زاد دي زاد - الخبر مقدس والتعليق حر

ملاحظة: يمكنك استعمال الماركداون في محتوى مقالك.

شروط إرسال مقال:

– النشر في “زاد دي زاد” مجّاني
– أن يكون المقال مِلكا لصاحبه وليس منقولا.
– أن يكون بعيدا عن الشتم والقذف وتصفية الحسابات والطائفية والتحريض.
– الأولوية في النشر للمقالات غير المنشورة سابقا في مواقع أو منصات أخرى.
– الموقع ليس ملزما بنشر كل المقالات التي تصله وليس ملزما بتقديم تبرير على ذلك.

حلف الناتو يهدد بشنّ حرب نووية ضد روسيا

حلف الناتو يهدد بشنّ حرب نووية ضد روسيا ح.م

التصريحات الأخيرة لوزيرة الدفاع الألمانية أنيغريت كرامب-كارنباور والتي أثارت ردود فعل غاضبة جداً في موسكو، إذ أكدت كارنباور من خلال تلك التصريحات التي أطلقتها أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) قد ضاق ذرعاً بالممارسات الروسية التي تصنّف إلى جانب الصين من ألد أعداء حلف الناتو والمنظومة الغربية، وبأنه يجب على الحلف العمل على احتواء روسيا باستخدام الأسلحة النووية إن اقتضى الأمر.

وهي التصريحات التي استدعت على إثرها وزارة الدفاع الروسية بتاريخ 25أكتوبر/تشرين الأول الملحق العسكري في سفارة جمهورية ألمانيا الإتحادية لدى روسيا إلى مديرية التعاون الدولي بوزارة الدفاع الروسية، وتمّ تسليمه مذكرة احتجاج بشأن تصريحات وزيرة الدفاع الألمانية السّالفة الذكر، كما ذكر موقع Sputnik News بتاريخ 25أكتوبر/ تشرين الأول في مقال بعنوان: “الدفاع الروسية تسلم الملحق العسكري الألماني مذكرة احتجاج بشأن احتواء روسيا“.

فألمانيا تاريخياً تعتبر من أهم دول حلف شمال الأطلسي والذي يقع مقره في مدينة مؤنس ببلجيكا ويضم حوالي 30 دولة، بموازنة سنوية تقدر ب 892 مليار دولار، وهو منظمة عسكرية أنشأتها الولايات المتحدة الأمريكية في إطار حربها الباردة مع الاتحاد السوفياتي لحماية دول أوروبا الغربية من المد الشيوعي وكذلك لتوسيع نفوذها الجيو- أمني ليشمل دول أوروبا ولتكون قريبة من بحر البلطيق والبحر الأسود.

ولتضمن لنفسها تواجد عسكري دائم في قلب أوروبا عن طريق قواعدها العسكرية المنتشرة في العديد من دولها كقاعدة أنجرليك الجوية بتركيا، والتي تعد أكبر قاعدة عسكرية لحلف الناتو في القارة العجوز، وهي القاعدة التي تم إنشائها سنة 1943م، ولعبت على مدار 70 عاماً دوراً مهماً في كل الحروب الأمريكية في المنطقة، فضلاً عن الدور الذي لعبته في الحرب على الإرهاب في كل من سوريا والعراق، وتستخدم بشكل أساسي من قبل القوات الأمريكية والتركية، مثلما ذكر موقع TRTعربي بتاريخ 8 جوان/ يونيو 2021م في مقال بعنوان: (“أنجرليك” التركية وتاريخها… القاعدة العسكرية الأكثر أهمية وجدلاً).

فحلف شمال الأطلسي الذي يعتبر الدرع الحصين لأوروبا في وجه التهديدات والأخطار الخارجية، والذي هو بمثابة حلف عسكري ودبلوماسي، لعب دوراً محورياً في ترسيخ الديمقراطيات الحديثة في أوروبا سواء كانت تلك التي في البلطيق أو البلقان مما منح تلك الدول مزيداً من الثقة بالنفس ووضعها في نطاق أمني حصين، مثلما ذكر موقع BBC عربي بتاريخ 3 ديسمبر/كانون الأول 2021م في مقال بعنوان: “حلف الناتو يواجه مشكلات جذرية في ذكراه السبعين“.

فهذا الحلف الذي نجح في توحيد أوروبا سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وأمنيا إلى حدّ كبيرتعتبره الولايات المتحدة الأمريكية أكبر تجمع أمني وعسكري في العالم، والقوة الضاربة لها في وجه أعدائها، حيث استخدمته في غزوها للعراق بالرغم من رفض الأمم المتحدة ومجلس الأمن منحها التفويض الدولي لفعل ذلك، وذلك خدمة لأجندات المحافظين الجدد ولمشروع الشرق الأوسط الكبير. وتحاول واشنطن بعد زوال الخطر السوفياتي، توجيهه لمحاصرة روسيا التي أصبحت صواريخ الحلف على مشارف حدودها مع أوكرانيا ومع جمهوريات الاتحاد السوفياتي السّابقة التي أصبحت تحت حماية حلف الناتو، وانضمت إليه جميع دول حلف وارسو السوفياتي كرومانيا والمجر، وهو الحلف الذي تم إنشائه بتاريخ 14 ماي/ مايو 1955م في بولندا، وكذلك دول البلطيق التي كانت جزءاً من الاتحاد السوفياتي.

روسيا التي علّقت بعثتها مؤخراً لدى حلف الناتو احتجاجاً على قيامه بطرد 8 أعضاء من البعثة الروسية لديه بعد اتهامهم بأنهم جواسيس يعملون سراً بصفتهم ضباط مخابرات، وهو ما ردت عليه موسكو بتعليق عمل بعثة الناتو في موسكو، والتي لن يسمح لها مستقبلاً بالعمل فوق أراضيها حسبما نقلت ” وكالة أنترفاكس الروسية ” عن وزير الخارجية سيرغي لافروف، فحلف الناتو حسب تأكيده ليس مهتماً بالحوار المتساوي أو التعاون مع الروس” مثلما نقل موقع DW الألماني بتاريخ 18أكتوبر/ تشرين الأول 2021م في مقال بعنوان: “روسيا تعلق عمل بعثتها لدى حلف شمال الأطلسي وتغلق مكتبه في موسكو“.

عملت أمريكا ومنذ عهد الرئيس نيكسون على توسيع المدى الجغرافي لحلف الناتو لتطويق الدب الروسي والتنين الصيني، لأن واشنطن باتت تعيي جديداً بأنها لن تستطيع هزيمة الصين في أي مواجهة عسكرية مستقبلية قبل العمل على إضعاف روسيا واحتلالها إن اقتضى الأمر، وهذا يشمل اللجوء إلى الخيار النووي الذي لم يعد مستبعداً في أجندات صناع القرار في بلاد العم سام…

ولطالما أكد بوتين في الكثير من خطاباته بأن روسيا التي هي الوريث الشرعي والوحيد للاتحاد السوفياتي، وتمتلك أكبر ترسانة نووية على وجه الأرض، لن تسمح لحلف الناتو الذي ترى في توسعه الغير مبرر نحو مناطق نفوذها الاستراتيجي تهديداً جدياً لأمنها القومي بالسيطرة عليها، فالولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر المحرك الرئيسي للناتو لن تستطيع إحكام سيطرتها على العالم بدون السيطرة على أوراسيا كما يسميها المفكر الروسي الاستراتيجي ألكسندر دوغين، والتي تعتبر روسيا قلبها النابض، إذ أن واشنطن تعتبر موسكو أكبر أعدائها التاريخيين إلى جانب بكين، التي تقيم تحالفاً استراتيجياً مع روسيا في آسيا، وهذا ما تراه أمريكا تهديداً لمصالحها في القارة الآسياوية ككل.

لذلك عملت أمريكا ومنذ عهد الرئيس نيكسون على توسيع المدى الجغرافي لحلف الناتو لتطويق الدب الروسي والتنين الصيني، لأن واشنطن باتت تعيي جديداً بأنها لن تستطيع هزيمة الصين في أي مواجهة عسكرية مستقبلية قبل العمل على إضعاف روسيا واحتلالها إن اقتضى الأمر، وهذا يشمل اللجوء إلى الخيار النووي الذي لم يعد مستبعداً في أجندات صناع القرار في بلاد العم سام.

فوزيرة الدفاع الألمانية لم تكن لتتجرأ على إطلاق تصريحات خطيرة واستفزازية ضد دولة نووية كبرى كروسيا، إذا لم تتلقى الضوء الأخضر من واشنطن باعتبار أن ألمانيا تعتبر من أكبر حلفاء أمريكا في أوروبا تاريخياً ومن أهم الدول المؤثرة في حلف الناتو.

فحلف شمال الأطلسي الدي هادن روسيا طويلاً وتجنب الدخول في مواجهة عسكرية شاملة معها حتى عندما اعادت احتلال جزيرة القرم التي كانت جزءاً من أوكرانيا سنة 2014م، غيّر من استراتيجيته العسكرية مؤخراً وأصبح يتبنى استراتيجية جديدة لمواجهة ما أسماه أمين عام حلف الناتو السّيد ينيس ستولتنبرغ بالخطر النووي الروسي الذي بات يخيم على الدول الغربية. مثلما صرح بذلك لصحيفة ” ويلت أم زوتناغ” الألمانية مثلما نقل موقع Sputnik عربي بتاريخ 25 ماي/أيار2019م في مقال بعنوان: “الخطر النووي الروسي، يفرض استراتيجية جديدة على الناتو“.

ورسم الحلف سياسة أمنية أكثر صلابة اتجاه أعداء المعسكر الغربي الذين يرى فيهم الناتو تهديداً وجودياً له، ولا ننسى بأنه بعد الهزيمة المذلة لألمانيا أمام روسيا في الحرب العالمية الثانية، شعرت ألمانيا بعقدة النقص والرغبة في الانتقام، وخاصة بعد فشل خطة بربروسا الشهيرة التي نفذت بتاريخ 22 جوان/ يونيو 1941م، بمشاركة 4.1 مليون جندي من قوات المحور على طول جبهة تقدر ب 2900 كلم، وسميت بهذا الاسم تيمناً بالإمبراطور الألماني فريدريك الأول بربروسا، حيث تقول الأسطورة بأنه سيعود للحياة عندما تحتاجه ألمانيا ليعيد لها مجدها المفقود، وكانت أكبر عملية يشنها هتلر وحلفائه على الجبهة الشرقية آنذاك وانتهت بهزيمة مذلة لألمانيا، وكانت السبب في تغير موازين القوى لصالح الحلفاء في تلك الحرب.

فألمانيا عن طريق الاستعانة بحلف الناتو تريد ردّ الصاع صاعين لروسيا، وعملت ولا تزال عن طريق مؤسسات الاتحاد الأوروبي على محاولة اقناع دول حلف الناتو وعلى رأسهم أمريكا بضرورة القيام بتوجيه ضربة نووية خاطفة ضدّ روسيا، تؤدي إلى تدمير مدن روسيا الرئيسية كموسكو ولينين غراد وستالين غراد وسان بطرسبورغ، وشلّ مراكز القيادة والتحكم تمهيداً لغزوها برياً للانتقام مما حدث معها بالماضي، وهو الأمر الذي أشار إليه وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في أحد تصريحاته.

وتناست برلين أن روسيا الحالية تمتلك آلاف الصواريخ البالستية الفرط صوتية، والتي تستطيع حمل رؤوس نووية قادرة على تدمير أجزاء واسعة من أوروبا ومحو مدن بأكملها وفي دقائق معدودات، وأي مواجهة نووية بين الطرفين ستؤدي إلى قتل ملايين البشر، بالإضافة إلى الأضرار البيئية والمناخية الناجمة عن الإشعاعات النووية، والتي ستؤدي إلى تغيير الحياة على سط الكوكب وربما لآلاف السنين.

لذلك فإن التهديدات التي يطلقها حلف الناتو من خلال ألمانيا ليست إلا محاولة من طرف الحلف الأطلسي لحشر موسكو في الزاوية لإجبارها على تقديم تنازلات في ملفات إقليمية ودولية، وعلى فك ارتباطها المحوري الاستراتيجي مع دول كالصين وإيران وسوريا، والتي ترى فيها دول حلف الناتو تهديداً لمصالحها الحيوية، ومحاولة التأكيد كذلك على أن حلف الناتو لا يزال قوياً على عكس التقارير الاستخباراتية والدراسات الاستراتيجية التي تؤكد بأن الحلف بالرغم من توسعه الجغرافي وازدياد عدد الدول المنظمة إليه، فقد الكثير من قوته وأصبح أضعف مما كان عليه في الماضي، وهو في طريقه للتفكك والزوال لا محالة، وهزيمته النكراء في أفغانستان أكبر دليل على ذلك.

ads-300-250

المقالات المنشورة في هذا الركن لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

كن أوّل من يتفاعل

تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.

فضلا.. الرجاء احترام الآداب العامة في الحوار وعدم الخروج عن موضوع النقاش.. شكرا.