في فترة إجازتك، سيكون هناك من يعوّضك، أو ربما لن يعوّضك أحد؛ فالعمل يمكن أن يتم من دونك.
عندما تتقاعد، سيأتي شاب ليعوضك؛ وعندما تمرض وتصبح غير قادر على العمل، سيجدون فورًا من يخلفك؛ في النهاية، أنت مجرد “جسم إلكتروني” قابل للتعويض.
لذا، لا تجعل العمل هويتك، بل اجعله جزءًا من حياتك، وليس حياتك برمتها، فأنت تعمل لتعيش ولا تعيش لتعمل!
حاول أن تختار عملاً تحبه، لأنك ستقضي خلاله وقتا أطول من الذي تقضيه مع عائلتك في المنزل، ثم إن كل عمل تحبه ستخلص فيه.
إذا كنت مكتئباً في عملك، فسوف تكون مكتئباً في كل مكان تذهب إليه بما في ذلك بيتك. وحذار من الاحتراق الداخلي فكثير من الموظفين محترقين وهم لا يعرفون شيئا عن هذه الأمراض المستنزفة والقاتلة، لا يعرفون أن الغضب والتوتر وفقدان الدافع والانسحاب الاجتماعي هي من أعراض هذا الاحتراق…
في مجتمعاتنا، خاصة في الجزائر، يُقدّس الناس الوظيفة والراتب كرمز للنجاح المجتمعي، رغم أن الحِرف اليدوية مثل حرفة الميكانيكي أو الكهربائي، مجزية جداً من الناحية المادية، ولكنها للأسف محتقرة اجتماعيا.
إن إنجاز هذه المهام اليدوية يمنح شعورا بالإنجاز أفضل من العمل الإداري الرتيب، فكل يوم هناك رهان جديد ومغامرة متجددة، لا مكان للروتين.
تخبرني كهربائية السيارات الوحيدة بمدينة بوسعادة قائلة “حين أصلح عطب سيارة ويكون صاحبها قد جاب بها كل مكان دون جدوى، أشعر بلذة لا يمكن أن أصفها لك”.
إن العامل الناجح باعتقادي الشخصي هو الذي يوازن بين عمله وحياته الشخصية، مهما كان مسماه الوظيفي، لديه أوقات راحة، لا يتسبب عمله في إنهاكه نفسيا، فوظيفته تحافظ على صحته العقلية والجسدية، مع يومي راحة، أما غير ذلك فهو موت بطيء.
لا يوجد راتب في العالم يمكن أن يعوضك عن صحتك إن فقدتها بسبب العمل، أو بسبب مدير سـام، أو نتيجة لضغوط رهيبة تتحملها فوق قدرتك.
التوتر الشديد الناتج عن هذه الظروف يتسبب في مشكلات صحية خطيرة، لا تغش ولا تخدع وأعمل بمهنية وضمير، ولكن في الوقت نفسه لا تدمّر نفسك ولا تقبل بوظيفة تجعلك تعيسًا منهكا تشكو ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول.
صحتك الجسدية والنفسية أولوية، ولا ينبغي لأي منصب مهما كان راتبه أن يكون على حساب كل ذلك…
@ طالع أيضا: حديث عن الأرزاق في قاعة انتظار عند طبيب
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.