زاد دي زاد - الخبر مقدس والتعليق حر

ملاحظة: يمكنك استعمال الماركداون في محتوى مقالك.

شروط إرسال مقال:

– النشر في “زاد دي زاد” مجّاني
– أن يكون المقال مِلكا لصاحبه وليس منقولا.
– أن يكون بعيدا عن الشتم والقذف وتصفية الحسابات والطائفية والتحريض.
– الأولوية في النشر للمقالات غير المنشورة سابقا في مواقع أو منصات أخرى.
– الموقع ليس ملزما بنشر كل المقالات التي تصله وليس ملزما بتقديم تبرير على ذلك.

رهائن المجهول

رهائن المجهول ح.م

مواقع التواصل الإجتماعي.. هل أصبحت تشكل خطرا؟!

وأنا أتجول في العالم الافتراضي للتقليل من حدّة الملل التي أصابتني جراء تداعيات كورونا، شدَّ انتباهي، تدوينة للإعلامي محمد أبو حمدية جاء فيها "في زمن السوشال ميديا أصبح فقدان الهاتف أو كلمة السر لدى البعض أصعب من فقدان العذرية".

حتى وإن كان ما قاله ترامب عن غلق مواقع التواصل الإجتماعي، يدخل ضمن حملة إنتخابية مسبقة أو صرفًا لنظر شعبه عن المشاكل التي تتخبط فيها بلاده، لكن المؤكد أنها قد تكون أكبر خدمة يُقدمها ترامب في حياته في حال تنفيذ تهديداته، مع أنه من غير المستبعد أن نسمع ارتفاع معدلات الجنون والانتحار وسنحصي ضحايانا بالآلاف وسنكون أمام فيروس أخطر من كورونا، لا لقاح له.

توقفت عند التدوينة وقفة تأمل وتساءلت إن ما كان هذا التشبيه مبالغًا فيه أم أنه يحمل من الصدق بعدما غزت الثورة التكنولوجية تفاصيل حياتنا، وباتت مواقع مثل فايسبوك، وانستغرام ويوتبوب وتوتير، أهم لدينا من شربة ماء تُحيينا.

تزامنت هذه التدوينة التي قرأتها مع تهديدات أطلقها الرئيس الأمركي دونالد ترامب، بغلق مواقع التواصل الإجتماعي، التي اتهمها بنشر معلومات كاذبة ومضللة وممارسة الرقابة على أصوات المحافظين.

وقام موقع تويتر بحجب تغريدة ترامب حول احتجاجات اندلعت في مدينة مينابوليس على إثر مقتل الأمريكي من أصول إفريقية جورج فلويد على يد ضابط شرطة أبيض في الولايات المتحدة، في حادثة فجرت غضب شعوب العالم بعدما أحيت جراح “العنصرية المقيتة”.

وقال ترامب في التغريدة إن هناك من يُسيء إلى ذكرى الضحية عن طريق ممارسات غير قانونية محذرًا من أن عمليات النهب قد يعقبها اللجوء إلى إطلاق نار، ما اُعتبر تحذيرًا من قبل الرئيس بأن قوات الأمن ستطلق النار على من يمارسون أعمال السلب.

ولاحظتُ الزوبعة التي أثارتها تهديدات ترامب بشأن غلق مواقع التواصل الإجتماعي لاسيما في أقطارنا العربية، بحيث ترجمت تعليقات النشطاء التي صادفتها مدى التعلق بهاته الوسائط الحديثة وعدم القدرة على العيش من دونها، بالرغم من إقرارنا بأنها باتت مشتتا للكثير منا وقلصت من مهاراتنا وقدرتنا على التطور، على الأقل بالنسبة للشريحة التي تستغلها للدردشة فقط.

ومن دون مبالغة، عايش الكثير منا لحظات تعطُل موقع فايسبوك على سبيل المثال، بسبب تعديلات أو تحديثات تُجريها إدارته من فترة لأخرى، وما تملكنا من مشاعر وأحساسيس بالوحدة في هذا العالم الموحش، وقد لا نجد في هاته الوضعيات حلولًا، غير التوجه إلى الثلاجة للأكل، أو الخلود للنوم أملًا في الاستفاقة على وقع وصول رسالة من أحدهم.

تساؤلات طرحتها على نفسي، هل نحن فعلا قادرون على التخلي عن مواقع التواصل الإجتماعي؟ وإن كان ذلك نعم، فكيف؟ وجدت أن الجواب سيكون صعبًا خصوصًا بعد ظهور وباء كورونا. فالملايين من العمال أصبحوا يشتغلون من بيوتهم، والتلاميذ يدرسون والتجار يبيعون سلعهم عن بعد، عملًا بمبدأ التباعد الإجتماعي.

ولعل المحزن في القصة، أنني لم أتخيل يومًا وصولنا كمسلمين إلى “العيد الإلكتروني” الذي نمارس فيه علاقاتنا العاطفية عن طريق مكالمة على السكايب أو المسانجر، بفتوى رسمية.

ففي الجزائر مثلًا، أصدرت وزارة الشؤون الدينية فتوى بتحريم التغافر المباشر (التصافح والتقبيل) خلال عيد الفطر، بل دعت إلى إرسال التهنئة عبر وسائل الاتصال الحديثة، التي يؤجر عليها الإنسان لأنه تفادى انتقال العدوى بفيروس كورونا.

لقد أصبح الانفصال عن هذا العالم الافتراضي واجبًا وطنيًا لصيانة انسانيتنا من الضياع وحتى لحماية سيادة بلداننا، أعتقد أنه حان وقت العزلة والانكفاء على الذات، والاشتغال على تعزيز المهارات الأكاديمية والعلمية بعيدا عن هاته الوسائط.

نعم بات الشتات الرقمي أكبر فيروس يُهدّدنا وأكثر فتكًا من كورونا فارتباطنا بمواقع التواصل الإجتماعي أصبح ينافس حُبنا لعائلاتنا وأصدقائنا وجيراننا، ورأينا كيف يمكن للإنسان أن تتدخل نقرة إعجاب أو تعليق أو مشاركة في تحديد مشاعره بين الحزن والفرح.

لقد أصبح الانفصال عن هذا العالم الافتراضي واجبًا وطنيًا لصيانة انسانيتنا من الضياع وحتى لحماية سيادة بلداننا، أعتقد أنه حان وقت العزلة والانكفاء على الذات، والاشتغال على تعزيز المهارات الأكاديمية والعلمية بعيدا عن هاته الوسائط.

في هذا المقام تذكرت نصائح قدمها لنا الإعلامي بقناة الجزيرة، إبراهيم فخار، خلال دورة تدريبية للصحافيين في الجزائر حول صحافة الموبايل نظمت عام 2019 :”عليكم أن تقللوا من السوشل ميديا وتستمتعوا بأوقاتكم مع عائلاتكم بعيدًا عنها واستغلال شبابكم في اكتساب مهارات جديدة، لأنكم ستكتشفون مع مرور السنوات، حجم الوقت المهدور في التصفح والدردشة”.

حتى وإن كان ما قاله ترامب عن غلق مواقع التواصل الإجتماعي، يدخل ضمن حملة إنتخابية مسبقة أو صرفًا لنظر شعبه عن المشاكل التي تتخبط فيها بلاده، لكن المؤكد أنها قد تكون أكبر خدمة يُقدمها ترامب في حياته في حال تنفيذ تهديداته، مع أنه من غير المستبعد أن نسمع ارتفاع معدلات الجنون والانتحار وسنحصي ضحايانا بالآلاف وسنكون أمام فيروس أخطر من كورونا، لا لقاح له.

ads-300-250

كن أوّل من يتفاعل

تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.

فضلا.. الرجاء احترام الآداب العامة في الحوار وعدم الخروج عن موضوع النقاش.. شكرا.