أنباء عن خبر تنقل فرحات مهني، رئيس حركة "الماك"، التي تعتبرها السلطات الجزائرية كحركة إرهابية منذ 2021، إلى واشنطن، أين سيلتقي بالعديد من الشخصيات السياسية الأمريكية، ومن بينها بالمسؤول الأمريكي إليوتأبرامز (Elliott Abrams).
نتساءل عن خلفيات هذه الزيارة التي جاء على لسان أصحابها أنها ستدوم شهرا كاملا، وعن مآلاتها في ظل المناخ الإقليمي وبنية العلاقات الخارجية للجزائر والتي ما فتئت تعرف تحولات مهمة مرهونة بالوضع الدولي المتأجج وإعادة هيكلة منظومة الشراكات على أرض الواقع.
أولا وقبل كل شيء، الكل يعرف أن فرحات مهني وحكومته المؤقتة المزعومة قد أخذا من فرنسا مرتعا منذ مدة، ولم يعد ذلك ممكنا تزامنا مع تحسن العلاقات الثنائية بين الجزائر وفرنسا، مع اقتراب موعد الزيارة الرسمية التي سيقوم بها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى باريس في غضون الأسابيع القادمة بعدما تم إرجاؤها بسبب الأزمة الاجتماعية والسياسية الفرنسية..
مما ينذر أن فرحات مهني وتنظيمه غير مرغوب فيهما في فرنسا، وقد أكدت بعض المصادر الإعلامية ذلك على لسان مهني نفسه، مما دفع به إلى استكشاف وجهات لجوء أخرى يحتمي بها ليزاول نشاطه المعهود.
بالنسبة للقاءات فرحات مهني، حري بنا أن ننوه أنه لا يوجد Hي خبر يفيد بتلقيه دعوة رسمية من مسؤولين أمريكيين، ولكن ما يثير الانتباه هو نشره على موقع سيوال (Siwel) لصورة تجمعه بالمسؤول الأمريكي المخصرم إليوت أبرامز، ولنا أن نتساءل عن هذه الشخصية المثيرة للجدل، والتي ما وطأت قدمه في دولة إلا ووقعت المجازر والويلات، وما خاض في قضية إلا ونتج عنها فتنة لا تُبقي ولا تذر.
إليوت أبرامز.. مشوار ثري ولكن متسخ
إليوت أبرامز سياسي أمريكي مخضرم جمهوري، من المحافظين الجدد، من مواليد 1948 من عائلة يهودية متدينة من نيويورك، تخرج من كلية الحقوق بجامعة هارفارد (Faculty of Law) ومن معهد لندن للعلوم الإقتصادية (London school of Economics). اشتغل تحت إدارة ثلاث رؤساء للولايات المتحدة الأمريكية.
تم تعيين إليوت أبرامز مساعد وزير الخارجية لحقوق الإنسان في ظل إدارة ريغان، قدم دعمه، في آذار / مارس 1982، لانقلاب الجنرال الغواتيمالي إفراينريوس مونت، الذي هنأه على “إحراز تقدم كبير في مسألة الحقوق الأساسية”، و لكن في 2013، تم توجيه تهمة اقتراف جريمة الإبادة الجماعية في حق شعب غواتيمالا للرئيس إفراينريوس مونت المدعم من طرف إدارة رونالد ريغان.
خلال قضية إيرانغيت (IranGate)، أدين بتهمة إخفاء معلومات عن مجلس النواب بالكونجرس. لقد تدخل بشكل مباشر في وسائل الإعلام للتأكد من أن وكالة المخابرات المركزية لم تسلم أسلحة لمجموعة نيكاراغوا شبه العسكرية من الكونتراس. وقام الرئيس الأسبق جورج بوش بإصدار قرار رئاسي بالعفو عن أبرامز بعدما حكم عليه بعامين سجنا في ذات القضية.
انضم أبرامز لإدارة بوش في يونيو 2001 كمساعد خاص للرئيس وكبير مديري مجلس الأمن القومي للديمقراطية وحقوق الإنسان والمنظمات الدولية.
من ديسمبر 2002 إلى فبراير 2005، عمل كمساعد خاص للرئيس وكبير مديري مجلس الأمن القومي لشؤون الشرق الأدنى وشمال إفريقيا.
شغل منصب نائب مساعد الرئيس ونائب مستشار الأمن القومي لاستراتيجية الديمقراطية العالمية من فبراير 2005 إلى يناير 2009، وبهذه الصفة أشرف على كل من شؤون الشرق الأدنى وشمال إفريقيا والديمقراطية وحقوق الإنسان ومديريات المنظمات الدولية في جمهورية مصر العربية. مجلس الأمن الوطني.
عاد أبرامز إلى وزارة الخارجية في يناير 2019 كممثل خاص لفنزويلا، ما رآه الكثيرون أنه كان في مهمة إسقاط حكم مادورو في فنيزويلا، وفي أغسطس 2020 تولى منصب الممثل الخاص لإيران. غادر القسم في يناير 2021.
ذكر المحلل إريك ألترمان في مقال نشر في صخيفة لوموند ديبلوماتيك، تحت عنوان “عودة كتابة الدولة إلى الحروب القذرة “، في مارس 2019، أن إليوت أبرامز نجح، بعد الانتخابات الفلسطينية عام 2006، في منع تشكيل حكومة ائتلافية فلسطينية بين فتح وحماس، مما ساعد على إجبار الحكومة المنتخبة (من حماس) على النفي في قطاع غزة.
كما شارك في التخطيط للحرب في العراق. في عام 2002، وفقًا لتحقيق أجرته صحيفة (The Guardian) البريطانية، شجع على الانقلاب على الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز.
على الصعيد الفكري:
لقد كان إليوت أبرامز نشيطا حدا في الميدان الفكري بحيث انه كان عضوا نشطا في نادي فكري الذي يسمى “مشروع من أجل قرن أمريكي جديد” (Project for New American Century)، و هو نادي يضم صقور من تيار المحافظين الجدد، والذي شكل مجموعة ضغط على الموظفين السامين في الإدارة الامريكية ما بين 1997-2006.
استطاع هذا النادي إعداد تقرير بعنوان “إعادة بناء دفاعات الولايات المتحدة الأمريكية” (Rebuilding the defenses of America) سنة 2000، وقد قدم مجموعة من المقترحات للإدارة الأمريكية:
1 – الحفاظ على التفوق النووي؛
2 – زيادة عدد الأفراد العسكريين؛
3 – إعادة تموضع القواعد الأمريكية؛
4 – التحديث الانتقائي للمعدات العسكرية؛
5 – تطوير ونشر الدفاعات المضادة للصواريخ؛
6 – ضمان تفوق القوات التقليدية على المدى الطويل؛
7 – زيادة ميزانية الدفاع إلى 3.8٪ من الناتج المحلي الإجمالي؛
في الأخير، شخصيا لا أرى خطورة في فكر ولا في طموحات فرحات مهني، لأن الفئات التي تتعاطف مع ما يقترحه من أفكار منحصرة جدا، ولكن ما هو خطير هو استغلال ماكر للقوى الخارجية لنشاطه الساذج ومحاولة ابتزاز الحكومات والدول باسم حقوق الأقليات واحترام حقوق الإنسان.
بلا شك على الجزائريين، سلطة وأحزابا ومنظمات مجتمع مدني طرح المواضيع المتعلقة بالحريات ومبدأ دولة الحق والقانون بأكثر جدية، وفتح باب النقاش وعدم التضييق لكي لا يتم استغلال مثل هذه الثغرات من طرف أطراف خارجية ذات مصالح ونوايا مبيتة، لتنفيذ أجندات إقليمية ودولية، وما يفصلنا عن السودان الشقيق، النيجر والتشاد.
@ طالع أيضا: وكالة الأنباء الفرنسية.. الناطق الرسمي باسم فرحات مهني؟!
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.