زاد دي زاد - الخبر مقدس والتعليق حر

ملاحظة: يمكنك استعمال الماركداون في محتوى مقالك.

شروط إرسال مقال:

– النشر في “زاد دي زاد” مجّاني
– أن يكون المقال مِلكا لصاحبه وليس منقولا.
– أن يكون بعيدا عن الشتم والقذف وتصفية الحسابات والطائفية والتحريض.
– الأولوية في النشر للمقالات غير المنشورة سابقا في مواقع أو منصات أخرى.
– الموقع ليس ملزما بنشر كل المقالات التي تصله وليس ملزما بتقديم تبرير على ذلك.

قصبة دلس.. إرث تاريخي وتراث معماري

قصبة دلس.. إرث تاريخي وتراث معماري ح.م

على الرغم من الشهرة الواسعة لقصبة الجزائر العاصمة محليا ودوليا، إلا أنها ليست القصبة الوحيدة المصنفة كأحد أعرق الأحياء القديمة المصممة وفق طراز معماري خاص شبيه بالمتاهة التي لا يعرف مداخلها ومخارجها إلا أهلها.

فالجزائر تزخر بعدد معتبر من أحياء القصبة الموزعة على مختلف أرجاء البلاد، ومن بينها قصبة دلس الواقعة 75 كلم شرق ولاية بومرداس الشمالية التي تبعد 50 كلم عن العاصمة شرقا.

أطلقت تسمية دلس على المنطقة نسبة إلى نبات كثيف ملتف يستخدمه السكان في صنع الأسقف أو ما يعرف محليا بالسقيفة للاستضلال تحته.

zoom

نشأة قصبة دلس

تصنف هذه التحفة المعمارية القديمة ضمن قائمة المواقع الأثرية التاريخية، حيث تشير المصادر التاريخية أنها شيدت عام 1086 ميلادي، من قبل معز الدولة أحمد بن محمد بن معن بن صمادح التجيبي، آخر حكام طائفة ألمرية في عهد ملوك الطوائف، حينما فر من المرابطين بعد حكمهم الأندلس متوجها إلى المنصور الذي أعطاه أرض تدلس ليعمرها.

عندما تم غزو بجاية سنة 1509م من قبل الإسبان، تحولت دلس إلى قاعدة عسكرية بحرية للقائدين الأخوين بربروس عروج وخير الدين لشن هجمات ضد الغزاة واسترجاع كل المناطق المحتلة.

@ طالع أيضا: تمنراست.. أرض الكنوز ومهد الحضارة

إلى أن استولى عليها أبو عبد الله الحفصي، حسب ما ذكره العلامة ابن خلدون في الجزء السابع من كتابه التاريخي صفحة 128:

“كان صاحب بجاية المولى الأمير أبو عبد الله لما استولى عليها وعادت إليه العودة الثانية سنة خمس وستين كما ذكرناه في أخباره، زحف إلى تدلس فغلب عليها بني عبد الواد وأنزل بها عامله وحاميته ثم أظلم الجو بينه وبين صاحب قسنطينة السلطان أبى العباس ابن عمه الأمير أبى عبد الله لما جرته بينهما المتاخمة في العمالات فنشأت بينهما فتن وحروب وشغل بها عن حماية تدلس، وألحت عليها عساكر بنى عبد الواد بالحصار وأحيط بها فأوفد رسله على السلطان أبى حمو صاحب تلمسان في المهادنة على النزول له عن تدلس فتسلمها أبو حمو وأنزل بها حاميته وعقد معه السلم وأصهر إليه في ابنته فأجابه وزفها إليه فتلقاها قبلة زواوة بآخر عملهم من حدود بجاية…”.

وعندما تم غزو بجاية سنة 1509م من قبل الإسبان، تحولت دلس إلى قاعدة عسكرية بحرية للقائدين الأخوين بربروس عروج وخير الدين لشن هجمات ضد الغزاة واسترجاع كل المناطق المحتلة.

لكن الشواهد التاريخية تؤكد أن وجود القصبة يعود لأقدم من ذلك، حيث سكنها في السابق القرطاجيون ومن بعدهم احتلها الرومانيون وأسموها روسوكوروس في عهد الإمبراطور تيبيريو سكلوديوس قيصر أوغسطس جرمانيكوس حاكم الرومان في فترة ما بين عامي 41 و54 للميلاد، وما زالت بعض الأسوار القائمة على الجانب الغربي ترمز لتلك الحقبة.

zoom

وبدخول الاستعمار الفرنسي إلى المنطقة عام 1837م، قام الماريشال بحملة عسكرية ضد السكان وقوبل بمقاومة شرسة تحت قيادة قبيلة فليسة التي حاربت ببسالة لكن الغزاة تمكنوا من دخول دلس في شهر مايو/أيار عام 1837م.

التصنيف الرسمي لقصبة دلس

صنفت قصبة دلس العتيقة كقطاع محفوظ بموجب القرار رقم 276 المؤرخ في 18 سبتمبر/ أيلول 2007م، المتضمن إنشاء وتعيين حدود القطاع المحفوظ لمدينة دلس العتيقة ذات القيمة التاريخية والثقافية، من أجل حماية معالمها وما تزخر به من تراث نفيس..

معالم قصبة دلس

تعد اليوم مدينة دلس الساحلية إحدى أجمل المدن العتيقة، إذ أنها تضم قصبتين وهما “القصبة العليا” و“القصبة السفلى”، يمكن الدخول إليها من أربعة أبواب، وهي:

وعلى امتداد مساحة 17 هكتارا تمتعت القصبة لسنين بالبساتين الغناء حيث تتدفق وسطها العيون الجارية بمياهها العذبة النقية، والتي لم يبق منها سوى “عين الميزاب” بالقسم السفلي.

@ طالع أيضا: أزفون.. “الجنة الصغيرة” على ساحل البحر المتوسط

باب البحر، باب القبائل (الزواوة)، باب البساتين (الجنان)، وباب الجهاد، كما تتمتع المنطقة بإطلالة استشرافية ساحرة على حوض البحر الأبيض المتوسط.

يقدر عدد منازل القصبة بـ 250 منزلا، بعضها متجاور والآخر متقابل، تتخللها الأزقة الطولية الممتدة بين الأسوار الحجرية وأسقف القرميد الأحمر وأجود أنواع الخشب القديم المقاوم للظروف المناخية المتغيرة.

هذه الأبنية الجميلة تشكل نسيجا عمرانيا إبداعيا بطابعه الهندسي العثماني البسيط، فلا يوجد هناك قصور فخمة، لأن أغلب هذه المساكن أعدت للعامة.

وعلى امتداد مساحة 17 هكتارا تمتعت القصبة لسنين بالبساتين الغناء حيث تتدفق وسطها العيون الجارية بمياهها العذبة النقية، والتي لم يبق منها سوى “عين الميزاب” بالقسم السفلي.

غير أن البيوت الآهلة مازالت تحتوي على آبار تستعمل للشرب وسقي المزروعات التي تشكل موردا غذائيا أساسيا للسكان المحليين فضلا عن الصيد البحري، لاسيما مع وجود الميناء القديم أحد أهم المعالم الأثرية التاريخية التي كان لها دورا رئيسا في احتضان نشاط أبناء المنطقة الاقتصادي والتأثير على نسقهم الاجتماعي والقيمي.

zoom

الجامع الكبير (مسجد الإصلاح)

يتواجد الجامع الكبير أو مسجد الإصلاح في قصبة دلس العليا، وقد شيد عام 1847م عوضا عن المسجد العتيق الذي هدمته السلطات الاستعمارية الفرنسية وبنت على أنقاضه المستشفى العسكري عام 1844م.

وفي عام 1932م تم إلحاق المدارس القرآنية المتواجدة بالقسمين السفلي والعلوي من القصبة بالجامع الكبير مثل مدرسة زاوية سيدي الحرفي مدرسة ضريح سيدي يحي.

توسع نشاط المسجد الكبير من الناحية الإصلاحية والدعوية بفضل جهود كوكبة من خيرة علماء الجزائر الذين أوفدتهم جمعية العلماء المسلمين للتدريس والوعظ والإرشاد..

أمثال الشيخ حمزة بوكوشة، الشيخ عبد الباقي إسماعيل بن الشيخ الحسين والشيخ محمود بوزوزو، وعلى إثر هذا العمل المبارك أضفيت على التسمية السابقة للجامع تسمية مسجد الإصلاح كاسم وصفة لازمتين لدوره التربوي والثقافي.

استمر المسجد في والنشاط الدعوي وتربية الناشئة إلى غاية يوم 21 ماي 2003م، وهو تاريخ تضرره وتصدع جدرانه جراء الزلزال العنيف الذي هز ولاية بومرداس.

zoom

المدرسة القرآنية سيدي عمار

تقع المدرسة القرآنية سيدي عمار بالقصبة السفلى، تم تأسيسها كمدرسة حرة قبل وجود الاحتلال الفرنسي، واهتمت بتعليم الأطفال مبادئ اللغة العربية والدين، ثم اندمجت ضمن المنظومة المسجدية التابعة للمسجد الجامع الكبير في العهد الاستعماري.

تقع المدرسة القرآنية سيدي عمار بالقصبة السفلى، تم تأسيسها كمدرسة حرة قبل وجود الاحتلال الفرنسي، واهتمت بتعليم الأطفال مبادئ اللغة العربية والدين، ثم اندمجت ضمن المنظومة المسجدية التابعة للمسجد الجامع الكبير في العهد الاستعماري.

@ طالع أيضا: حديقة التجارب بالحامة.. لوحات طبيعية أصلية

زاوية سيدي محمد الحرفي

يقبع ضريح أو زاوية سيدي محمد الحرفي في الجزء السفلي من القصبة، ويعتبر مركزا للإشعاع الفكري والتربوي، حيث ساهم في الحفاظ على الهوية من خلال تعليم القرآن والاهتمام بنشر العلم واللغة العربية وآدابها.
الملاحظ أن هذا الضريح لا يحتوي على قبة منصوبة كبقية الأضرحة في العالم الإسلامي، كما أن بداخله محراب بسيط مزین بالبلاطات الخزفیة.

المعلم البونيقي (الجبيسة)

يتواجد المعلم الأثري “البونيقي” أو كما يعرف “بالجبيسة” في فضاء القسم السفلي للقصبة، وهو عبارة عن برج أسطواني يبلغ قطره 3 ,20 م ويصل ارتفاعه إلى 3 أمتار، يمكن بلوغ أعلاه بواسطة درج، ويعود تاريخ بنائه إلى الفترة الفينيقية.

جدار الصد

جدار الصد هو السور المحيط بالمدينة كالحصن حيث يشكل حاجزا بينها وبين الواجهة البحرية، ويبلغ طوله حوالي ألفي متر.

zoom

قصبة دلس تظل هنا..

مازالت قصبة دلس شامخة تمنع ريح النسيان وتغير الظروف الطبيعية من طمس معالمها وتغيير ملامحها، لتحفظ بين جنباتها بتاريخ حضاري وتصميم معماري يتجلى بوضوح في تصاميم “دار الجيران”..

ويسمو برفعة علو “السقيفة” المظلة لزوارها الوافدين من الداخل والخارج شوقا وفضولا لشم عطر ورودها الجورية واقتناء عقود الياسمين الأبيض المهيج بذكرى الأرض الطيبة، أرض الأجداد التي تعيد على مسامع السائلين أحداث ما تعاقب عليها من حضارات وملاحم، وتروي بفخر سير من سكنها من عظماء خلدوا أسماءهم ببسالة في ميدان شرف مقاومة المحتل الغاصب..

وبقي مدونا على تحف أثرية بعادات وتراث عريق، أين تهفوا الأنفس للعودة واستعادة عبق زمن الإصلاح، ولا تودع المكان إلا على أمل اللقاء مجددا تحت تأثير سحر الزمان وجمالية الصورة الملونة الأصيلة.

@ طالع أيضا: من زمن الفاتحين.. “غرناطة” أرض كنوز الراحلين

zoom

zoom

zoom

zoom

ads-300-250

المقالات المنشورة في هذا الركن لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

كن أوّل من يتفاعل

تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.

فضلا.. الرجاء احترام الآداب العامة في الحوار وعدم الخروج عن موضوع النقاش.. شكرا.