كتبت هذا المنشور في الخامسة صباحًا، أصبحت كائنا صباحيا؛ لم أكن أعتقد أن هذا يمكن أن يحصل، كنت كسولا حتى نهاية أفريل الماضي استيقظ في التاسعة صباحًا في العادة، بعد أسبوع أو عشرة أيام تغير كل شيء، هذا التغيير وحده يحتاج إلى كتاب لأشرح كيف حدث..
المهم أنك إن كنت بحاجة لمزاج جيد فقم صباحًا في وقت مبكر، وإن كنت بحاجة إلى أكثر من ذلك، علاج من الاكتئاب مثلا فعليك بضوء الصباح الأزرق، قد تسألني أين أجد هذا الضوء؟
سترى ضوءًا أزرق سماويًا بعد الفجر يدوم 20 دقيقة أو نصف ساعة، هذا الضوء ليس مجرد ظاهرة طبيعية، بل هو ضوء إعجازي دون مبالغة، الغريب أنه عندما تخرج من صلاة الفجر، ستجد هذا الضوء يحيط بك ويغمرك، وكأنه يبارك بداية يومك.
قد تعتقد أنني أتحدث من منطلق ديني بحت، ولكن الحقيقة أن الأبحاث العلمية هي التي تؤكد ذلك وهي كثيرة، فقد اكتشف العلماء الدور الحيوي الذي يلعبه هذا الضوء في تنظيم الساعة البيولوجية والنوم وتقليل الأرق وتحسين الحياة.
في إحدى الدراسات تم تقييم تأثير الضوء على 43 شخصًا يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، حيث تعرض المشاركون لضوء الصباح الأزرق لمدة 30 دقيقة يوميًا على مدار ستة أسابيع.
وقُسّم المشاركون إلى مجموعتين: الأولى تعرضت للضوء الأزرق، بينما الثانية للضوء الكهرماني (ضوء صناعي). النتائج كانت واضحة؛ المشاركون الذين تعرضوا للضوء الأزرق سجلوا تحسنًا كبيرًا في أعراض اضطراب ما بعد الصدمة وتحسنًا ملموسًا في النوم، بينما لم يظهر المشاركون الآخرون أي تحسن، بل عادت إليهم ذكريات الخوف.
👈 أجريت دراسة ثانية على 42 شخصًا يعانون من اضطراب الرحلات الاجتماعية (Social jetlag)، ومشكلتهم وجود فرق كبير بين عدد ساعات النوم في أيام العمل وفي العطلة والإجازات ما يؤدي إلى اضطرابات النوم واختلال الساعة البيولوجية.
وتم توزيع المشاركين بشكل عشوائي إلى مجموعتين أيضًا، وتعرضت الأولى للضوء الرباني الأزرق، والثانية للضوء الكهرماني لمدة 30 دقيقة كل صباح على مدى تسعة أيام. النتائج أظهرت أن الضوء الأزرق أدى إلى تحسين الإيقاع البيولوجي، كما تحسنت جودة النوم بشكل كبير لدى مجموعة الضوء الصباحي الأزرق، بينما تدهورت لدى المجموعة الأخرى.
لم يدخل النبي محمد عليه الصلاة والسلام أي جامعة، لكنه كان دليلا إرشاديًا عظيمًا فقال (بورك لأمتي في بكورها) وقال (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما عليها) كما أمر بتجنب الزيارات بعد العشاء بقوله: (لا تجتمعوا بعد صلاة العشاء إلا لطلب العلم).
أما الله تعالى فيقول “وإذا الصبح تنفس”، ويفسرها الشعرواي قائلا “وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ وكأن الصبح من وطأة ظلمة الليل قد أرهق بالظلمة، ثم أخذ يتنفس، كأنه كانت مخمودة أنفاسه”..
في تلك الأوقات التي يتنفس فيها الصبح حاول أن تكون في الخارج، لم لا عائدا من صلاة الصبح إن استطعت؛ ستكون مغمورا بالضوء الأزرق العلاجي؛ وببركة عظيمة تساعد على شفائك من كل أسقامك النفسية..
كما هناك هواءً نديًا في الأرجاء، يسمى “ريح الصبا” (نسمات خفيفة تأتي من الشمال) رائعة لا وصف له إلا لمن جربها، وفي بحثتي اكتشفت قول النبي عليه الصلاة والسلام “نصرت بالصبا” في إشارة إلى أنها ريح السحور تلك نصرته في غزوة الخندق..
وقيل في التفاسير : إن ريح الصبا استأذنت ربها في أن تأتي يعقوب بريح يوسف قبل البشير فأذن لها، وقيل “يستروح كل محزون إلى ريح الصبا”.
ومن داوم على صلاة الصبح فلن تراه محزونًا ولا مكروبًا يزاحم أمام عيادات الأمراض النفسية، وحتى صحيا فإنه سيكون أفضل من غيره..
كما أشار الدكتور سعيد شلبي -أستاذ الباطنة والكبد في مصر- إذ يشير إلى أن الأبحاث أكدت أيضًا أن صلاة الفجر في وقتها تساعد على الحماية من التعرض للأزمات القلبية، وتنظم عمل الهرمونات بالجسم والدورة الدموية؛ نظرًا لأن أعضاء الجسم تكون في قمة نشاطها عند توقيت صلاة الفجر، ويزداد إفراز الهرمونات، خاصة الأدرينالين الذي ينشط جميع أعضاء الجسم، ويحميها من الأورام في الخامسة صباحًا، ويعمل على تنشيط جميع أعضاء الجسم.
الطبيب النفسي والباحث المشارك في الدراسة الميدانية الأولى، يقول: “إننا أمام فرصة واعدة لتحسين حياة الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة وإنقاذها دون أدوية”، في إشارة إلى علاجهم يتمثل في جعلهم يخرجون لتلقي الضوء الأزرق الإعجازي، تستطيع أن تفعل الشيء نفسه وتحصل على أجر عظيم!.
اللهم اجعلنا من أهل الفجر وتجاوز عن تقصيرنا
يومكم سعيد وموفق!
@ طالع أيضا: مرض “النسيان”.. هل “الفيسبوك” هو السبب؟!
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.