زاد دي زاد - الخبر مقدس والتعليق حر

ملاحظة: يمكنك استعمال الماركداون في محتوى مقالك.

شروط إرسال مقال:

– النشر في “زاد دي زاد” مجّاني
– أن يكون المقال مِلكا لصاحبه وليس منقولا.
– أن يكون بعيدا عن الشتم والقذف وتصفية الحسابات والطائفية والتحريض.
– الأولوية في النشر للمقالات غير المنشورة سابقا في مواقع أو منصات أخرى.
– الموقع ليس ملزما بنشر كل المقالات التي تصله وليس ملزما بتقديم تبرير على ذلك.

تطابق في الذرائع، تشابه في السياسات!

تطابق في الذرائع، تشابه في السياسات! ح.م

عناوين فرعية

  • على وقع الذكرى العشرون لاجتياح بغداد أفريل 2003-أفريل 2023

  • الغزاة الأمريكان والفرنسيون... قراءة في النسخ المتطابقة

  • الحلقة الثانية

بين الاحتلال الفرنسي للجزائر (1830) والأمريكي للعراق (2003) عبر زمنيين متباعدين، ثمة أسباب واهية، وذرائع مفتعلة، وصور متشابهة، وفرض استعماري لشروط سيادية.

@ الحلقة الأولى: الغزاة الأمريكان والفرنسيون… قراءة في النسخ المتطابقة

لقد بادرت فرنسا في “مؤتمر فيينا” 1814-1815 بطرح موضوع “أيالة الجزائر ” فيما اتفق المؤتمرون على تحطيم هذه الدولة فى مؤتمر “إكس لا شابيل” عام 1819 حيث وافقت 30 دولة أوربية على فكرة القضاء على ” دولة الجزائر”.

فرنسا وبعد معركة نافاران البحرية الشهيرة التي شنتها الدول الثلاث بعدما ما وقعت فرنسا وانجلترا وروسيا مجددا في لندن يوم 06 يونيو 1827 الحلف الثلاثي ضد العثمانيين، وتحطّم فيها الأسطول العثماني والجزء الأكبر من الأسطول الجزائري الذي بقي وحده في الميدان أمام أساطيل روسيا وفرنسا وانجلترا يوم 20 أكتوبر 1827.

وظل استعداد فرنسا للحرب على الجزائر، في شكل حصار بحري لميناء الجزائر بدأ تنفيذه في 16يوليو 1827 منذ أن رفض الباشا حسين الاعتذار عن حادثة المروحة..

ولمدة ثلاث سنوات توالت مشاريع احتلال الجزائر، وتقارير الجواسيس بشأن المعلومات التاريخية والجغرافية والعسكرية والإحصائية للجزائر، وكان الفرنسيون يهدفون بالحصار لقطع التموين عن الجزائر، حيث تولى أسطول يتكون من 12 سفينة حربية تقوم بمراقبة الموانئ الجزائرية وإيقاف السفن المشبوهة واحتجاز أخرى. (2)

هل كانت تلك هي الأسباب الحقيقية للحرب؟ إن الجواب يكمن في كلمة رجل الدولة النمساوي الشهير ميترنيخ، عن سؤال وجه إليه إذ قال ”لا يُلقي هكذا بمئات الملايين، ولا يرسل هكذا مثل هذا الجيش العرمرم عبر البحر، من أجل ضربة مروحة”..

وفي 08 أوت 1829 قررت حكومة بولينياك الحرب الفعلية، وفي يوليو 1829 وصل مبعوث خاص من شارل العاشر مللك فرنسا للمفاوضات مع الداي حسين وكانت شروطه ”رد الاعتبار للشرف الفرنسي المهان، إطلاق سراح الأسرى الفرنسيين، إنهاء فرض الإتاوة، إنهاء القرصنة”.

وقد رفضها الداي حسين وقال ”لدي بارود ومدافع”، وقد رفض من قبل الإنصات لتوجيهات السلطان العثماني محمود الثاني بعد حادثة المروحة، والاعتذار عن ما حصل منه لفرنسا وقد أصبحت دولة الدايات مستقلة، هذا حرصا من السلطان لعدم إتاحة فرصة لفرنسا، بعد تحطم الأسطول العثماني وضعف الدولة العثمانية، وجزء من الأسطول البحري الجزائري.

ولكن هل كانت تلك هي الأسباب الحقيقية للحرب؟ إن الجواب يكمن في كلمة رجل الدولة النمساوي الشهير ميترنيخ، عن سؤال وجه إليه إذ قال ”لا يُلقي هكذا بمئات الملايين، ولا يرسل هكذا مثل هذا الجيش العرمرم عبر البحر، من أجل ضربة مروحة”، وفي يوم 12/03/1830 وجه شارل العشر ملك فرنسا رسالة إلى جميع الدول الأوربية قائلا لها ”إن غزو الجزائر في صالح المسيحية كلها”.

عند قراءة مساعي احتلال الجزائر، بالإصرار والترصد، نعثر على نقاط تشابه فيما حدث للعراق، لقد دعمته الدول الغربية وأمريكا بالخصوص في حربه ضد إيران (80-88)، لوقف المد الشيعي في المنطقة وكسر الثورة الإيرانية، وبنوايا خفية التعويل على خروجه من الحرب محطما وبجيش لا يقوى على التحرك خارج أراضيه…

ولكن ما انتهت الحرب وقد بدأ الجيش العراق بجهوزية تامة عتادا وعددا (مليون جندي) وبطموح نووي، وتهديد بحرق إسرائيل (خطاب صدام 16 افريل 1990)، عثرت أمريكا على فرصتها الذهبية وحجتها الدامغة للانتقام من البعبع الجديد في الشرق الأوسط، وجره إلى الجحيم للإجهاز عليه..

ويتذكر الجميع موقف أمريكا الحيادي، حينما سأل صدام السفيرة الأمريكية في بغداد عن موقف بلادها في حال غزو العراق لأراضي الكويت، ولكن حين دخل الجيش العراق للكويت في أوت 1990، (وهو خطأ تاريخي كارثي) تكالب عليه الغرب وفرض شروطه:

– الانسحاب الفوري من الكويت

– وقف تهديد دول الخليج

– وقف التسلح النووي وتقليص تعداد الجيش..

والبقية معروفة (حرب، وحضر للطيران في الشمال، وعقوبات اقتصادية وعسكرية كارثية)…

وحين رفض العراق التطبيق والانصياع لهذه الشروط، شن عليه هجوم قاسي في جانفي 1991، شاركت فيه نحو 30 دولة بدعم عربي، تسبب في خسائر بشرية، وتحطيم لبنيته العسكرية والمدنية…

وقبل حرب الخليج الثانية أفريل 2003، أُنهك العراق عسكريا وبشريا واقتصاديا، عبر حصار دولي فرضته أمريكا نحو 15 سنة، وكان من نتائجه البشرية موت نحو (800) ألف طفل عراقي بسبب إشعاعات اليورانيوم المنضب الذي خلفته القصف الغربي على المنشات العراقية (1991 و1998)، الحصار الذي انتهى بغزو على الطريقة الفرنسية كما سنرى..

وبإسقاط نظام البعث أو الصدامين، فرضت شروطها وذرائعها مجددا، السماح لمفتشي الأسلحة، وجود تعاون المخابرات العراقية مع القاعدة، الطموح النووي.. أحداث 11 سبتمبر..، وتم الغزو بمساندة انجلترا وعدد من دول المتعددة الجنسيات (استراليا، ايطاليا، اليابان، كوريا، كندا، رومانيا…)..

صدام حسين رفض التنازل عن السلطة أو تدويرها أو اختيار المنفى كما طلبت منه بعض الدول منها روسيا، ورفض السماح لعودة مفتشي الأمم المتحدة، معتبرا أن بعضا منهم جواسيس وعيون لواشنطن وإسرائيل، وفي الأخير حين اقترب العد التنازلي كرر معاني مقولة الداي حسين بلفظ أخر مشهور ”سينتحر الغزاة على أسوار بغداد.

صدام حسين رفض التنازل عن السلطة أو تدويرها أو اختيار المنفى كما طلبت منه بعض الدول منها روسيا، ورفض السماح لعودة مفتشي الأمم المتحدة، معتبرا أن بعضا منهم جواسيس وعيون لواشنطن وإسرائيل، وفي الأخير حين اقترب العد التنازلي كرر معاني مقولة الداي حسين بلفظ أخر مشهور ”سينتحر الغزاة على أسوار بغداد”.

هنا أسوق الأسباب والذرائع التي اتخذتها فرنسا، في وقت تحطم الأسطول العثماني والجزائري، وبدأت تتعرى دولة الدايات، وأشير إلى ذرائع أمريكا بعد 11 سبتمبر الغامضة، وقد بدأ يتلاشى نظام صدام بعد عقوبات شديدة..

لنلاحظ أنه بقدر ما كانت الدول الاستعمارية، ذكية وخبيثة لأبعد الحدود في اختيار الوقت المناسب والجو الدولي السياسي لتنفيذ مخططاتها وغرز خناجرها في الدول العربية، بقدر ما كان في الطرف الأخر حكام أغبياء، ومستبدين ، لا يسمعون لرأي، لاتهمهم قضايا ومصالح الأمة، ولا يمثل لهم الوطن إلا بقدر ما يملكونه من قصور وأموال..

فالداي حسين في الأخير رفض الانصياع لتقديرات باي قسنطينة الذي نصحه بعدم السماح للقوات الفرنسي بالنزول ومجابهتها في البحر، وانتهى الأمر بالداي إلى طلب الأمان لعائلته واختيار المنفى، وصدام حسين أيضا رفض نصائح الأشقاء العرب، وفي العديد من المرات تقديرات الخبراء والقادة العسكريين والسياسيين الذين كان يضحي بهم لمجرد رأي، وانتهى كثير منهم إلى القتل والانشقاق والنفي، والقصة معروفة، ثم انتهى به الأمر إلى حفرة فاستسلام فمشنقة…

كما نلاحظ في الحالة العراقية أن فرنسا وألمانيا وروسيا، على عكس المواقف ”السياسية” لإمبراطورياتها القديمة من الغزو الفرنسي للجزائر، لم تشارك في الغزو إلى جانب أمريكا هذه المرة أفريل 2003، وقاد قادتها مشاورات وضغوط سياسية في مجلس الأمن، وأروقة المنظمات الدولية من أجل إحباط مخطط ضرب العراق، وهذا لأسباب اختلط فيها السياسي والتاريخي والاقتصادي…

لدرجة أن أمريكا اتخذت قرار الحرب دون موافقة من الأمم المتحدة، في حين كانت روسيا القيصرية في حرب دائمة مع الإمبراطورية العثمانية، بل أن الجزائر نفسها كانت لسنوات في حالة حرب مع سبع دول وهي اسبانيا، ايطاليا، والدانمرك، وهولندا، وبروسيا (ألمانيا) وروسيا، وأمريكا…

وينقل مولود قاسم عن مؤرخ ألماني قوله فيما يخص موقف أمريكا من الغزو الفرنسي للجزائر ”الآن حان وقت تصفية الحساب بين أمريكا والجزائر لصالح أمريكا”..

غير ما يلاحظ أن الحضور الانجليزي المسبق والدائم سواء إلى جانب فرنسا في حربها ضد الجزائر أو أمريكا ضد العراق فالقوم أهل خديعة ومكر مند القدم وإلى الأزل، فأين تكون الدسائس والحروب يكون الإنجليز، ولكن مانلاحظه عموما في الحالتين، أن كلا الاحتلالين قادته دولة أو إمبراطورية، بدعم من الدول الغربية…

الاختلافات في وجهات النظر بشأن الآليات والسبل الكفيلة باحتلال الجزائر، بين رجال الإدارة الفرنسية تكررت، بعد قرن ونصف بين رجال البيت الأبيض كما سنرى حول أسهل الطرق لإسقاط نظام البعث بالعراق..

الإمبراطورية الفرنسية كانت السباقة لفكرة ما يعرف اليوم ”بالدول المتعددة الجنسيات” الذي كان تحت ما يسمى ”اللفيف الأجنبي” المتكون من أسبان وطليان وألمان ولو كأفراد، ولكن برضى دولهم التي دعمت الاحتلال الفرنسي فالجنرال سانت أرنو مثلا حين أتى الجزائر جلب معه فرق اللفيف الأجنبي وهم خليط من مجرمين، لصوص، أناس يعيشون على هامش الأحداث، كما أتت أمريكا في العراق فضلا عن جيوش دولية متعددة، بشواذ من شوارع دول أمريكا اللاتينية ومرتزقة من جنوب افريقا وإسرائيل في إطار الشركات الأمنية كبلاك ووتر التي فتكت بالأبرياء العراقيين بالأمس القريب ولكن نحن أهل نسيان.

كما نشير أن الاختلافات في وجهات النظر بشأن الآليات والسبل الكفيلة باحتلال الجزائر، بين رجال الإدارة الفرنسية تكررت، بعد قرن ونصف بين رجال البيت الأبيض كما سنرى حول أسهل الطرق لإسقاط نظام البعث بالعراق..

في الحالة الأولى وقع خلاف بين القادة الفرنسيين على طرق تحقيق الهدف المشترك المتفق عليه، نشب بعد إعلان فرنسا الحرب على الجزائر يوم 16 يونيو 1827 وإن كان الاتجاه الأقوى يميل إلى الغزو العسكري المباشر، ثم الاحتلال وهو رأي الملك خاصة، ووزير حربيته المذكور، ولكن قرب الانتخابات جعل رئيس مجلس الوزراء فيليل عازفا، مؤقتا عن الاستيلاء على مفاتيح الجزائر فرفض ومعه أغلبية الوزراء مشروع الملك شارل العاشر الذي سكت، مما جعل وزير حربيته طونير يضع الملف في الدرج وفي 16 أكتوبر 1827م استقر الرأي على الاكتفاء مؤقتا بالحصار، حصار ميناء الجزائر ولكنه ظل متعلقا بمشروعه، وينتظر الوقت المناسب.

وحين تم الغزو بعد ثلاثة سنوات كان رئيس الحكومة غيزو، ضد فكرة التواجد الفرنسي الدائم في الجزائر، وغيزو هذا صاحب نظرية ”السيطرة المحدودة” ولكن ما إن تسلم منصبه الاحتلال خدمة لمصالحه (3) عكس رئيس الحكومة الذي سبقه تيار المؤيد لفكرة الايستطان، وجرى اختلاف أيضا بين الجنرال بيجو ولامورسيار بشأن سياسة تعمير وخدمة الأرض وزراعتها.. (4)

هذا الاختلاف في جدوى السياسيات المطبقة في احتلال بلد أو إسقاط نظام، تقابله هنا نسبيا نظرية بعض الديمقراطيين في أمريكا الذين فضلوا سياسة احتواء نظام صدام، ودعم المعارضة من الداخل، وإحكام الحصار بضع سنوات (إدارة الرئيس كلنتون)..

واستمر الخلاف في آليات إدارة البلاد المحتلة عقب الغزو بين الديمقراطيين في الكونغرس والبيت الأبيض، ونظرائهم الجمهوريين الذين تحكمهم نزعة المحافظين الجدد، ونعثر على الخلاف الحاد وكافة أحاديث ومؤامرات الكواليس، وما تبعها من أكاذيب واتهامات باطلة لنظام صدام حسين عبر مذكرات هؤلاء القادة والمسؤولين ( كولن باول، جورج تينت، كونديليزا رايس)…

@ تُطالعون في الحلقة الثالثة: نماذج الغزاة… أو النسخ المطابقة

ads-300-250

المقالات المنشورة في هذا الركن لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

كن أوّل من يتفاعل

تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.

فضلا.. الرجاء احترام الآداب العامة في الحوار وعدم الخروج عن موضوع النقاش.. شكرا.