شركة نيسان اليابانية تملك وحدة تركيب السيارات في ساندرلند ببريطانيا، ونظرا للقيود الجمركية الناتجة عن خروج البلد من الاتحاد الأوروبي، واحتمال فرض ضرائب جديدة على نيسان مقابل تصدير سياراتها المركبة في بريطانيا إلى الإتحاد أرادت نيسان أن تغلق جزء من مصنعها أو تجمد توسيع مصنعها إذا لم تتلق تعويضا عن الضرائب الجمركية من الحكومة...
الحكومة البريطانية اجتمعت مع الشركة وأعطتها إغراءات جيدة، لأنها بحاجة للإستثمارات الأجنبية، فما كان من نيسان إلا الموافقة، وزادت بأنها ستوسع من حجم المصنع وتنتج سيارتين واحدة رباعية وأخرى عادية لأول مرة في مصنع سندرلند شمال شرق انجلترا، وهو ما سيوفر مداخيلا إضافية وفرص عمل جديدة للإقتصاد البريطاني.
إلى هنا تبدو القصة جميلة والفائدة للطرفين، لكن ولأن بريطانيا لها خبراء ومحاسبين، وصحافة استقصائية قوية وحرّة، ولها معارضة حقيقية، فهم يريدون معرفة ماهية التنازلات أو “الإغراءات” المقدمة لليابانيين والتي جعلتهم يغيرون رأيهم ويوسعون المصنع؟
التهمة الموجهة إلى الحكومة هي تنازلات ضريبية قدمت لنيسان كمحاباة أو كرشوة لمنع هروبها من الاستثمار في بريطانيا…
التهمة الموجهة إلى الحكومة هي تنازلات ضريبية قدمت لنيسان كمحاباة أو كرشوة لمنع هروبها من الاستثمار في بريطانيا.
المعارضة والخبراء يقولون لو تقدم الحكومة تنازلا ضريبيا لشركة واحدة، فإن الشركات الأخرى ستشرع في مساومة الحكومة ودفعها للمعاملة بالمثل، وسينهار النظام الضريبي وهو نظام يشكل قرابة ثلث إقتصاد بريطانيا… وزادوا بأن الحكومة قررت إجراء الاستفتاء والخروج من الاتحاد الاوروبي وعليها أن تتحمل النتائج.
لقد وقعت الحكومة في أزمة تقدم تنازلات أو ستهرب من سوقها الاستثمارات!
الضرائب في بريطانيا هامة جدا، مداخيلها حوالي 650 مليار جنيه أو 37℅ من الناتج المحلي الخام برمته… والسياسة المالية تقوم على تحصيل الجبايات وتخطيط النفقات، وما تجنيه الدولة من ضرائب يسخر في نفقات الصحة والتعليم والسكن والإعانات والضمان الاجتماعي ككل، والبنيات التحتية وهي تقدر بمئات المليارات تؤخذ من الغني وتوزع على الجميع وخاصة الفقير، لو سقط نظام الضرائب لسقط الاقتصاد.
صاحبة الجلالة رونو في وهران!
أما مصنع رونو في وهران فهو أصغر من مصانع رونو في بلدان أخرى، وقد فرض شروطه على الجزائر، وحتى الآن لم يحقق الكثير للإقتصاد الوطني بل ربما أضر بمصالح الجزائر..
في البداية رفض المواقع المقترحة عليه وكأنه هو من يخطط سياسة التنمية الوطنية، ثم جاءت شروطه الأخرى بغلق باب المنافسة واحتكار السوق وضمان طلب وطني على سيارة “السامبول”.
ما حدث مع رونو نفس الشيء يحدث مع مشاريع سوناطراك والأشغال العمومية والجامع الأعظم، فلا حسيب ولا رقيب، فأين هو الحكم الراشد الذي يرشد النفقات ويحمي المصلحة العليا للوطن؟
كل هذا تم دون شفافية أو أرقام متاحة للجميع، ولم نر النخب أو الأحزاب تحاسب الحكومة على ذلك، ما حدث مع رونو نفس الشيء يحدث مع مشاريع سوناطراك والأشغال العمومية والجامع الأعظم، فلا حسيب ولا رقيب، فأين هو الحكم الراشد الذي يرشد النفقات ويحمي المصلحة العليا للوطن؟
“البقارة” والتهرب الضريبي في الجزائر
لو نظرنا إلى دور الضرائب والزكاة في تمويل الخزينة العمومية ولعب دور في التنمية، وافترضنا أن نسبة الضرائب 20% من الناتج المحلي الخام، لجمعنا حوالي خمسين مليار دولار في العام وهو رقم كافي لسد العجز أو لتغطية ميزانية التجهيز..
لكننا لو جمعنا نصف المبلغ فقط لأن الجمارك ومصلحة الضرائب يحدث فيهما تهرب وفساد، فالنصف الآخر سيذهب الى جيوب رجال الأعمال والتجار، ربح سهل، ولذلك نراهم يتغنون بالوطنية الكاذبة كل يوم.
في الجزائر تجد التاجر في بلدية صغيرة يحصد أرباحا ويبني بيتا كبيرا ويتوسع في تجارته، وعندما تأتي مصلحة الضرائب يتهرب.. وعلى مستوى أعلى تجد كبار “البقارة” هم كبار المتهربين.
وطبعا المعارضة ساكتة، الصحافة ساكتة، الخبراء المحايدين مغيبون، والبلد ينهب جمركيا وجبائيا وقرضيا، والملايير من الدولارات نهبت وتنهب جبائيا، ولهذا نحن لسنا بخير..
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.