قبل سنوات زارني في مكتبي عدد من الشباب، يقودون جمعية تنشط في احدى الولايات الفقيرة، واقترحوا علي التعاون لإقامة نشاط شباني في منتدى الحوار يقومون خلاله بتكريم الوزير الفلاني والمستشار الفلاني ورئيس الهيئة الفلانية!
اندهشت ثم سألتهم والمرارة في فمي.. كيف كانت رحلتكم؟.. قالوا جئنا في سيارة أجرة وسنعود بنفس الطريقة والله أعلم أين سنبيت الليلة!
سألتهم لماذا تريدون تكريم هؤلاء المسؤولين؟ فتلعثموا لكنني فهمت أنهم يبحثون عن أي مسؤول يفتح أمامهم أبواب الدعم المادي والمعنوي..!
بيان الرئاسة الأخير من شأنه قطع دابر هذا السلوك المشين مستقبلا في كل القطاعات والمجالات، وإبطال مخطط الاستعراض الذي تعود القيام به بعض النصابين الفشلة على حساب الكفاءات التي تعمل في صمت.
الحقيقة أنني أشفقت على ضيوفي مما في خاطري، ذلك أنني سليط اللسان عندما تستبد بي الكلمات، لكنني قلت لهم بكل عطف “لكان جات الدنيا دنيا هؤلاء المسؤولين.. الوزير والمستشار والمدير هم من يتشرفون بتكريمكم لأنكم شباب مكافح يقطع مئات الكيلومترات من أجل نشاط شباني..”!
لعلها ثقافة انتشرت وترسخت حتى في أذهان بعض شبابنا الطموح، نتيجة سلوكات مشوهة فُرضت عليهم لاجتياز بعض الاستحقاقات في حياتهم..
لقد عشت ورأيت مسؤولين وجمعيات يكرمون بعضهم البعض، ونشطاء في المجتمع المدني وبعض النخب، يصنعون فعاليات بالملايين من أجل تكريم وزير أو وال فاشل يتسولون منه توقيعا أو دعما ماديا!
وعشنا جميعا كيف كان القوم يكرمون “كادر” بـ”كادر” آخر! بينما الأغلبية تصفق!
ثم انتقلت العدوى إلى الجمعيات والتنظيمات فانتشرت في الصالونات من غير استحقاق، حتى توارى من يستحقون فعلا التكريم إلى الوراء بعد أن تميعت العملية ولم تعد مرتبطة بالاستحقاق، ثم انتشرت في كل القطاعات والمجالات والمستويات..
@ طالع أيضا:
أيها الولاة.. “الكاميرا” سلاح ذو حدّين؟!
رأيت من يحمل في حقيبته “كوادر” كثيرة ويطوف بها على بعض المسؤولين في مكاتبهم ليكرمهم وينشر ذلك في الفيسبوك حتى تفتح له الأبواب المغلقة في الإدارة!.
ورأيت من يكرم قاعة كاملة حضرت لتكريم شخص بعينه، ففاضت “الكوادر” على الحاضرين كلهم..!
عرفت وسمعت عن محتالين من نوع خاص قضوا مآربهم وحصلوا على امتيازات غير مستحقة، بسبب صورة فوتوغرافية التقطوها رفقة مسؤول كبير فكانت مفتاحا لأبواب صغار المسؤولين!
الحقيقة أن التكريم هو سلوك نبيل لمن يستحقه، لكن استغلته إرادة الانتهازيين والطماعين والمتسولين لتحقيق مآرب ومكاسب غير مشروعة، حتى أخذ المشهد صورة كاريكاتورية في المجتمع فيها رائحة النصب والاحتيال.!
بيان الرئاسة الأخير من شأنه قطع دابر هذا السلوك المشين مستقبلا في كل القطاعات والمجالات، وإبطال مخطط الاستعراض الذي تعود القيام به بعض النصابين الفشلة على حساب الكفاءات التي تعمل في صمت.
@ طالع أيضا: لماذا يبعث الأساتذة تلاميذهم إلى مستنقع “أنستغرام”؟!
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.