تخيلوا "فراشة" تلك الحشرة العجيبة، المتعددة الألوان والأشكال والتألق في عالم الحشرات لجمالها ورشاقتها وخفة تنقلها، فإذا حركت أجنحتها وهي تطير في إحدى براري الصين الشعبية، قد تتسبب في حدوث أزمة مالية مدمرة في وول ستريت بأمريكا!؟ قلت "تتسبب" وليس هي السبب الرئيس أو الفعلي.
لقد وقعت عبر تاريخ البشرية أحادث “مؤلمة” عديدة سببها “فراشة” حركت جناحها بطريقة عفوية فحصلت كوارث وأزمات وحتى حروب في العالم.
يوم 28/9/1918، عثرَ الجنديُ البريطانيُ (Henry Tandey) على جندي ألماني جريح فأشفقَ عليه ولم يقتلْهُ، وأخلى سبيله، لكن تبين فيما بعد أن ذلك الجريح ما هو إلا أدولف هتلر!؟
انبثق عن “حركة الفراشة” نظريةِ سميت مجازياً “بنظرية تأثير جناحي الفراشة” انطبق عليها المثالٌ المشهورٌ،وهو أثناء اندلاع الحربِ العالميةِ الأولى وتحديداً يوم 28/9/1918، عثرَ الجنديُ البريطانيُ (Henry Tandey) على جندي ألماني جريح فأشفقَ عليه ولم يقتلْهُ، وأخلى سبيله، لكن تبين فيما بعد أن ذلك الجريح ما هو إلا أدولف هتلر!؟
يقول الجندي (Henry Tandey) في مذكراته ماذا لو قتلت ذلك الجريح (!؟) لما حصلَتْ تلك الحربُ العالميةُ الثانيةُ المدمرة؟
إنَّ ما قامَ به الجنديُ كانَ بمثابة (حركةَ فراشةٍ) أدتْ إلى (عاصفةٍ) كبيرةٍ.
وهناك مثالٌ آخر: ماذا لو لم تصفع الشرطيةِ التونسيةِ البائع محمد بوعزيزي بمدينة سيدي بوزيد يوم 2010/12/10 ما أدتْ إلى ثوران الربيع العربي وما تبعهُ من أحداثٍ في تونس، مصر، ليبيا، سوريا، لقد كانت الصفعةُ (حركةَ فراشةٍ) أنتجت (عاصفةً) ضخمةً.
كيف تحولت حركةَ الفراشةٍ إلى نظرية؟
لقد ندمت “البوتفليقية” صاحبة الفكرة المشؤومة المتعلقة بترشيح “فخامته” وكأن البلاد خلت من الرجال الأقوياء الشرفاء، لقد ندم الموالون ندما شديدا حيث لا ينفع الندم، وهم الآن يتحسرون على الخطأ الفادح الذي ارتكبوه من حيث لا يدرون، حتى صارت “البوتفليقية” تقول ياريت ما حركت الفراشة جناحيها؟
في عام 1963 نسي عالم الرياضيات والأرصاد إدوارد لويرنتز إدخال أجزاء من المائة في معادلات رياضية للتنبؤ بالأحوال الجوية، فترتب عنها خللا في النتائج، حيث وجد تفاوتًا واختلافًا في النتائج عند تكرار التجربة بسبب إهماله لبعض الأرقام التي لم يعرها اهتماما، فوجد أن هذه الأعشار البسيطة تحدث فروقًا عند التكرار ولمدة طويلة مما جعله يطلق عليها “نظرية تأثير الفراشة”، فقام أصحاب السياسة بإسقاط هذه النظرية على الأحداث الدولية الساخنة.
أما بالنسبة “للفراشة الجزائرية” التي حركت جناحيها باتجاه قصر المرادية، لما قررت “العصابة” ترشيح عبد العزيز بوتفليقة المريض جدا لعهدة خامسة رغم أنه لم يخاطب شعبه طيلة 7 سنوات كاملة؟
فثارت ثائرة شباب مدينتي خراطة وخنشلة يوم الثلاثاء 19 فبراير 2019، ليتحرك بعد ذلك كامل الشعب الجزائري في هبة وطنية تاريخية مفصلية يوم الجمعة 22 فبراير 2019 لم يكن أحد من المحللين السياسيين يتوقعها، فكانت النتيجة كالزلزال المدمر الذي يعلم نتائجه كل من في الداخل والخارج انتهت بدخول البلاد في أزمة دستورية، وسجن عشرات الوزراء والعسكريين ورجال المال والأعمال.
لقد ندمت “البوتفليقية” صاحبة الفكرة المشؤومة المتعلقة بترشيح “فخامته” وكأن البلاد خلت من الرجال الأقوياء الشرفاء، لقد ندم الموالون ندما شديدا حيث لا ينفع الندم، وهم الآن يتحسرون على الخطأ الفادح الذي ارتكبوه من حيث لا يدرون، حتى صارت “البوتفليقية” تقول ياريت ما حركت الفراشة جناحيها؟
لقد حركت الفراشة جناحيها قبل ذلك عمدا عندما داست “البوتفليقية” على الدستور أثناء الموافقة على العهدة الثالثة، وحركتها عند العهدة الرابعة، وحركتها عندما أبعدت الصحافة والعدالة والمعارضة ونهبت المال العام واشترت الذمم وشرعت للفساد وأحاطت بنفسها الفاسدين ووو…
لقد رفضت البوتفليقية سماع رنين الفراشة وهي تحلق عندما حذر السياسيون والأكاديميون من مغبة الغليان الشعبي الذي قد يتطور إلى إضرابات كبيرة، لكن المقاربة الأمنية التي كان ينتهجها النظام البائد هي التي كانت سائدة انطلاقا من نصيحة الفيلسوف الإيطالي “نيكولو مكيافيلي” الذي نصح ملكه آنذاك بأنه “من الأفضل أن يخشاك الناس على أن يحبوك”، إن لم يكن بمقدورك تحقيق كليهما”!؟
لقد كانت ردة فعل “الفراشة” مفاجئة ومدمرة على النظام وأنصاره في الداخل والخارج، فخرج الشعب الجزائري بكل سلمية وفي لحظة تاريخية مفصلية أنقذت مستقبله من الضياع لو تمكنت “العصابة” من تمرير العهدة الخامسة..
لقد كانت ردة فعل “الفراشة” مفاجئة ومدمرة على النظام وأنصاره في الداخل والخارج، فخرج الشعب الجزائري بكل سلمية وفي لحظة تاريخية مفصلية أنقذت مستقبله من الضياع لو تمكنت “العصابة” من تمرير العهدة الخامسة.
إن كل أفراد الحراك الشعبي الجزائري هم بمثابة ” فراشة” تصرفوا وأثروا بشكل مباشر للبعض، وغير مباشر للبعض الآخر، على تغيير المسار الخاطئ الذي كانت ستسلكه “الموالاة” عندما ناشدت الرئيس للترشح لعهدة خامسة! وهي تعلم جيدا أنه لا يستطيع حتى “تحريك شفتيه من شدة المرض”.
وقد أنصف التاريخ كل من عارض “ترشح فخامته” لأن أعضاء مكتب التحالف الرئاسي كانوا يوجهون تهم الخيانة لكل من كان يعارضهم.
واليوم هم الآن بين أيدي العدالة للتحقيق في شبهة الفساد المالي التي قاموا بها، وتزال الآن بقايا النظام البائد المتمسك بالسلطة تناور على أمل الالتفاف على الحراك.
لا يجب أن ينقص الفرد الجزائري من قدراته ومساهماته الايجابية مهما كانت كبيرة أو صغيرة في صناعة التغيير المنشود نحو الحرية والعدالة والتنمية، أسوة بما قدمه آباؤهم وأجدادهم في تحرير البلاد من الاستدمار الذي جثم على رقاب الشعب 132 سنة، حتى كادت الأمة أن يستسلم بها الأمر آنذاك لاستحالة تحرير البلاد…
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.