المتأمل للمجتمع الجزائري والدارس له، يدرك أن البؤس الفكري قد مد جذوره في عمق مجتمعنا، فتسويق التفاهة قد أصبح علنيا وبأسماء مختلفة.
باختصار “مكااش حاجة تفرح”، إذا فتسمية مجتمع لازالت بعيدة عنا نوعا ما فنحن مجرد غاشي لا فائدة منه.
لكن من المتسبب في هذا التقهقر والانحطاط الرهيب، من المسؤول عن كل هاته العبثية اللامسؤولة، الأكيد أن للأمر خلفيات تاريخية وفلسفية هي أكبر بالتأكيد من كاتب مغمور مثلي، لكن الجدير بالذكر أن العشرية السوداء ساهمت في خلق جيل تحكمه الغوغاء. لدرجة أن البعض إن لم نقل الكل لازال يحلم بعودة الجبهة الإسلامية للإنقاذ بل ويعتبر عودتها هي الحل لكل مشاكل وأزمات الجزائر.
البعض أيضا لازال يعتبر علي بلحاج مثالا أعلى وقدوة كبرى، المشكلة ليست في علي بلحاج، المشكلة في ثقافة البعض القائمة على تقديس الأصنام الفكرية، فالعقل العربي مفطور على تبجيلها وما عليك فقط إلا أن تتجرأ لتحطيمها لتتفاجأ بفؤوسهم وهي تقع على رأسك.
البعض إن لم نقل الكل لازال يحلم بعودة الجبهة الإسلامية لإنقاذ بل ويعتبر عودتها هي الحل لكل مشاكل وأزمات الجزائر.
البعض أيضا لازال يعتبر علي بلحاج مثالا أعلى وقدوة كبرى…
العشرية السوداء أنجبت أيضا جيلا كاملا من حراس المعبد الذين لا يعرفون سوى كيل الاتهامات وإقامة محاكمات علنية وافتراضية، وعلى لسان كل هؤلاء ازدراء الأديان، تشويه الإسلام، النيل من مقومات المجتمع الجزائري.. الكل أصبح حاكما ومفوضا إليها مكلفا بالدفاع، وإقامة محاكمات افتراضية وعلنية للكل.
الكثير من القطيع أيضا لازال ينظر لمشكلة التحرش أن سببها لباس المرأة، وأن المتحرش ليس سوى فرد مغلوب على أمره لو تحجبت كل النساء لأصبح ملاكا طاهرا، حتى أن البعض قد بدأ ينشر حملة تافهة لسن قانون يفرض الحجاب في المؤسسات الجامعية.
ورغم ذلك لازال السواد الأعظم من مثقفينا يخاف مصارحة المجتمع ببؤسه وانحطاطه الفكري، وينساب في مداعبته وتسويق الوهم الناعم، والانخراط في كتابة قصص العشق والحب السطحية، والاستقالة تماما من دورهم كمثقفين حقيقيين.
وفي الأخير لا حل سوى الصدمة، سوى زيادة فولتات الكتابة الصادمة، وإلقاء ذلك الخوف في أخدود عميق.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.