من الطبيعي والمنطقي أن تكون سعيدا عندما ترى إنجازات حقيقية لبلدك، في الصناعة، في الفلاحة أو في التقنية، أو في أي مجال مهم..
وكلما كان إسهام اللمسة الجزائرية في الإنجاز كبيرا، كلما كان ذلك إشارة للتقدم وتثمينا الكفاءة الوطنية.
ولا شك أن أي إنجاز مهم وحقيقي يستوجب تخطيطا محكما وفريقا أو هيئة تتابعه وتسهر على تحقيقه، وقد يستوجب مخططا حكوميا مساعدا لتحقيق الإنجاز..
وكلما كان المجال معقدا تقنيا ويستلزم تحكما تكنولوجيا كبيرا، وفيه منافسة دولية، كلما كان الجهد اللازم الإنجاز كبيرا، خصوصا إذا كنت متخلفا في هذا المجال.
يجب أن نعترف أننا وبفعل تخلفنا في عديد المجالات، وارتباطنا بالخارج في أغلب المجالات، التقنية منها خاصة، أصبح الشعور بالإنجاز استثناءا. ومدعاة للاحتفاء المبالغ فيه، خصوصا من قبل الصحافة..
وتصل أحيانا حد يدعو للأسف. عندما يجري تقييم “الإنجاز” من قبل المختصين، وأحيانا يتم تغليط المسؤولين واللعب على وتر الشعبوية تحت شعار “درناها جزائرية” ، و”كاش حاجة” 100 بالمئة جزائرية.
أصبح هناك هوس حقيقي لجزأرة المنتجات و”الاختراعات”، َلا أعلم مصدر هذا الهوس الكبير ، رغم أن كل البلدان تهتم أكثر بالتحكم في التكنولوجيا وسلاسل الإنتاج، وتكون الأولوية للسعر والتكلفة والنوعية والكفاءة ، ولا يهم كثيرا أن تكون بعض أو كثير من المدخلات مستوردة..
أما عندنا فكلمة “مئة بالمئة جزائرية” أصبحت كلمة سر وأداة ماركتينغ وتسويق، وخداع ونضليل أيضا، ومادة للصحافة لصنع الـ buzz, انتقلنا لشعبوية مسيئة تحت شعار “درناها جزائرية”.
في مجالي مثلا، عندما ينجز مهندسون جزائريون منصة إلكترونية أو برنامجا حاسوبيا، باستعمال لغات برمجة وبرامج بنية تحتية أجنبية، وهو أمر طبيعي جدا، ما يهمني هو أن المنتج من صنع عقول جزائرية، ولا يهمني كثيرا نسبة الجزائرية فيه. بل سيكون من العبث أن أقول أنه 100 بالمئة جزائري، وتختفي به الصحافة والقنوات تحت هذا الشعار.
أظن أنه حان الوقت للتوقف عن هذا المسار، والبعد عن ثقافة الـ buzz، وتحديد ما يمكننا حقيقيا إنتاجه والتميز فيه بناءا على كفاءاتنا وإمكانياتنا وعلاقاتنا الخارجية، ولنتوقف عن هذا الهوس بالشعارات والتركيز على الإنجازات الفعلية.
@ طالع أيضا: الجيل Z وأسئلة المستقبل: لا تستغربوا؟!
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.