يبدو أن نظام المخزن المغربي قد تجاوز في عداوته وتآمره على الجزائر كل الخطوط الحُمر، بتحريكه مجددا، سلاح الطيران المسيّر الذي جلبه من الكيان الصهيوني، لضرب القوافل التجارية المدنية بين الجزائر وموريتانيا، بما في ذلك القوافل الجزائرية.
وكشفت مصادر متطابقة غير رسمية، بينها موقع “مينا ديفانس” وموقع “الصحراوي” الناطق بالإسبانية، إضافة إلى تأكيدات بعض الجهات الحزبية الجزائرية في مقدمتها حركة البناء الوطني، عن هجوم غادر آخر قامت به طائرات مسيّرة مغربية، صبيحة السبت، استهدف هذه المرة قافلة من الشاحنات التجارية الجزائرية، على محور طريق تندوف الزويرات، بين الأراضي الموريتانية والأراضي الصحراوية المحرّرة، وأدى الاعتداء، بحسب تلك المصادر، إلى مقتل بين ثلاثة وأربعة مدنيين جزائريين، يضافون إلى قائمة طويلة عريضة من ضحايا الدرونات المغربية من جنسيات صحراوية وموريتانية وحتى جزائرية.
ولم تتحدث أي مصادر رسمية لحد كتابة هذا التقرير عن الهجوم، إلا أن صورا التقطها مارة صحراويون تشير إلى احتراق كامل لإحدى الشاحنات التجارية.
وبينما لم يتم التأكيد على مكان الاعتداء بالضبط، هل هو داخل الأراضي الموريتانية أم داخل الأراضي الصحراوية، إلا أن المؤكد أن هذا الاعتداء الذي وقع في طريق غير ممهد موروث عن العهد الاستعماري الرابط بين الجزائر وموريتانيا، المعروف بتعقيد تضاريسه، في مناطق التقاطع بين الأراضي الموريتانية والصحراوية، هو بمثابة رسالة عملية عسكرية من المخزن أكثر منها سياسية، في محاولة لتوريط الجزائر مباشرة في نزاع الصحراء الغربية، ودفعها لتكون طرفا مباشرا فيه.
@ طالع أيضا: “عقيدة العداء للجزائر” تُغرق المخزن في التطبيع العسكري
ومهما يكن من أمر، فإن استهداف المدنيين والقوافل التجارية في الطريق الدولي الموروث عن الاستعمار، حتى وإن كان جزءا صغيرا منه داخل الأراضي الصحراوية (في حدود 30 كلم)، يعد عملا همجيا وغير قانوني، لأن الطريق معترف به بأنه طريق دولي للعبور المدني، وتحميه القوانين الدولية.
وكانت الطائرات المسيّرة المغربية التي يقودها في العادة عسكريون صهاينة، قد استهدفت القوافل الجزائرية في مناسبتين، الأولى في الفاتح من نوفمبر 2021، والثانية في أفريل 2022، وهي الاعتداءات التي وصفتها الجزائر وقتها بأنها “عمليات اغتيال موجهة باستعمال أسلحة حربية متطورة من قبل المملكة المغربية، خارج حدودها المعترف بها دوليا، ضد مدنيين أبرياء رعايا ثلاث دول في المنطقة”، متوعدة بأن ذلك “لن يمر دون عقاب”.
تصعيد خطير في أوقات حساسة
ويعد هذا الهجوم الغادر، في حال تأكيده، الثالث من نوعه الذي يستهدف شاحنات جزائرية، منذ دخول سلاح الدرون الصهيوني إلى المنطقة بعد توقيع اتفاقية التطبيع بين الكيان والمخزن، وهو الأمر الذي ينذر بتصعيد خطير للغاية في المنطقة، خاصة وأن المخزن الذي يعيش أوضاعا اقتصادية خانقة منذ أن أغلقت عليه الجزائر البر والبحر والجو، ليس أمامه الآن سوى محاولة الهروب إلى الأمام، بافتعال المشاكل مع الجزائر لإسكات أصوات الشعب الجائع داخل المغرب.
وما يؤكد خطورة الوضع، أن هذا الاعتداء الجبان الجديد الذي استهدف شاحنة جزائرية، جاء بعد تصريحات خطيرة لبعض النخب المغربية يتقدمها رئيس الحكومة السابق عبد الإله بن كيران عن استعداد المغاربة لخوض الحرب ضد الجزائر، وتصعيد غير مسبوق في الحملة الإعلامية المخزنية ضد الجزائر، ومناورات واضحة من الكيان لإشعال حرب بين الجزائر والمغرب تخدم مصالحه الاستراتيجية.
كما جاء هذا الهجوم الجبان، مباشرة بعد نجاح المؤتمر السادس عشر لجبهة البوليساريو الذي انعقد بين 13 و22 من شهر جانفي الجاري، وإعادة انتخاب إبراهيم غالي على رأس البوليساريو لولاية ثالثة، والقرار التاريخي الذي اتخذه المؤتمرون الصحراويون بتكثيف خيار الحرب ضد الاحتلال المغربي، الأمر الذي أربك حسابات المخزن، وجعله يرتبك أكثر بالقيام بعمليات غير محسوبة العواقب كهذه، قد تجعله يدفع أثمانا غالية، خاصة وأنه “يلعب بالنار” مع قوة عسكرية تفوقه عدة وعتادا كالجزائر.
@ طالع أيضا: إسبانيا ترفض التنازل عن إدارة المجال الجوي الصحراوي
ويخشى المخزن الذي سلّم زمام الأمور للصهاينة لتوريطه أكثر في رمال الصحراء، من عودة أساليب القتال السابقة للصحراويين بين العامين 1986 و1989، عندما كبدت جبهة البوليساريو جيش الاحتلال المغربي خسائر فادحة في العدة والعتاد، وفي السيطرة على مخزونات كبيرة من الأسلحة المغربية وأسر أعداد هائلة من جنود المخزن.
ومهما يكن، فإن المخزن الذي تعوّد منذ فترة على استهداف القوافل التجارية بشكل ممنهج في هذه المناطق، عبر سلاح الدرونات الصهيوني، حيث سقط عشرات المواطنين المدنيين الموريتانيين والصحراويين، يكون بالفعل قد قرّر اللعب بالنار مع الجزائر، وفي حال تأكيد هذا الهجوم على القافلة الجزائرية، فإن المخزن يكون بذلك قد تجاوز كل الخطوط الحُمر، وعليه تحمّل كل العواقب.
@ المصدر: الإخبارية
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.