من الصعب معرفة عدد دول العالم بالضبط بسبب عدم دقة تعريف "الدولة" بالنسبة لبعض الدول لدول أخرى، أو لعدم "الاعتراف" ببعض الدول ككيان مستقل، فعلى سبيل الذكر الصين لا تعترف بالتايوان كدولة مستقلة رغم أن مئات الدول تعترف بها، والشيء نفسه بالنسبة للمملكة المغربية التي لا تعترف بالجمهورية الصحراوية أيضا كدولة مستقلة رغم أنها عضو بالاتحاد الإفريقي؟
لكن المؤكد أن عدد سكان كل الدول المعترف بها وغير المعترف بها يقدر بـ 7.2 مليار نسمة حسب إحصائيات سنة 2014 طبقا للمكتب المرجعي الأمريكي للسكان.
لم يعد هذا العدد الهائل يقلق الباحثين والحكومات بقدر ما هو مقلق لتنامي نسبة الشيخوخة في المجتمعات رغم اختلافهم هل هي الفئة التي تعد الأكثر من 60 سنة أو الأكثر من 65 سنة؟ لكن الأكثر شيوعا لدى الإحصائيين هو اعتماد فئة الأكثر من 65 سنة وحسب المعايير الدولية كل بلد تجاوز مجتمعه الـ 10% من الذين يفوق سنهم أكثر من 65 سنة فهو يعاني الشيخوخة، وفي هذه الحالة هناك 61 دولة بمختلف الأحجام السكانية تعاني ظاهرة الشيخوخة.
الجزائر ليست ضمن هده الدول لأن نسبة الشيخوخة بها لا تتجاوز 6% ولهذا لا غرابة أن تتراجع عن بعض مواد قانون التقاعد.
لقد صارت هذه الفئة “عبئا” لأنها تحولت من يد عاملة نشيطة تعيل عددا من الأفراد، صارت مستهلكة، كانت تمول صناديق المعاشات صارت تتقاضى المعاشات بالمقابل تسببت في انتعاش استثمار من نوع آخر تمثل في إنشاء مزيدا من مراكز الراحة الصحية والنفسية والسياحية وقاعات الترفيه.
الجزائر ليست ضمن هده الدول لأن نسبة الشيخوخة بها لا تتجاوز 6% ولهذا لا غرابة أن تتراجع عن بعض مواد قانون التقاعد.
ويعود سبب ارتفاع نسبة الشيخوخة لدى الأمم وخاصة المتقدمة لتغطية الصحية الجيدة، وعدم رغبة النساء في الإنجاب رغم الإغراءات والامتيازات المادية التي تمنحها الدول لكل من تنجب طفلا ولتعويض هذا النقص صارت الدول المعنية مجبرة لفتح حدودها لاستقبال المهاجرين المؤهلين رغم تحفظ أحزاب اليمين المتطرف من هؤلاء بسبب اختلاف الثقافات والتطرف الذي قد يحملونه حسب اعتقادهم، في حين لا مفر من خدمات هؤلاء لدفع عجلة الاقتصاد هناك، وتدعيم إعداد التجنيد في الجيوش…
فالولايات المتحدة الأمريكية التي فلقت نسبة الشيخوخة بها 14%، تعد اكبر دولة “مستوردة” لليد العاملة يكفي أن هناك 11 مليون شخص مهاجر غير شرعي ينتظرون منذ عدة سنوات تسوية أوضاعهم الإدارية بسبب سياسة تشدد الهجرة كما تعد ألمانيا ثاني دولة مستقبلة للهجرة تليها فرنسا وإيطاليا وإسبانيا.
هناك 55 دولة تعاني شيخوخة مرتفعة تتراوح نسبتها ما بين ال 10 وال 20 % وعلى رأسهم بلغاريا واليونان بـ 20% لكل منهما ثم تليهما كل من البرتغال وكرواتيا والسويد وليتوانيا وفنلندا بنسبة 19 %و الدنمرك واستونيا وليتوانيا والنمسا وفرنسا واسبانيا وصربيا بـ 18% وبريطانيا بـ 17%…
في حين هناك خمسة دول تعاني شيخوخة مرتفع جدا تتجاوز نسبتها ال 20% وهي على التوالي اليابان بـ 26% وكوريا الجنوبية بـ 26% وموناكو بـ 24% وكل من ألمانيا وايطاليا بـ 21% …
يحتاج الاتحاد الأوروبي نحو مليون مهاجر سنويا لتعويض نقص اليد العاملة ولهذا لا غرابة عندما فتح أبوابه مؤخرا للاجئين السورين باعتبارهم يد عاملة مؤهلة ستنشط الاقتصاد هناك وتساهم في مداخيل صناديق المعاشات الشبه فارغة .حيث استقبل سنة 2016ما مجموعه 800 ألف لاجئ سوري بسبب الحرب في سوريا التي أتت على الأخضر واليابس.
لقد صرحت رئيسة كوريا الجنوبية أن الخمس سنوات القادمة ستحدد مستقبل الشعب الكوري حتى آفاق 2050 نظرا للإجراءات التحفيزية المتخذة في مجال السياسة السكانية، وهو ما ينطبق على الدول الأوروبية وعلى رأسهم إسبانيا، وحتى الصين التي بلغت نسبة الشيخوخة بها 10 %، تراجعت مؤخرا عن سياسة الطفل الواحد المطبقة منذ 1975، حيث سمحت بإنجاب طفلين في المدن غير المكتظة وخاصة في الأرياف التي هي في حاجة إلى اليد العاملة أكثر.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.