فأي نبوءة هذه؟!
❌ سألت المخرج السوري باسل الخطيب في نهاية العرض عن سبب عدم تحكم البطل الفيلم يوسف سحايري في اللكنة القسنطينية بإحكام (يقول مرة لزوجته هزي السينية ديالك!!) فقال لي أن هناك مكلفا بتدقيق اللهجة، ولكن من الغريب ألا ينتبهه الأخير لدوره الهام فيقدم لنا بطلا قسنطينيا بلهجة غير لهجته!!
❌ في الفيلم يرحل ابن العلامة بعد سقوطه من صهوة فرس كان يركبه، يرتطم بصخرة ويقضى، ولكن الدكتور عبد الله حمادي في كتابه “سيرة ومسيرة” يكتب أن اسماعيل بن باديس مات ببندقية صيد كان يلهو بها وهو ما صرح به شقيق العلامة عبد الحق من قبل وقرأته في مصادر متعددة.
❌ يتكلم ابن باديس باللغة الفرنسية في 5 مشاهد، المشهد الرابع كان طويلا حد الملل، مع أنني قرأت عبر عدة مصادر أنه كان يفهم الفرنسية ولكنه لا يتكلم بها، وهو ما يؤكده ابن خالته محمد الصالح بن جلول في كلمة تأبينية يوم وفاته نقلتها صحيفة (لونتونت) يوم 9 ماي 1940!
❌ كان للعلامة خصومات مع شيوخ الزوايا، في الفيلم ُيظهر السيناريو أن فرنسا من وقفت وراء هذه الخلافات من خلال خلق مشكلة بينه وبين رجال الزوايا عبر رسائل مكتوبة كانت توجهها عن طريق شخص اسمه سليم، الذي سيدبر مؤامرة لاغتياله فيما بعد ثم يختفى فجأة، كان هناك موقف محايد بشأنه مشكلته مع شيوخ الزوايا الذين بايعوا فرنسا للتذكير، وهنا الأمر على ما يبدو لي حتى لا يغضب (مول السطح)!! كتبت الملاحظة وقت التطبيل لمول السطح.
❌ سيناريو رحيله يقدم فرضيتين، مرضه وأيضا وفاته مسموما باللبن، وكان من الممكن تجاوز الفرضية الثانية لأن عائلته ولا سيما عبد الحق بن باديس تؤكد أنه مات مرهقا، فقد كان يقدم 15 درسا يوميا ويسافر في عطلته إلى العاصمة، وأنا في مثل هذه الأعمال لا أحبذ مسك العصا من الوسط..
❌ على مستوى السيناريو، كان من الممكن ألا يتم تجاهل بعض المحطات مثل حادثة اعتداء اليهود سنة 1934 التي لعب فيها العلامة دورا بارزا، علما أن كاتب السيناريو رابح ظريف بعد نهاية العرض في الندوة الصحفية دافع عن نفسه وأكد أن هناك ما يقرب من 25 دقيقة من هذه الوقائع حذفت، وتقريبا ساعة ككل من محطات أخرى قلصت، حتى يظهر الفيلم من ساعة و50 دقيقة فقط ويستجيب لمقاييس محددة
❌ أعيب هنا الدور الذي استأثرت به زوجة العلامة (صارة لعلامة)، وظهورها المتكرر، رغم أنها لم تكن شيئا مذكورا في حياة العلامة وانتهى أمرها مطلقة، وكان من الممكن التضحية بالمشاهد التي أٌقحمت فيها لأجل محطات أهم مثل زيارته الحجاز، ودوره كإمام مصلح ومفسر للقرآن ومحطات أخرى تم إغفالها لأسباب اعتقد أنها لأجل ترويج الفيلم خارج الوطن العربي!..
🔺 الانتقال السريع للأحداث مفهوم بحكم أن الفيلم من 110 دقائق وكان من المفترض أن يمر على كل مراحل حياته، ولو كان الخيار بيدي لبدأت العمل من عودته من جامع الزيتونة او ربما بعد ذلك وربحت الكثير من الوقت..
🔺 الفيلم يحضر فيه الخيال بقوة، إذ تتقاطع قصة العلامة عبد الحميد بن باديس وحياته التي نعرف أهم محطاتها، مع حياة عائلة الطاهر الذي يجند مرغما في الجيش الفرنسي، تاركًا وراءه شقيقته الجوهر التي سيسهم الشيخ في تعليمها ووالده الذي يتحمل عناء زوجة قعيدة، وهذه شخصيات وهمية أوجدت لأجل خلق لمسة درامية في العمل خاصة في النهاية بعودة الطاهر محملا بفكرة التحرر..
🔺 التصوير كان جيدا، من خلال استعمال تقنيات سينمائية حديثة، كما نقلنا إلى تلك المرحلة قبل قرن وما يزيد، أما المدينة القديمة في العاشور بالعاصمة فتخالها للوهلة الأولى دروب السويقة ورحبة الصوف والرصيف، اختيار أماكن التصوير كان موفقا، الألوان والإنارة وكذلك الألبسة والماكياج وهي المهام التي أوكلت لفريق من إيران، والموسيقى التصويرية التي ألفها في بلغاريا بإشراف سليم دادة كانت إضافة نوعية.
🔺 الإخراج كان موفقًا، هناك لمسة أضفاها تواجد السوري باسل الخطيب في العمل، أما البطل يوسف سحيري فقد أدى دوره بنجاح، استطاع أن يقدم لنا شخصية بن باديس بلغة دارجة وعربية بكل حالاتها في حدود السيناريو، كذلك الجزائريين الذين مثلوا أدوارا فرنسيين أجادوا التقمّص، وبرأيي فإن بوطبيلة (الرجل الذي يجوب الأحياء بطبله ينبئ سكان المدينة بأخبارها) كان ملح العمل بامتياز.
⛔ عموما: العمل موفق فنيا، البتر قلص من قيمته جدًا فلم يوف الرجل حقه، لغة النص والحوار جيّدة ومفهومة حتى بالنسبة للأشقاء العرب، وأتصور أن هناك اعتبارات غير فنية تماما (سياسية وترويجية) جعلت محطات تبرز وأخرى تختفي، زيادة عن بعض الحقائق التاريخية التي تحتاج إلى تحقيق وتدقيق.
📌 ملاحظة: سجلت أغلب الملاحظات عندما شاهدت الفيلم في عرضه الشرفي بقسنطينة مايو 2017، مع تمنياتي لكاتب السيناريو رابح ظريف بأن يخرج قريبًا من سجنه.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.
تعليق 7161
بالنسبة لمقولة الشيخ :ساعلن الثورة من الاوراس،رواها بعض تلاميذه منهم الشيخ حماني رحمه الله.كان هذا اثناء رحلة مر فيها بالاوراس فقال الذي قال وهو يرمق الجبال الشم. وعلى كل فان نية الفعل الثوري المسلح في حسابات الشيخ رحمه الله وفق تطور الاحداث وما يفضى اليه المشروع الاصلاحي. الواسع .،قد تواترت روايات تلاميذ الشيخ في مواقف واقوال عديدة. كما ان التحليل العلمي التاريخي برهن بعمق وقطع ان الشيخ رحمه الله كان بنطوي على البلوغ بمساره التغييري المرحلة الثورية المسلحة .ويمكن مراجعة هذا التحليل في تحليل الدكتور سعد الله رحمه ألله لمىراحل العمل الاصلاحي لدى الشيخ رحمه الله . ومن االبدهي القول:ان شانءي الشيخ رحمه الله الذين يهاجمونه بضراوة وقل بنذالة كما فعل صحفي(نقاز) من البريد النركزي الى وسواس وزاري .لا يعنيهم موقف الشيخ كيف كان ،انما الغرض نزع العمق الاسلامي للثورة. على كل اب ااثورة فعلا بن بولعيد رحمه الله كان حين مروره بتبسة في طريقه لتونس سعيا لجمع السلاح كان يلتقى بالشيخ العربي التبسي رحمه الله.ويقينا انه كان يتحدث معه في موضوع الثورة،وما كان الشيخ يعبر عن موقف خاص بل هي اعتمالات نوايا وتحفزات تنتظر وقتها المناسب.