• كان يستطيع وائل الدحدوح أصلا الاعتذار عن تغطية الحرب الجارية على غزة، لأنه لم يقصر في تغطية كل الحروب السابقة عليها، كان يستطيع دون أن يلومه أحد أن يمكث مع عائلته في العاصمة القطرية الدوحة متبرعا بتجربته في التحليل على بلاطوهات الجزيرة كما يفعل الكثير.
• كان يستطيع بعد استشهاد زوجته واثنين من أبنائه وحفيدته قبل شهر ونصف، أن يسارع هو وابنه حمزة وابنته الى معبر رفح ومنه الى الدوحة، أين يستطيع الاقامة مع من بقي حيا من عائلته مدى الحياة، ولن يستطيع أحد أن يلوم بشرا خسر عائلته ويريد الحفاظ على حياته وحياة من نجى من القصف من أبنائه.
• كان يستطيع الدحدوح على الأقل أن يركن إلى مكان أقل خطرا ليستريح من عناء البدلة والخوذة الصحفية التي جُعلت عبثا لتحمي مرتديها من الأخطار فكانت دليلا لقتلهم .. لا أحد يستطيع مواجهة الكميرا ومخاطبة العالم بعد يوم من دفن أفراد عائلته مثلما فعلها بادهاش كبير وائل الدحدوح.
كان يستطيع أن يقدم أحدا للصلاة على عائلته ثم يختفي أياما وأسابيعا بداعي التشافي من الصدمة، لكنه في اليوم الموالي زلزل كياننا بالوقوف شامخا أمام الشاشة مستمرا في نقل أخبار الحرب التي تعبنا نفسيا نحن من متابعتها فكيف بمن يكتوي بنيرانها..
@ طالع أيضا: هذه رسالة وائل الدحدوح للجزائر ورئيسها
• كان يستطيع أن يقدم أحدا للصلاة على عائلته ثم يختفي أياما وأسابيعا بداعي التشافي من الصدمة، لكنه في اليوم الموالي زلزل كياننا بالوقوف شامخا أمام الشاشة مستمرا في نقل أخبار الحرب التي تعبنا نفسيا نحن من متابعتها فكيف بمن يكتوي بنيرانها..
• كان يستطيع الدحدوح أن يبقى هو على جبهة المواجهة الاعلامية ويرسل ولده وابنته الى بلد آمن ولن يجد من يلومه على ذلك..
• كان يستطيع بعد استشهاد زملائه واصابته هو بشضايا القصف أن يرحل بعدها بداعي الاستشفاء والنقاهة وهو الذي لم يتوقف يوما عن نقل أخبار الحرب والضحايا على الشاشة..
• كان يستطيع أن يتخلى عن دوره الاعلامي في سبيل الحفاظ على نفسه والناجين من عائلته..
• صمود وثبات له وقع الرعب على الصهاينة الذين كلما قتلوا الأبرياء زاد صمود وثبات أهاليهم الذين جسد الدحدوح صورتهم بوضوح..
• فينا وبيننا من يفقد عزيزا عليه، فيدخل في أزمة نفسية لشهور تفقده القدرة على التوازن والكلام والمواجهة..
• فينا ومنا من يبتلى في أولاده أو صحته أو من يحب فيفقد القدرة على إستئناف الحياة..
• لكن وائل الدحدوح قدم للبشرية مشهدا يفوق قدرة البشر على التحمل..
صبر وجلد وشجاعة ليست الا من الله يهبها لمن يحملون أرواحهم على أكفهم من أجل أوطانهم ..
• مشهد يشبه ما نقله لنا الجنرال السفاح بيجار عن شجاعة وصبر الشهيد العربي بن مهيدي بعد أن سلخ هو شخصيا جلد وجهه ورأسه واصابعه، ليقضي الشهيد شهيدا تحت وابل العذاب دون أن يفرط أو يخضع أو يبيع ..
• قد يستمر الدحدوح في نقل أخبار الحرب على شاشة الجزيرة بعد دفنه ابنه حمزة، وثباته بهذا الشكل الذي يتجاوز طاقة البشر، يشي برغبته الجامحة في اللحاق بأفراد عائلته شهيدا في ملحمة بطولية نعجز نحن عن استيعابها أمام الشاشات، فضلا أن يعيشها بتفاصيلها المدمرة بشر مثلنا يأكل الطعام و يمشي في الأسواق ..
لله درك يا وائل الدحدوح، ملحمة في حاجة لمن يقول: حلل يا دويري!
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.