سأبدأ من فوز منتخب السنغال قبل البارحة بكأس إفريقيا لأقل من 17 سنة، هذا البلد يسيطر طولا وعرضا على كأس إفريقيا للأمم لمختلف الأعمار بمستوى مختلف وواضح عن بقية المنتخبات..
تكوين آلاف المهندسين والأطباء دون نسيج اقتصادي ومحبط بيئي مساعد لن يكون إلا خدمة مجانية لأوروبا وأمريكا التي نعطيها ومجانا أحسن إطاراتنا التي كوناها بملايير الدولارات.
وسر هذا التألق ليس سرا، هو وجود الرؤية والخطة، عمل منظم مرتبط بالتكوين القاعدي مرتبط بأهداف وتقييم، أكاديميات تعمل وتنتج لاعبين ذوي مستوى عالي يباعون لأندية أوروبا من جهة، ويشكلون خزان المنتخبات الوطنية التي تجني ثمار العمل التقاعدي..
هذا العمل متوسط وطويل المىدى الذي بدأ منذ سنوات هو سر نتائج اليوم، بدل ما نفعله نحن من انتظار ما نستطيع خطفه من خريجي مراكز التكوين الأوروبية من أبناء المهاجرين والذين لم يستطيعوا اللعب لفرنسا أو منتخبات أخرى أو من استطعنا إقناعهم بشق الأنفس باختيار الجزائر.
مثال كرة القدم هذا هو فقط الفرق بين نموذج مبني على وجود الرؤية والخطة في بعد استراتيجي، ونموذج تكتيكي يحل مشاكل اليوم تحت الضغط دون ضمان فعالية الحلول الموجودة لمجابهة تحديات المستقبل..
ففي مجال آخر، حل مشكلة توظيف الجامعيين مثلا لن يحل مشاكل الجامعة إذا لم تكن لنا رؤية واضحة وخطة متكاملة لدور الجامعة في المجتمع وعلاقتها بالسوق والإقتصاد.
فتكوين عشرات آلاف الجامعيين وفتح جامعات في كل الولايات بتأطير ضعيف، ووجود الألاف ممن يحملون حرف الدال ليس إنجازا إذا كانت نتيجة هذا مزيدا من البطالين وجامعيين ذوي مستوى ضعيف.
من جهة أخرى، تكوين آلاف المهندسين والأطباء دون نسيج اقتصادي ومحبط بيئي مساعد لن يكون إلا خدمة مجانية لأوروبا وأمريكا التي نعطيها ومجانا أحسن إطاراتنا التي كوناها بملايير الدولارات.
هذا لا يعفينا من التفكير في رؤية وخطة متكاملة للبلد، لا يعفينا أن نتكلم عن الجزائر 2030 أو الجزائر 2035 كرؤية وخطة متكاملة تشمل كل جوانب ومجالات الدولة، تجعل كل القطاعات والخطط تصب في اتجاه واحد..
كل كلام عن النهضة الصناعية َوالفلاحية، عن الشركات الناشئة والابتكار، كل هذا دون خطط واضحة وأهداف بسقف زمني واضح وبمؤشرات آداء KPI قابلة للقياس وتمكن من تحديد المسؤوليات، سيكون مجرد حلول ظرفية قد تحل جزءا من المشاكل، لكن سرعان ما نواجه تداعيات أخرى في المستقبل تجعلنا ندور في حلقة الظرفية والمدى القصير.
نتفهم أن تراكمات السنين وحالة الجمود التي سادت البلد أنتجت منظومة متكاملة ومعقدة من المشاكل وتداعياتها، والأولوية هي مواجهتها.
ونفهم أن أولوية السياسي هي غالبا المدى القصير، لكن هذا لا يعفينا من التفكير في رؤية وخطة متكاملة للبلد، لا يعفينا أن نتكلم عن الجزائر 2030 أو الجزائر 2035 كرؤية وخطة متكاملة تشمل كل جوانب ومجالات الدولة، تجعل كل القطاعات والخطط تصب في اتجاه واحد..
بدل الجهود المشتتة والتي تجعل كل قطاع يسير بمعزل عن بقية القطاعات، وقد تذهب كل جهود نجاحات قطاع ما في مهب الريح لارتباطه بقطاعات أخرى تسير في اتجاه مختلف.
@ طالع أيضا: أسرار النجاح.. هل هي صالحة للجميع؟
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.