أن ترى جموعا تتسابق وباستماتة وتقبل الإهانة، بل وتنتظر لساعات من أجل حضور مباراة كرة قدم لهي مصيبة كبرى، توحي بحجم الهوة بين واقع الشباب واهتماماته، إذ أنه يعاني من كل الأزمات وخسر الكثير ومازال يخسر ولكنه لا يهتم إلا بخسارة فريق كرة القدم الذي تبددت حظوظه في الوصول للمشاركة في كأس العالم، وحتى لو تأهل فمن المؤكد والمسلم به أنه كان سيقصى في الدور الأول.
فالفريق فسيفساء جمعت من كل مكان وأغلبهم من مزدوجي الجنسية، وما التحقوا بالفريق الوطني إلا من أجل الأجور الخيالية والامتيازات التي يحضون بها ولا يعرفون من الوطنية غير إسم الجزائر، وينتفضون إن طلب منهم الجلوس على مقاعد الاحتياط لكنهم لا ينبسون ببنت شفة لو بقوا طول مبارياتهم كلاعبين احتياطيين أو لم يشاركوا أصلا مع أنديتهم الغربية.
هكذا تصرف الملايير على الكرة لتجعل كل من أفنى عمره في طلب العلم وتحصيل المعرفة يراجع حساباته، ويتحسر على ما صار إليه حال المتعلم كما تحسرت إحدى المعلمات التي درست لاعب كرة قدم صار من المشاهير حتى أن مدرسته أقامت احتفالا وكرمت والديه وأعطتهما هدية رغم أنه كان أسوأ تلميذ بقسمه وترك مقاعد الدراسة في سن مبكرة، فهكذا لم تكرم تلك المدرسة أولياء تلاميذها النجباء ومنهم من صار مهندسا وطبيبا ومعلما، فهل هذا سيكون محفزا ليتوجه الصغار للشوارع للعب الكرة وضمان مستقبل زاهر.
تحسرت إحدى المعلمات التي درست لاعب كرة قدم صار من المشاهير حتى أن مدرسته أقامت احتفالا وكرمت والديه وأعطتهما هدية رغم أنه كان أسوأ تلميذ بقسمه وترك مقاعد الدراسة في سن مبكرة…
ولا ينحصر النجاح عندنا في أن تكون لاعب كرة فقط بل يمكن أن تنجح إن أصبحت برلمانيا، مهلا.. ليس هذا القصد ببعده الحقيقي بمؤازرة الشعب وحمل انشغالاته وخدمته إنما هو النموذج الذي يقدمه البرلماني الجزائري المثاي ؛ يتغاضى عن القضايا الهامة وإيصال صوت الشعب هو آخر همه، ضميره في قيلولة طيلة الجلسات، ومهمته هي رفع اليد للمصادقة على كل القوانين وتمرير كل المشاريع كما مُرِّر قانون المالية الجديد ليكون وبالا على المواطن البسيط الذي اعتاد التقشف منذ زمن، وليس تضييق الخناق جديدا عليه.
وما جد شيء على المواطن العربي أيضا فهو لم يستفق من سباته وحاله يثير الشفقة، إلا أنه لم يدرك بعد أن الأمة تباد بكل السبل، مشروع تهويد القدس يمضي قدما، النعرات القبلية والطائفية والحرب الأهلية وجدت مواطئ قدم آمنة، والسعي لتغيير القيم وخلط المفاهيم وزرع الخوف والجبن في النفوس وشراء الذمم لا يتوقف، ومحاولة صرف الشباب عن دينهم وأهدافهم السامية مستمرة، وكذا تخريب الاقتصاد جعل المجتمع استهلاكي واستغلال موارده الطبيعية وبسط الهيمنة الغربية على المؤسسات ممنهج، دون ذكر التدخل في كل شؤوننا حتى البرامج التعليمية تنتظر تعليمات نتعاطها كالمخدر، حتى لو كان فيها هلاكنا فسنستقبلها بالتهليل والتصفيق، أفما آن لنا أن نستفيق؟.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.
تعليق 6123
تستحقين التصفيق عن مقالاتك المميزة لنستفيق
نحن بحاجة الى اجيال مختلفة اكثر وعيا و نضجا و ايمانا فالمشكلة عميقة وتكمن أساسا في تكوين الأجيال بداء بالاسرة والمدرسة و تشكيل القدوة ورغم سوداوية الواقع الذي نعيشه الا ان هناك نجوم أمل وان صفق لها واتخذت قدوة ونجوم لنستفيق يمكن ان نغير ولو القليل بها فلكل نجومه
مثلا الطفل فرح جلود و الحافظة للقران الزهراء هني و كل الفائزين في مسابقات دولية للقران والعلوم
ننتظر مقال منك حول نجوم الجزائريين الحقيقيين بين اليوم والامس وتغييب القدوة الحقيقية عبر التاريخ الجزائري الى اليوم من بن باديس وبن نبي والإبراهيمي الى رموز العلم و النجاح الحقيقي الدنيوي والأخروي اليوم