معروف أن رأس المال جبان وأن رجال الأعمال يبحثون عن الأمان لضخ أموالهم في مختلف البلدان، غير أن الذي لاقاه أكثر من ألفين رجل أعمال إفريقي الذين حضروا للمنتدى الإفريقي للإستثمار والأعمال كان العكس، فقط أظهرت الحكومة الجزائرية بل وأكدت أنها لا تعي ولا تريد جذب مستثمرين للجزائر، إذ كيف يأمن رجل الأعمال الإفريقي الزاحف نحو الشمال على أمواله وهو يرى تصرفات الحكومة في حفل كان المفروض أن يعطي الانطباع الأول عن البيئة الاستثمارية في الجزائر، وكيف يأمن أن يدخل في شراكة مع منتدى لا يعرف توازنات ولا أبجديات البروتوكول من خلال تصرف أقل ما يوصف به أنه تصرف أراد من خلاله أن يظهر مدى نفوذه في الجزائر ناسيا أو متناسيا أننا في بلد "الزكارة والتغنّانت"، أي أنك تغلط تخلص خاصة إذا كان الخطأ في حق من صنعوا كنهك.
لقد أضافت الحكومة وحداد ثقلا جديدا على البيئة الاستثمارية في الجزائر المثقلة أصلا بالقوانين الارتجالية التي تتغير كتغيير حفاظات الأطفال، في عدم وعي رهيب بالتحديات الاقتصادية التي تمر بها البلاد مكتفية بالتوجه لجيوب الشعب المغلوب على أمره ضاربة عرض الحائط وعودها بتنويع الإقتصاد الوطني ما يحيلنا إلى التساؤل، هل تنفست الحكومة الصعداء بعد قرار أوبيك تخفيض الإنتاج بنحو 1.2 مليون برميل يوميا؟
الأكيد أن صانع القرار في الجزائر ومن خلال السياسات الإقتصادية التي انتهجتها الجزائر لعقود المعتمدة أساسا على الإقتصاد الريعي غير المنتج يفكر بنفس الطريقة، خاصة إذا صح ما تم تداوله مؤخرا حول تدخل الرئيس لحث مؤسسات عمومية كي تسحب تمويل المنتدى الإفريقي، وإعطاء أوامر للآمرين بالمراقبين الماليين بالتدقيق في كل المبالغ التي صرفت على المنتدى، ناسفا كل الفرص التي ستضيعها الجزائر من تصرف الحكومة في المنتدى.
الحكومة تعتمد النظرية الذهبية “من لحيتو بخرلو” ولا يهمها لا سياسات ولا هم يحزنون المهم عندها أن تجد أسهل الحلول، فإن كانت أسعار البترول مرتفعة أغدقت على الشعب وأغرقته في مشاريع لا جدوى اقتصادية لها وهي قريبة للحالة التي صورها فيلم كرنافال في دشرة منها للرؤية الإقتصادية المستشرفة، وإن تراجعت أسعار البترول عادت إلى جيب الشعب من خلال زيادة الضرائب حتى الهواء لو وجدت له سبيلا لفرضت عليه الضريبة.. كل ذلك تحت شعار Avancer l’arrière.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.