كانت الجغرافيا محابية للمغرب قرونا طويلة، حيث أن موقعه النائي غربا جعله بعيدا عن الاحتلال الأجنبي في أغلب مراحل تاريخه.
مع تبخر الآمال في ضم أجزاء من الجزائر وموريتانيا بعد استقلال الدولتين بداية الستينيات، لم يبق للمغرب سوى إقليم الصحراء الغربية كي يكون متنفسا حيويا في محيط إقليمي تتمدد فيه الجمهوريات الثورية، وتنحسر الملكيات والأنظمة التقليدية…
وعلى خلاف جيرانه المغاربة الآخرين، ازدهرت في أرض المغرب دول مركزية أصيلة امتدت في الزمان والمكان بأشكال مختلفة.
وتعتبر الأسرة العلوية التي تحكم المغرب منذ الثلث الأخير من القرن السابع عشر من أقدم السلالات الحاكمة في العالم اليوم.
غير أن الجغرافيا صارت للمغرب بعد انحسار المد الاستعماري عقدة كبيرة، فقد أحس المغاربة أن الواقع الجغرافي الجديد لم ينصف الثقل التاريخي والحضاري للمملكة.
وبشق الأنفس تمكنوا من استرجاع طنجة وإيفني وطرفاية، بينما أبقت اعتبارات الحرب الباردة كلا من سبتة ومليلة تحت السيادة الاسبانية.
ومع تبخر الآمال في ضم أجزاء من الجزائر وموريتانيا بعد استقلال الدولتين بداية الستينيات، لم يبق للمغرب سوى إقليم الصحراء الغربية كي يكون متنفسا حيويا في محيط إقليمي تتمدد فيه الجمهوريات الثورية، وتنحسر الملكيات والأنظمة التقليدية (تونس 1957، ليبيا 1969).
أكبر العوامل المفسرة لاستماتة المغرب في مطالبه الترابية في الصحراء الغربية هو إدراكه لوضعه الجيوستراتيجي الهش، فهو يمثل بشكل ما دولة “حبيسة” استراتيجيا، بحدود برية مع دولتين فقط. أطول هذه الحدود هي مع الجزائر، الدولة التي لم تستطع أن تطور معها علاقات ودية دائمة منذ استقلالها.
وسيصبح الأمر معضلة حقيقية في حال كانت الدولة التي تحدها جنوبا هي الجمهورية العربية الصحراوية المحكومة من طرف البوليزاريو. سيتحول الوضع ليأخذ شكل فكي كماشة، يطوق المملكة ويعزلها سياسيا واقتصاديا عن المحيطين العربي والافريقي.
وفي المقابل، سيكون ضم الصحراء الغربية إلى المملكة مكسبا ثمينا جدا، يفتح المجال لتواصل طبيعي مع غرب إفريقيا، ويشعر المغاربة برضا استراتيجي أكبر، ويجدد الطموح في استعادة المكانة التاريخية في المغرب العربي، وأهم من ذلك كله، يجبر الكسر النفسي الناتج عن الشعور بالإذلال بعد كل ما حصل منذ العام 1912.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.