إنّ ما شهده الشارع الجزائري في الأيام والليالي الماضية يدل على أنّ لهذه الثورة جذور ممتدّة طولا وعرضا، ومن البديهي أنّ العلاج الفعّال يستوجب التشخيص الدقيق، فالمسألة تعني الدولة شعبا، سُلطة ومجتمعا مدنيا ـ إن وُجدَ ـ
هذه الأحداث عرّت الوضع، فسلطتنا “الموقّرة” ماضية في التقرير دون تبرير، ثم التطبيق دون تدقيق، ناهيك عن بعض عِلية القوم الغارق في الفساد، فمنهم من يصل الفساد إلى ركبتيه، ومنهم إلى خصره ومنهم حتى صدره، وهناك حتى الأذنين.
أمّا على مستوى الشّعب العظيم، فقد بدا في هذه الأحداث في صورة “غاشي” مغلوب على أمره، خرج من صُلبه بعض المراهقين تتدلّى سراويلهم إلى أنصاف مواخيرهم، يتنطّطون في الشّوارع، تتحكّم فيهم سيجارة محشُوّة، أو يبرمجهم قرص مُهلوس، لا يُثنيهم شيء حتى على الاعتداء على أقرب الناس إليهم، فكيف ينتهون عن الاعتداء على الآخرين وأملاكهم، إلى جانب لصوص وصعاليك كل يومياتهم إرعاب للعباد وتخريب للبلاد.
أمّا ما بين سلطتنا وشعبنا فمكان طبيعي لِما يُسمّى المجتمع المدني بمختلف صوره، أحزاب، حركات، جمعيات ومنظمات، كل هذه الكيانات من المفروض أن تكون المُهيكل والمنظِّم للمجتمع بمختلف شرائحه، إلا أنّ الواقع لسان حاله يقول: “فاقد الشيء لا يُعطيه” إن لم يقل: “لا تجني مِن الشوك العِنب.”
فالأحزاب السياسية عندنا متعدّدة النواة، قابلة للتكاثر والتناسل إلى أضداد متناطحة، وجمعيات تجمعها قصعة كسكس وتفرقها طلقة بارود، إضافة إلى منظمات ديدنها التطبيل والنفخ في المزامير، لتنشطر وتنقسم هي الأخرى أو تتلاشى بعد انقضاء الزردة.
إذن هذا هو حالنا، سلطة تبدو لا سُلطة لها و”غاشي” تحكمه الفوضى، وبينهما مجتمع مدني هُلامي لم يثبت حتى وجوده، إلى أجل نتمناه ألا يطول.
Hassene.kirouani@gmail.com
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.
تعليق 1575
رائع جداولكن للأسف الوضع أدهى و أمر مما تفضلت به و البلاد راهي غير تزيد تروح للهاوية