الحايك زي تقليدي ارتدته المرأة العربية عامة، غير أنه عرف انتشارا واسعا في دول المغرب العربي، إذ يعد لباسا تراثيا بامتياز، وهو عبارة عن قطعة من القماش غالبا ما تكون بيضاء، تستر الوجه وسائر الجسد..
وتطلق عليه عدة تسميات منها: السفساري، الملحفة، اللحاف، والكسا (الكساء)، ورغم تراجع نسبة لبسه إلا أنه مازال حاضرا في بعض المناطق، مثل قصبة الجزائر.
أصل الحايك
اشتق اسم الحايك من الفعل حاك أي نسج، ومصدره حياكة وهي عملية نسج القماش أو إنتاج نسيج من الصوف، وحسب مختلف المصادر التاريخية، ينسب الحايك إلى الأندلسيين، ولو أن بعض المؤرخين ألحقوا هذا الزي بالعهد العثماني، لكن المرجح هو أن أصله أندلسي.
اشتق اسم الحايك من الفعل حاك أي نسج، ومصدره حياكة وهي عملية نسج القماش أو إنتاج نسيج من الصوف، وحسب مختلف المصادر التاريخية، ينسب الحايك إلى الأندلسيين، ولو أن بعض المؤرخين ألحقوا هذا الزي بالعهد العثماني، لكن المرجح هو أن أصله أندلسي..
@ طالع أيضا: عاد رمضان الذكر والذكرى
مع سقوط الإمارات الإسلامية بالأندلس، بدأ المسلمون في الهجرة إلى الأقطار الإسلامية المجاورة والتي يسهل الوصول إليها عبر البحر..
حيث بدأت موجات المهاجرين الأندلسيين تصل إلى المغرب العربي مع مطلع القرن الثالث عشر الميلادي، مما أدى إلى تبادل ثفافي وحضاري بين السكان المحليين والوافدين، ولاقى هذا التجديد تفاعلا وقبولا كبيرا، فقد كان المعتقد المشترك داعما لهذا الاحتكاك، وبهذا انتشر لباس الحايك الذي يوافق ما شرعة الدين الإسلامي من لباس تخرج به المرأة من بيتها.
الحايك تطبيق لأمر إلهي
الحايك ستر للمرأة وحجاب لها عن عيون الأجانب، وهو تطبيق لما فرض عليها بأمر إلهي منذ أربعة عشر قرن، حيث قال تعالى:
“وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” (سورة النور/الآية: 31).
والحايك الأصيل موافق تماما للمواصفات الشرعية للباس المرأة المسلمة، إذ أنه ساتر لجميع البدن، صفيق لا يشف، واسع غير ضيق، ولا يشبه لباس الرجال أو الكافرات، وليس مبخراً ولا مطيبا ولا لباس شهرة، أما غير ذلك فهو باطل، كذاك الزي الذي يظهر نصف الرجل، الذراع، وغيرها من الأجزاء والمفاتن ويقال عنه حايك.
الحايك رمز للحشمة والستر
ارتداء الحايك في الماضي كزي موحد للنساء كان رمزا للعفة وصون لهن ولمحيطهن، وباحتشامهن شكلن قوة في التأثير الايجابي، فقد كن فاعلات في المجتمع لا مجرد واجهة يتفرج عليها القاصي والداني، ملتزمات بدينهن الذي يفرض عليهن عدم كشف الجسد أمام الأجانب، وباختصار حرمة التعري وللجنسين.
الحايك ستر للمرأة وحجاب لها عن عيون الأجانب، وهو تطبيق لما فرض عليها بأمر إلهي منذ أربعة عشر قرن…
@ طالع أيضا: برج تامنفوست.. تاريخ من المقاومة والانتصارات
وبهذا نالت المرأة أعظم وأكرم مكانة، فقد كانت مصونة كالدر المكنون لا مجرد آلة للإثارة أو سلعة رخيصة تعرض في المحافل، أو في الشوارع لتسويق الجسد دون روحه الطيبة التي أكمل دين الإسلام الحنيف فضائلها.
الحايك رمز النضال والمقاومة ضد الاستعمار الفرنسي
سعى الاستعمار الفرنسي إلى محاربة الإسلام في شمال إفريقيا، وحاول تغيير الهويةِ الدينية والوطنية، وأقلقه كثيرا مظهر المرأة الجزائرية المحافظة والمحصنة بلحافها، والمتخندقة في بيتها والمحتمية بدينها، وعليه عمل على إثارة فتنة تكشفها بدعوى التمدن والتحضر، ووسم الحايك بالرجعية، ودعا لخلعه بل ولحرقه، لكنها ظلت الأصيلة الرافضة لكل تلك الدعوات، وتشبثت بلباسها كعنوان للمقاومة ورفض المحتل وأفكاره والتمسك بالقيم والمبادئ التي نشأت عليها.
وأثناء ثورة التحرير الجزائرية جعلت المرأة من الحايك عدتها لخوض غمار الجهاد المقدس، إذ أخفت تحته الأسلحة من مسدسات وقنابل، ونقلت الرسائل للمجاهدين بين طياته، ليكون النصر بفضل الله تعالى، ويتوشح الشارع الجزائري بالبياض يوم استقلاله حيث خرجت جموع النساء بلباسهن المتماثل يحملن أعلاما ترفرف عاليا، ويهتفن الله أكبر.. تحيا الجزائر.
وعن ذلك قال أحد جنرالات فرنسا: “لقد أخرجتنا من الجزائر المرأة التي تخاف الشمس”، ويقصد بها المرأة الملتحفة بحايكها، فقالوا: “ولكن الرجال هم من حاربونا”، فرد: “ولكن تلك المرأة هي من أحسنت تربية الرجال”.
غير أن مخطط محاربة الاحتشام والستر استمر، وصار ينظر للمرأة التي تلبس الحايك على أنها تقليدية، ورويدا رويدا بدأ السفور والتبرج يجد طريقه في مجتمع مسلم يعتبر تحجب المرأة فيه فرضا لا جدال فيه.
طريقة تجهيز الحايك
ينسج الحايك من خيوط الحرير الخالص أو الصوف أو غيره من الخامات التي تستعمل في الحياكة، للحصول على قطع من نوعيات كتان مختلفة، وبدرجات متباينة من اللون الأبيض.
محاربة الاحتشام والستر استمر، وصار ينظر للمرأة التي تلبس الحايك على أنها تقليدية، ورويدا رويدا بدأ السفور والتبرج يجد طريقه في مجتمع مسلم يعتبر تحجب المرأة فيه فرضا لا جدال فيه.
@ طالع أيضا: قصبة دلس.. إرث تاريخي وتراث معماري
ويحدد سعر الحايك حسب نوعيته، فمثلا في الجزائر خلال فترة الستينيات من القرن الماضي كان سعره لا يتجاوز الخمس دنانير، أما حاليا فيترواح بين 7000 و 10000 دينار جزائري.
بعد شراء القطعة الجاهزة للبلس، تتفنن بعض النساء في إضافة لمسات خفيفة مثل سل خيوط الجانبين ثم إعادة شبكها، لتظهر الحواشي مزينة بطريقة محتشمة وغير ملفتة للنظر.
ولا يمكن ذكر الحايك دون ذكر العجار وهو نقاب أبيض تتلثم به المرأة فتغطي وجهها من الأسفل، بعد إسدال الحايك من الأعلى فتكون زاوية النظر مفتوحة من غير حجب وبعيون غير مكشوفة تماما.
هناك عدة أنواع من العجار لكن أشهرها، هو قطعة قماشية مثبتة بخيط على الجانبين، أو بشريط مطاط، يتم ربط طرفيه حول الرأس، أحيانا يتم إضافة جزء سفلي مطرز بالأبيض للقطعة القماشية ويظهر كشباك متين حتى يسمح للهواء بالدخول.
أما العروس فيتم تخصيص حايك مميز لها، لتدنيه على رأسها يوم خروجها من بيت أهلها لبيت الزوجية، ويكون محيطه مطرزا بالورود، البيضاء، فضلا عن بياضه الناصع الذي يوحي أنها حمامة سلام محلقة.
أنواع الحايك
يوضع الحايك كساتر فوق الملابس، وعادة ما يكون سروال الزنقة العريض تحته، ويسدل من أعلى الرأس ثم يثيت طرفه تحت الإبط، ويحاط الجسد به، ليتم شده بأصابع اليد بإحكام، على مستوى الرقبة أو الوجه حسب نوع الحايك وطريقة لبسه.
الحايك بوعوينة
الحايك ذو العين الواحدة الشهير بالحايك بوعوينة، وسمي بهذا الاسم لأنه يغطي كل الجسد بما فيه الوجه، وتترك فتحه واحدة للعين حتى يتسنى للمرأة الرؤية.
الحايك مرمة
حايك مرمة من أشهر وأفخم أنواع الحايك، نسج من أجود الخامات، وكان يتم تصنيعه في تونس، وغالبا ما ارتدته نساء الطبقة الميسورة في بداياته، لكنه انتشر لاحقا بشكل أوسع ليعم باقي الطبقات وهناك من كن يستعملنه فقط للخروج للمناسبات.
الحايك العشعاشي
الحايك العشعاشي متاح لعامة النساء، يظهر وكأن به شرائط صفراء باهتة تخط بياضه، ويستعمل في المشاوير اليومية.
حايك الصوف
حايك الصوف يخاط وسطه بحزام حتى لا ينفلت ويكشف ما تحته، ثم يلف على الظهر ليحاط بالجسد كلية، يوجد بعدد من المناطق مثل غرداية، بعض النساء مازلن يرتدينه لليوم.
الحايك السفساري
يصنع الحايك السفساري من الحرير أو القطن أو الكتان، لبسته نساء الشرق الجزائري، واشتهر في تونس على نطاق واسع.
@ طالع أيضا: شاو الربيع أو ثافسوث.. تقليد جزائري ربيعي مزهر
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.