زاد دي زاد - الخبر مقدس والتعليق حر

ملاحظة: يمكنك استعمال الماركداون في محتوى مقالك.

شروط إرسال مقال:

– النشر في “زاد دي زاد” مجّاني
– أن يكون المقال مِلكا لصاحبه وليس منقولا.
– أن يكون بعيدا عن الشتم والقذف وتصفية الحسابات والطائفية والتحريض.
– الأولوية في النشر للمقالات غير المنشورة سابقا في مواقع أو منصات أخرى.
– الموقع ليس ملزما بنشر كل المقالات التي تصله وليس ملزما بتقديم تبرير على ذلك.

المجلس التأسيسي بين رفض الإسلاميين ورغبة اليساريين

المجلس التأسيسي بين رفض الإسلاميين ورغبة اليساريين

تنقسم الساحة السياسية الجزائرية تجاه مقترح انتخاب مجلس تأسيسي في البلاد ،وتبدو حالة الاستقطاب شديدة بين طرفين بارزين وعائلتين متناقضتين فكريا وإيديولوجيا، فأحزاب التيار الوطني والإسلامي تقف موقفا رافضا ومعارضا للفكرة من الأساس ، فيما تشدد أحزاب المنتمية إلى اليسار على أن لا إصلاح سياسي حقيقي وعميق يمكن أن يتم في الجزائر دون انتخاب مجلس تأسيسي.

المجلس التأسيسي هو مجلس منتخب من قبل الشعب وتترشح لعضويته كل الأحزاب والقوى والشخصيات التي يسمح لها القانون بالتقدم إلى الانتخابات ، فهو من الناحية الشكلية لا فرق بينه وبين أي مجلس آخر منتخب وإنما  الفرق في وظيفته ودوره وصلاحياته وما يقوم به ، وهنا نقطة الارتكاز الأساسية لأن دوره هو القيام بإعادة  بناء النظام السياسي يمهد لإقامة سلطة جديدة ووضع دستور جديد بما يحقق القطع مع مرحلة الماضي ،و أفضل مثال على هذا الدور هو ما يجري حاليا في الشقيقة تونس حيث تستعد البلاد لإجراء انتخابات شهر جويلية المقبل لتشكيل مجلس تأسيسي  تكون وظيفته  إعادة بناء الدولة التونسية على أسس جديدة ومختلفة  تتلاءم وإفرازات الثورة ويقطع الصلة مع كل مخلفات نظام بن علي.
 وقد سبق  للجزائر وعاشت تجربة المجلس التأسيسي  الذي تم انتخابه لأول مرة عام1963وترأسه فرحات عباس وخولت  له  صلاحيات وضع أسس الدولة الحديثة لجزائر ما بعد رحيل الاستعمار الفرنسي،و قد شهدت اجتماعات المجلس التأسيسي الأول والوحيد في تاريخ الجزائر  إلى حد الآن نقاشات إيديولوجية وفكرية حامية ومحتدمة بين التيارات السياسية المتلاطمة في الساحة الوطنية التي عادت للتعصب إلى مرجعياتها بعد خمودت نسبي أثناء مرحلة الكفاح المسلح ، ويروي بعض  الذين كانوا أعضاء في المجلس أن الصراع  كان شديدا بين مختلف التيارات السياسية ،وأن بعض الأعضاء عملوا المستحيل من أجل  المساس بالهوية الوطنية وإقصائها  من الدستور الجديد  والتأكيد على الطبيعة العمانية السافرة للدولة الوليدة ، وقد ظل التيار الذي تمثله جبهة القوى الاشتراكية والقوى القريبة  منها يطالب منذ ذلك الوقت بتشكيل مجلس تأسيسي تمثيلي تعطى له كل السلطات لوضع أسس جديدة للدولة الجزائرية  لأن حسب رأيهم أن حل الأزمة في البلاد يمر من هنا ، وقد اختفى هذا المطلب لعشريات من الزمن لكنه عاد ليظهر بعد الانفتاح السياسي عام 1989 وإقرار التعددية الحزبية وخروج كل الجماعات والتنظيمات من دائرة السرية إلى ضوء الشمس،  حيث رفع هذا المطلب غالبية أحزاب اليسار لاسيما الأفافاس وحزب العمال  لكنه ظل دوما بلا صدى لدى أصحاب القرار من جهة  وباقي مكونات المشهد السياسي في البلاد  من جهة أخرى لأسباب عديدة أبرزها أن مكونات وثوابت الدولة والشخصية للشعب الجزائري غير قابلة للمراجعة وإعادة التأسيس ،قبل أن يطوى  هذا المطلب مرة أخرى طيلة سنوات الأزمة الخطيرة
التي مرت بها البلاد  ليعاودالظهور هذه الأيام بعد إعلان الرئيس بوتفليقة نيته الذهاب إلى إصلاحات سياسية شاملة حيث أعادت جبهة القوى الاشتراكية وحزب العمال  الدفع بمطلبهما بضرورة انتخاب مجلس تأسيسي إلى الواجهة  على أساس أنه بوابة المرور إلى  التغيير الحقيقي في الجزائر.
وعلى الرغم من الإجماع الحاصل على ضرورة الإصلاح السياسي الشامل إلا أن أحزاب التيار الإسلامي والوطني تقريبا كلها تقف موقف الرافض أو المتحفظ لمقترح انتخاب مجلس تأسيسي لأن ذلك سيعرض المبادئ والثوابت للمراجعة والتعديل والتصحيح، وهذا ما يرفضه الإسلاميون والوطنيون ويعارضونه،بل إن حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي يريان في انتخاب مثل هذا المجلس تنكرا لكل منجزات الجزائر منذ استقلالها، ويعتقدون  بأن الوضع بحاجة إلى إصلاح لكن ليس إلى هذا الحد ، فيما ترى القوى الأسلامية سواء تلك المشاركة في الحكومة ، حركة مجتمع السلم أو المعارضة لها مثل  النهضة والإصلاح أن هذا المجلس قد يعرض الهوية الوطنية للخطر وأن عناصر الشخصية الجزائرية غير قابلة للنقاش   لأن هذا النقاش إذا ما فتح فلن يستثن لا الدين ولا اللغة و لا الوحدة الوطنية ، ويضيفون عليه بأن الجزائر سبق لها ووضعت مجلسا تأسيسيا بعد الاستقلال ولا حاجة للعودة إلى ذلك والبدء من نقطة الصفر  ، وهنا تقول  قوى اليسار بأن ذلك المجلس لم يكن تمثيليا ولا يعكس الاتجاهات الكبرى للمجتمع الجزائري لأنه كان تحت سيطرة الحزب الواحد  حينها و هو جبهة التحرير الوطني علما أنها كان يجمع بداخله جماعات فكرية وإيديولوجية متناقضة ، فهذه القوى ترى أن ذلك المجلس لم يكن ديمقراطيا وبالتالي فإن قراراته لا تعكس إرادة الشعب الجزائري برمته، لذلك فإن الذهاب إلى إصلاحات سياسية عميقة وشاملة خلال المرحلة القادمة  لا يمكن أن يتم دون إقامةانتخابات تعددية لمجلس تأسيسي يضع المبادئ الحقيقية لإقامة نظام سياسي في البلاد.
إذن فالمعركة والخلاف حول المجلس التأسيسي هي بالأساس معركة إيديولوجية وفكرية بين القوى  الوطنية والإسلامية الخائفة   من أن يتم التلاعب بالأسس والقيم والثوابت الوطنية والحضارية للشعب والدولة ، فيما ترى قوى اليسار أن لا مجال لنجاح الإصلاح السياسي في البلاد  إذا لم تتم مراجعة الأسس التي بنيت عليها الدولة الجزائرية.
وبين هؤلاء وهؤلاء لا يجب أن ننسى في غمرة هذا النقاش  أن قرار الحل والربط هو بيد القاضي الأول في البلاد الذي  يلتزم صمتا لا ندري إن كان حكيما .

Merouane07@yahoo.fr

ads-300-250

المقالات المنشورة في هذا الركن لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

1 تعليق

تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.

  • تعليق 1963

    احسن بوشة

    سيدي إن الحل والربط هو بيد السيد الأول في هذه البلاد,الشعب الجزائري.
    إن الذين لهم أي شك في تعرض ثوابت الأمة للتغيير هم ولاشك يعيشون في وهم كبير,فأرموا الكرة إلى الشارع لتروا رأي الشعب في الثوابت وكيف يعض عليها بالنواجد أكثر من أي وقت مضى. فالشعب الجزائري لم تنجح فرنسا في طمس مقوماته على مدى 130سنة من التدمير,فكيف ستنجح 50سنة من العبث السياسي والثقافي في فعل ذلك؟
    في رأيي أنه لاحاجة لمجلس تأسيسي الآن,بل الحاجة كل الحاجة,إلى تغير دستوري عميق وإلى قبول الطبقة الحاكمة,يمينية أو يسارية, الذهاب إلى إنتخابات حقيقية يكون الترشح فيها وفق شروط جديدة تسمح للجميع الترشح,ولا إقصاءات أمنية أو سياسوية خبيثة,فالجزائر للجميع.
    إن مايوجد في الميدان الآن أوصل الجزائر سياسيا وأقتصاديا وربما اجتماعيا كذلك إلى الفشل,فلنعود إلى الجزائر العميقة ونتقبل بعضنا البعض ثم نحتكم فعلا إلى الصندوق,وهذا ما يرعب من هم في سدة الحكم الآن ومن ينتظرون دورهم كذلك,سواء كانوا إسلاميين,وطنيين أو علمانيين.

    • 0

فضلا.. الرجاء احترام الآداب العامة في الحوار وعدم الخروج عن موضوع النقاش.. شكرا.