في السنوات الأخيرة لم أعد أشاهد الكثير من مباريات الكرة، لأنني لا استمتع بها، لم أعد أشعر أنني منخرط في المشاهدة كما كان يحدث من قبل، فأجدني خلال تبادل اللاعبين للتمرير بشكل عرضي أفكر في أشياء أخرى، وربما أنام.
في الوقت الحالي لا يمكنني مشاهدة مباراة في الدوري الإسباني والإيطالي، باستثناء الدوري الإنجليزي والمباريات الأوربية لا أشاهد الكرة.
لو شاهد جيل اليوم فان باستن وباجيو وجورج وياه وستويشكوف وروماريو ورونالدو البرازيلي لوجدوا أن مباريات اليوم بلا قيمة فنية، فالكرة لم تعد الكرة.
ويستغرب شبان الجيل الجديد حين يقرأون أنني لم أعجب بمستوى كثير من مباريات مونديال قطر، وأن مستوى مبابي أمس كان شاحبًا، لكنني متأكد أنهم لو حضروا مونديال 1998 ولو شاهدوا كرة أجاكس فان غال، وبوروسيا أوتمار ايتزفالد ومانشيستر منتصف التسعينات وجوفنتوس فيالي ورافانيلي..
ولو شاهدوا فان باستن وباجيو وجورج وياه وستويشكوف وروماريو ورونالدو البرازيلي لوجدوا أن مباريات اليوم بلا قيمة فنية، فالكرة لم تعد الكرة.
خذ على سبيل المثال منتخب فرنسا الذي قد يتوج مجددًا بطلا للعالم للمرة الثانية تواليًا، لا مجال للمقارنة بين تركيبته وتلك التي فازت بكأس العالم 1998، ففاران أقل موهبة من لوران بلان وتيو هيرنانديز أقل مهارة فنية من ليزارازو، وتشاميني بعيد عن مستوى دوسايي، وزيدان لا يقارن بغريزمان وقس على ذلك.
لقد تغير كل شيء في 2022، فاللاعب عوض الابتكار كما كان يفعل رونالدينو دون حسابات، يذهب إلى الحل الذي تعلمه أثناء تكوينه، التمريرة السهلة فيخلي نفسه من المسؤولية.
كرة القدم لم تعد تشجع على الإبداع والمجازفة، الخوف من الخطأ بسبب طبيعة التكوين والرهبة من جمهور مواقع التواصل واستوديوهات التحليل والصحافة فضلا عن الرهبة من الخسارة بسبب الأموال الكبيرة التي تضخ.
ماتت عفوية الكرة وجماليتها عندما تشاهد فريقا يتأهل إلى نصف نهائي كأس العالم مكتفيًا بـ 5 مرواغات طيلة 120 دقيقة، عدد كان يقوم به مارادونا في هجمة واحدة تنتهي بهدف.
كل هذا حول الكرة من لعبة إلى علم، فيعمل كل فريق ما في وسعه باستعمال الاحصائيات والحسابات والبيانات والتكنولوجيات وآخر التقنيات كي يوقف خصمه لا كي يمتع، أما الفرجة فلا أحد يفكر فيها، منذ أن صار محلل الآداء ومعاين الفيديو هما أهم عضوين في الطاقم الفني.
ماتت عفوية الكرة وجماليتها عندما تشاهد فريقا يتأهل إلى نصف نهائي كأس العالم مكتفيًا بـ 5 مرواغات طيلة 120 دقيقة، عدد كان يقوم به مارادونا في هجمة واحدة تنتهي بهدف.
وماتت الكرة أكثر عندما صار بوسع يافع في السادسة عشرة من عمره أن يلعب في أقوى بطولات العالم، لقد صارت لعبة يافعين تتطلب القوة والسرعة، من لا يمكنه الركض 11 كيلومتر لا مكان له في كرة اليوم.
ذهب زمن الحرية والابتكار وترك المجال للاعبين لإبراز مهاراتهم..
يقول سكولاري مدرب منتخب البرازيل الفائز بكأس العالم 2002: “دخلت إلى غرف تغيير الملابس لأطلع الفريق عن بعض الأمور التكتيكية، لكنني عندما وجدت أمامي رونالدو وكاكا وادريانو وروبارتو كارلوس وكافو، قلت لهم اذهبوا إلى الملعب وكونوا أنفسكم، وإن طرأت بعض التغييرات سوف أعلمكم بها”..
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.