اليساريون الحقيقيون بشروا بالثورة من زنازين الطغاة الذين كان يتقاسم معهم الإسلامويون غنائم السلطة.
اليسار العربي التقدمي الأصيل والمنحاز للعدالة الإجتماعية ولحرية الشعوب تم تمزيق أوصاله في العراق، بعد وصول البعث إلى السلطة وفتك بالحزب الشيوعي ومارس ضد قادته محرقة شنيعة لا تختلف عن محرقة البعث الأخر في سوريا، الذي سحق كل التيارات الشيوعية بتواطؤ من الاتحاد السوفيتي حليف القيادة الجديدة هناك، التي دجنت من تبقى من البكداشيين، وهو نفس المصير الذي لحق اليساريين في مصر أيام الرئيس المؤمن السادات، الذي استعان بالإخوان لضرب اليسار الرافض لمشاريع الخصخصة واتفاقية العار “كامب ديفيد” وإصلاحاته الليبرالية المفلسة..
في المغرب حدثت نفس الوحشية مع اتحاد القوات الشعبية التي قتل الحسن الثاني قائدها المناضل الأممي المهدي بن بركة في باريس بتواطؤ من فرنسا، وتم الإجهاز على من تبقى من القادة والمناضلين بشكل تام.
تكررت مآسي اليساريين في لبنان أيضا، الخاضع حينها لوصاية البعث السوري، الذي أزعجه وجود طلائع يسارية تقدمية مناهضة للطائفية البرجوازية العفنة والوجود البعثي السوري، الذي قام بتصفية كل الرموز اليسارية الرافضة لفاشيته وعلى رأسهم مهدي عامل وحسين مروة وجورج حاوي وسمير قصير.
الكوارث نفسها حدثت لليساريين في كل من الجزائر وتونس والسودان واليمن بعد وأد تجربته الماركسية.. ومع ما لحق بهم من نفي وتشريد وقتل إلا أنهم لم يستعينوا بـ”النيتو” كما فعل الإسلامويون في أكثر من قطر عربي..
فضّلوا التعفن في زنازين الطغاة على استجداء الخارج بفتاوى دينية جاهزة كما فعلت أحزاب الإسلام السياسي.
اليسار العربي بأخطائه وعلى علاّته كان أكبر من أزعج الطغاة وشكل تهديدا على وجودهم الذي ترعاه القوى الامبريالية، ولا شك أن هذا اليسار اليوم يعاني من إفلاس وتيه وضعف فكري، والأسوأ؛ ارتماء بعض المحسوبين عليه في أحضان الطغاة خاصة بعد موجة ما يسمى “الربيع العربي”، حين اختارت دكاكين الشيوعية العربية ترديد خرافة نظرية المؤامرة الكونية، التي تستهدف الطغاة ودخولهم في اصطفاف وأحلاف مع قوى ونظم طائفية رجعية في تناقض فاحش مع خلفياتهم الفكرية، في حين انحاز من تبقى من اليساريين المخلصين لمبادئهم إلى حرية الشعوب وحقها في الكرامة والعدالة الاجتماعية بعيدا عن الأطروحات الطائفية التي تسبح فيها خير أمة..
سيعود اليسار بقوة لأن وجوده ضروري لتنوير الشعوب وتحريرها من الرجعيات الدينية والطائفية ولكبح جماح الطغيان وتفكيك منظومة الإستبداد العائلية العفنة.. الأمر صعب لكنه ليس مستحيلا..
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.