زاد دي زاد - الخبر مقدس والتعليق حر

ملاحظة: يمكنك استعمال الماركداون في محتوى مقالك.

شروط إرسال مقال:

– النشر في “زاد دي زاد” مجّاني
– أن يكون المقال مِلكا لصاحبه وليس منقولا.
– أن يكون بعيدا عن الشتم والقذف وتصفية الحسابات والطائفية والتحريض.
– الأولوية في النشر للمقالات غير المنشورة سابقا في مواقع أو منصات أخرى.
– الموقع ليس ملزما بنشر كل المقالات التي تصله وليس ملزما بتقديم تبرير على ذلك.

الجزائر-المغرب: خرائط رُسمت بالدّم وأخرى بالوهم..!

الإخبارية القراءة من المصدر
الجزائر-المغرب: خرائط رُسمت بالدّم وأخرى بالوهم..! ح.م

المخازنية "يزحفون" على الجزائر بالقلم الأحمر ويقيمون بطولات وهمية على الخرائط

عناوين فرعية

  • المخزن والجزائر.. خرائط بالقلم الأحمر وحدود رسمتها الدماء

  • المخازنية "يزحفون" على الجزائر بالقلم الأحمر ويقيمون بطولات وهمية على الخرائط

عادت من جديد أوهام نظام المخزن المغربي حول السيطرة على ما يسميه بـ”الصحراء الشرقية” التي تعني جزءا واسعا من صحراء الجزائر الغربية الحالية، لتغذي الأحلام التوسعية القديمة لهذا النظام المتهالك..

ومعها يحاول هذا النظام لتصدير أزماته الداخلية المعقدة، إحياء أجواء المواجهة العسكرية مع الجزائر في حرب الرمال لتلهية شعبه، وإيهامهم بمقولات تاريخية عفا عنها الزمن عن وجود “إمبراطورية مغربية” تمتد من المتوسط شمالا إلى نهر السنغال جنوبا، ومن المحيط الأطلسي غربا إلى بشار والقنادسة شرقا، لا توجد طبعا إلا في المخيلات المريضة لعياشة القرن الواحد والعشرين.

غير أن الخطير في الموضوع هذه المرة، انتقال الوهم المخزني المزمن حول السيطرة واقتطاع بعض الأراضي الجزائرية (تندوف والقنادسة وبشار)، من دائرة المماحكات السياساوية الحزبية الداخلية منذ عهد علال الفاسي، إلى الدوائر المخزنية الرسمية لأول مرة، بعد المسرحية التي قامت بها مديرة الوثائق الملكية المغربية، بهيجة السيمو الأسبوع الماضي، وقامت بتغطيتها وكالة الأنباء المغربية الرسمية..

وتحدثت فيها بوضوح عن امتلاك وثائق تاريخية تثبت أن “الصحراء الشرقية (جنوب غرب الجزائر) أرض مغربية”، قبل أن تدعو الإعلاميين المخازنة إلى إثارة هذا الموضوع والكتابة حوله، في محاولة بائسة لإحياء قضية حسمتها بشكل نهائي دماء ملايين من الشهداء الجزائريين على تلك الأراضي الطاهرة.

يأتي هذا التطور بعد الفشل المغربي الذريع في حسم ملف الصحراء الغربية، وعودة الشعب الصحراوي لخيار الكفاح المسلح، وتزايد الضغط الجزائري على نظام المخزن بعد قرار الجزائر السيادي قطع العلاقات الدبلوماسية وإغلاق الأجواء وأنبوب الغاز وممارسة حصار قاتل على مملكة الوهم..

ولم يتوقف الأمر عند هذا التصريح الخطير، بل امتد بعدها مباشرة إلى وسائل التواصل الاجتماعي وإلى المؤثرين وحتى إلى وسائل الإعلام المخزنية..

حيث شرع الجميع في التطبيل لهذه الفكرة السخيفة والترويج لها، ووصل الأمر بمجلة “ماروك إيبدو” أن استعملت القلم الأحمر لرسم خارطة جديدة للمغرب على صدر صفحتها الأولى تضم أجزاء واسعة من الصحراء الجزائرية، وكتابة مقال عريض بعنوان “الصحراء الشرقية، المشكل الحقيقي هو هنا”..

لتنطلق معها حفلة من الردح الكوميدي المخزني التي مفادها ضرورة استرجاع الأراضي المغربية التي تحتلها الجزائر، عبر إعادة رسكلة الخطاب الريسوني المقيت بحتمية “الزحف” و”الجهاد” في سبيل ذلك.

وجاء هذا التطور الخطير في مسلسل الاعتداءات والاستفزازات المخزنية، مباشرة بعد الدور المحوري الذي قامت به الجزائر في طرد ممثلي دولة الكيان الصهيوني من اجتماع الاتحاد الإفريقي الأخير، حيث يكون هذا الكيان الغاصب قد أمر أزلامه في المخزن بتحريك هذه الورقة الحدودية الحساسة كنوع من الانتقام..

@ طالع أيضا: إسبانيا ترفض التنازل عن إدارة المجال الجوي الصحراوي

خاصة وأنه صعد بالموازاة دعمه لما يسمى بحركة استقلال القبائل الإرهابية (الماك) عبر استقبال زعيمه فرحات مهني في منصاته الإعلامية للتهجم على الجزائر وعلى وحدتها الترابية.

كما يأتي هذا التطور بعد الفشل المغربي الذريع في حسم ملف الصحراء الغربية، وعودة الشعب الصحراوي لخيار الكفاح المسلح، وتزايد الضغط الجزائري على نظام المخزن بعد قرار الجزائر السيادي قطع العلاقات الدبلوماسية وإغلاق الأجواء وأنبوب الغاز وممارسة حصار قاتل على مملكة الوهم..

الأمر الذي فاقم من الأزمات الاجتماعية داخلها خاصة قضية الارتفاع الفاحش في أسعار المحروقات والمواد الغذائية، ما بات يهدد بثورة شعبية ضد المخزن شبيهة بتلك التي كانت في سنة 1963، ودفعت بنظام الحسن الثاني إلى تصدير أزماته الداخلية عبر افتعال مشكلة الحدود مع الجزائر.

الإنسان البقرة ومرضى الوهم “الإمبراطوري”

لقد قرأنا ونحن صغارا في المدارس عن مريض الوهم الذي توهم نفسه أنه “بقرة”، وظل يطالب بحقه بأن يُذبح مثل بقية إخوانه البقر، وهي حالة تشبه كثيرا اليوم حالة المخازنية والعياشة في طلب المستحيل، وتوهم العظمة الإمبراطورية على الرغم من أن المغرب كله لا يساوي شيئا أمام العملاق الجزائري في جميع المجالات.

ولقد بدأ هذا الوهم المخزني التوسعي بعد هلوسات محمد الخامس في حينه، بما طرحه زعيم حزب الاستقلال المغربي علال الفاسي بعد “استقلال” المغرب عام 1956، الذي كان أول من طرح فكرة “المغرب الأقصى التاريخي” الذي يمتد، بحسب تلك المزاعم المريضة، من المحيط الأطلسي غربا إلى تلمسان وبشار وأدرار شرقا، ومن البحر المتوسط شمالا حتى السنغال جنوبا.

وينطلق هذا الفكر المريض من أوهام تاريخية تمتد إلى الدولة السعدية التي كانت تضم موريتانيا (بلاد شنقيط) إلى سلطتها، وقد حاول المغرب التفاوض مع فرنسا حول فكرة سيطرته على بعض المناطق الصحراوية الجزائرية لكنه كان في موقع ضعف، فتوهم أن استقلال الجزائر سيجعل له اليد الطولى في تحقيق تلك المطامع.

ينطلق هذا الفكر المريض من أوهام تاريخية تمتد إلى الدولة السعدية التي كانت تضم موريتانيا (بلاد شنقيط) إلى سلطتها، وقد حاول المغرب التفاوض مع فرنسا حول فكرة سيطرته على بعض المناطق الصحراوية الجزائرية لكنه كان في موقع ضعف، فتوهم أن استقلال الجزائر سيجعل له اليد الطولى في تحقيق تلك المطامع.

إلا أن الجزائريين الذين حرروا كل شبر من وطنهم بالدماء، لم يكن عليهم خيانة دماء الشهداء التي سقت تلك الربوع وتسليمها للمخزن بطريقة “المفتاح في اليد”.

وكان من نتائج تلك الأوهام والأطماع أن استغل المخزن حالة الجراح التي كانت تنزف بالجزائر عقب الاستقلال، وشن هجومه الغادر لاقتطاع جزء من أراضيها بذريعة الحقوق التاريخية، فكانت حرب الرمال الدامية التي انهزم فيها جيش المخزن المدجج بمختلف الأسلحة الفرنسية أمام وحدات من المجاهدين الجزائريين نزلوا لتوهم من الجبال وعلى أثوابهم ما زال غبار الثورة.

وأدت حالة التسوية بين البلدين بعد ذلك، بما فيها اتفاق ترسيم الحدود بين البلدين الذي وقعه الحسن الثاني والرئيس بومدين عام 1972، إلى تراجع هذه الأطماع المخزنية كثيرا، قبل أن يعيد إحياءها زعيم آخر من حزب الاستقلال عام 2013 هو حميد شباط.

بعد أن دعا مجددا لاسترجاع تندوف وبشار والقنادسة، إلا أن عدم الانخراط الرسمي وقتها للمخزن في تلك الهلوسات، والرد الجزائري القوي عليها، أعاد إسكات تلك الأصوات الناعقة ولو إلى حين.

غير أنه ومنذ توقيع المخزن اتفاقية التطبيع مع دولة الكيان الصهيوني، وتجاوزه بعدها لكل الخطوط الحمر مع هذا الكيان، عبر إعلانه تحالفا استراتيجيا عسكريا وأمنيا ومخابراتيا، واستدعاءه المباشر لجيش الكيان في قواعده العسكرية بقرب الحدود الجزائرية، منح للجبناء المخازنة جرعة من الشجاعة الزائفة لإعادة طرح هذا الملف الحساس مجددا عبر أبواقه وأذرعه المختلفة.

@ طالع أيضا: وزير مغربي يفضح الملك ونظام المخزن هائج..!

فكان الاختيار مدروسا هذه المرة، من خلال اختيار الذراع الديني للمخزن المتصهين، عبر تحريك الشيخ أحمد الريسوني في منتصف أوت 2022 والذي كان يحتل وقتها منصب الرئيس الأمين العام لاتحاد العلماء المسلمين، ليعيد نفس الأسطوانة المشروخة حول المغرب الإمبراطوري وحتمية عودة الحدود إلى ما قبل الغزو الأوروبي، واعتبار أن موريتانيا والصحراء الغربية وجزء من الصحراء الجزائرية أراض مغربية، وجب معها “الزحف” كما قال إلى تندوف لتحريرها.

قبل أن تخرج علينا أخيرا مديرة الوثائق الملكية المغربية، بهيجة السيمو، بهذه الخرجة التي أعطتها المسحة الرسمية بذات الطريقة والمستوى الذي أعطى به المخزن الصفة الرسمية لدعمه ما يسمى “استقلال القبائل” وعصابات الماك الإرهابية عبر تصريحات ممثل المخزن في الأمم المتحدة عمر هلال.

سياسة “الضباع”

وتثبت الوقائع التاريخية حول ما يسمى بالمطالب الترابية للمملكة المخزنية، أنها ظلت تمارس ومنذ عشرات السنين “سياسة الضباع الوسخة”، في عملية المطالبة بالأراضي المحررة أو المسترجعة من أهلها.

حيث لم يجرؤ المخزن العلوي في تاريخه على المطالبة بأي قطعة من الأراضي من المستعمر الأوروبي، سواء من الفرنسيين أو الإسبان، وكان دائما ينتظر كالضبع في الفلاة إلى أن تسقط الفريسة أرضا، وتخرج القوات الاستعمارية منها، ليبدأ في لعب أدوار البطولة الزائفة والمطالبة من سكان تلك المناطق بأحقيته فيها.

حدث ذلك بعد استقلال موريتانيا في نوفمبر عام 1960، حيث لم يسبق للمخزن المطالبة أو الدفاع عن موريتانيا إطلاقا خلال فترات استعمارها الفرنسي، لكن ما إن نالت هذه الأخيرة استقلالها حتى علت أصوات المخازنية للمطالبة باسترجاعها واعتبارها أراضي مغربية كانت ضمن دائرة النفوذ العلوي تاريخيا.

وظلت الرباط رافضة لاستقلال موريتانيا إلى غاية العام 1969، ضمن خطة خبيثة لتقسيم الصحراء الغربية مع نواقشط، قبل أن تحبط البوليساريو هذا المخطط وتكشف المخزن على حقيقته العارية بأنه كيان توسعي يمارس المقايضة الرخيصة في موضوع السيطرة على الأراضي.

وتكرر الأمر مع الصحراء الغربية، حيث تثبت الوقائع التاريخية أن المخزن ظل رافضا لفكرة المشاركة في تحرير الصحراء من الاحتلال الإسباني، وقد لجأت بعض القوى الصحراوية في 1973 إلى المغرب لطلب العون العسكري لتحرير الصحراء لكن رد المخزن كان عنيفا وقام بطردهم وإهانتهم..

لم يجرؤ كما هي عادته على مقارعة فرنسا عسكريا كما فعل الجزائريون الذين حرروا أرضهم بملايين الشهداء، وأراد أن يتجاسر على الجزائريين المنهكين بعد الاستقلال غير أن الصفعة التي تلقاها من المجاهدين في حرب الرمال عام 1963، كان يفترض أن تزيح عن عينيه الغشاوة إلى الأبد.

zoom

الأمر الذي دفع بالوطنيين الصحراويين إلى إعلان ثورتهم عبر ممثلهم الشرعي والوحيد جبهة البوليساريو ضد الاحتلال الإسباني، وما إن لاحت بوادر استقلال الصحراء وخروج القوات الإسبانية منها عام 1975..

حتى استغل المخزن على طريقة الضباع الحقيرة دائما، وقام بما يسمى بـ”المسيرة الخضراء” للسيطرة على الصحراء، مقدما تعليمات واضحة لقواته بتفادي استهداف القوات الإسبانية في مقابل مطاردة كل صحراوي والتنكيل به.

وقد حاول المخزن ممارسة نفس السياسة الضباعية مع الجزائر، عبر استغلال حالة الضعف التي مرت بها البلاد عقب ثورة طاحنة ضد المستعمر الفرنسي، لاحتلال أجزاء من الأراضي الجزائرية تحت نفس الذرائع الامبراطورية السخيفة.

حيث لم يجرؤ كما هي عادته على مقارعة فرنسا عسكريا كما فعل الجزائريون الذين حرروا أرضهم بملايين الشهداء، وأراد أن يتجاسر على الجزائريين المنهكين بعد الاستقلال غير أن الصفعة التي تلقاها من المجاهدين في حرب الرمال عام 1963، كان يفترض أن تزيح عن عينيه الغشاوة إلى الأبد.

ذلك أن فشله في اقتطاع الأرض الجزائرية والبلاد لم تكن تمتلك جيشا نظاميا، يجعل من محاولاته اليوم والجزائر تمتلك أقوى جيش في إفريقا والعالم العربي، عبارة عن انتحار حتمي.

وما يؤكد أن الضباع المخزنية لا تتوب، لأنها بطبيعتها مسكونة بالجبن والخبث، لا يمكن بطبيعة الحال، لا لحزب الاستقلال المتهالك اليوم، ولا للريسوني وشيعته، ولا لمديرة الوثائق الملكية المغربية، بهيجة السيمو، ولا للإعلام المخزني وأبواقه، ولا حتى للشعب البسيط في مواقع التواصل الاجتماعي، أن ينبسوا ببنت شفة، ولا بنصف كلمة، حيال استعمار إسبانيا المتواصل لسبتة ومليلية ولعشرين جزيرة من الجزر الجعفرية المعروفة تاريخيا وجغرافيا بأنها مغربية.

@ طالع أيضا: المخزن “يلعب بالنّار” مع الجزائر.. وللصّبر حدود!

لكن الضباع المتكالبة ستخرج غدا كلها من جحورها لتطالب بتلك الأراضي لو أن أهل تلك المدن تنتفض وتنال استقلالها، فهكذا خبرنا المخزن، نظاما لا يمتلك في أصل تكوينه ذرة من النضال أو الثورية، بقدر ما هو نظام قروسطوي متخلف، ضمن دائرة الدولة الوظيفية التي كلفه الاستعمار بأن يقوم بها نيابة عنه لتدمير المنطقة ومنع انبعاثها الحضاري.

“حابين ياكلونا”

ومن الطبيعي أن تؤدي مثل هذه التطورات الخطيرة، إلى اكتشاف الجزائريين بشكل قاطع ونهائي، الحقيقة التوسعية الخبيثة للنظام الذي كان يحاول سابقا أن يخدعهم بها عبر نفاق سياسة “اليد الممدودة”.

ومعه يتأكد الجزائريون بشكل قاطع أيضا، صوابية الطرح الجزائري الرسمي، وموقف الدولة الجزائرية من هذا النظام عندما قررت بشكل كامل ونهائي القطع معه دبلوماسيا وحدوديا وجويا وتركه لوحده يتخبط مع أوهامه حتى ينتهي آليا.

وبظهور هذه المطامع الترابية المغربية في أرض الجزائر، اكتشف الجزائريون الذين ظلوا إلى وقت يرددون مقولة “خاوة / خاوة”، أن تلك المقولة لا محل لها اليوم من الإعراب، بعد أن ارتكب المخزن الخطوة الثانية الحمقاء بعد تحالفه مع الصهاينة، وهي الإعراب بشكل واضح عن رغبته في تقسيم الجزائر والسيطرة على أجزاء واسعة من أراضيها.

ونتيجة لتلك التحولات في النظرة الشعبية الجزائرية للمخزن وخياناته، انتشر بشكل واسع هذه الأيام على مواقع التواصل الاجتماعي عندنا هاشتاغ “حابين ياكلونا”، للرد على خزعبلات المخزن حول نكتة “الصحراء الشرقية”.

أين أظهر الجزائريون وبشكل واسع وغير مسبوق، أنهم أدركوا اللعبة وأن ردهم عليها سيكون مزلزلا وأنهم جميعا جنود مجندة في صفوف الجيش الوطني الشعبي، في حال أي محاولة لمس ذرة تراب جزائرية واحدة.

الصهاينة وراء إعادة تحريك الملف

الجزائريون وبشكل واسع وغير مسبوق، أنهم أدركوا اللعبة وأن ردهم عليها سيكون مزلزلا وأنهم جميعا جنود مجندة في صفوف الجيش الوطني الشعبي، في حال أي محاولة لمس ذرة تراب جزائرية واحدة.

لقد بات من المؤكد الآن، أن الصهاينة هم من يقفون وراء تحريك المخزن للورقة المحترقة “الصحراء الشرقية”، بدليل أن حركة مديرة الوثائق ووكالة الأنباء المغربية التي تسيطر عليها المخابرات المغربية، جاءت مباشرة بعد طرد الجزائر لممثلي الكيان الصهيوني في اجتماع الاتحاد الإفريقي الأخير بأديس أبابا، جنبا إلى جنب مع تحريك ملف القبائل و”الماك” عبر تكثيف اللقاءات الإعلامية مع رؤوس الفتنة وتقديم الدعم المالي لهم.

وكشفت التغطيات المتكررة التي تقودها قناة “إي 24″ الصهيونية الناطقة بالعربية، التي يمتلكها صهيوني من أصل مغربي، أن هناك تنسيقا عالي المستوى بين الموساد وأجهزة الاستخبارات المخزنية، لتحريك ملفات خطرة ضد الجزائر التي تقف أمامهم حجر عثرة لتحقيق مخططاتهم الخبيثة في المنطقة العربية وفي إفريقيا.

حيث شرعت القناة في فتح ملف ما يسمى بـ”الصحراء الشرقية” فجأة وبشكل فج، مدعية أن فرنسا اقتطعت بالفعل أجزاء من الصحراء المغربية لصالح الجزائر.

وتدعي القناة وباقي الإعلام الصهيوني المنخرط في المؤامرة، أن فرنسا احتلت منطقة تندوف عام 1934 التي كانت تابعة بزعمهم وقتها للمغرب الواقع تحت الحماية الفرنسية، مكررة ما يقوله الإعلام المخزني من مهاترات أكل الدهر عليها وشرب بأن شارل ديغول وجه رسالة للسلطان محمد الخامس عام 1960 يبلغه فيها بإجراء فرنسا تجربة نووية في الصحراء الشرقية.

ولا يتورع الإعلام الصهيوني المتحالف مع المخزن على التذكير بتصريحات جون بولتون مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق في عهد دونالد ترامب، وكيف أنه كشف في إحدى مداخلاته، أنه خلال زيارة دبلوماسية عام 1997 لمكتب العاهل المغربي، محمد السادس، في مراكش، فوجئ بوجود خريطة لـ”المغرب الكبير”، والتي تضم النصف الغربي من الجزائر والصحراء الغربية وأجزاء من موريتانيا.

@ طالع أيضا: “المسيرة السوداء”.. هكذا بدأت مأساة الصحراء الغربية

وتدرك “إسرائيل” تماما، أن إحياء ملف كهذا، بإمكانه أن يحقق لها ما فشلت به في السابق، من محاولات لإشعال نار الفتنة والحرب بين الجزائر والمغرب، بهدف إنهاكهما معا، خدمة للمشروع الصهيوني في المنطقة..

على نفس الطريقة التي أشعلت بها الحرب الطاحنة في الثمانينيات بين إيران والعراق، حيث يتم تدمير مقدرات الأمة بأيدي أبنائها لمصلحة الصهاينة (فخار يكسر بعضو)، والذين سيضعون حينها رجلا على رجل ويراقبوا بمتعة كبيرة ما يحصل من تدمير ذاتي.

أصل الحكاية والرواية

يبقى أن أصل الحكاية والرواية هذه، أن إعادة تحريك الأطماع الترابية المخزنية في الأرض الجزائرية، تقف خلفه إلى جانب “المنغاز الصهيوني”، حالة الانهيار الاجتماعي والاقتصادي الداخلي المغربي، ووصول حالة الغضب الشعبي من انهيار القدرة الشرائية إلى أقصاه، بعد أن قامت الجزائر بحصار كامل لهذا الكيان التوسعي، ومنعت عنه الغاز والمواد الغذائية المهربة، وحتى الهواء.

إن نظام المخزن اليوم يختنق، بنفس الطريقة التي كان فيها يختنق قبيل حرب الرمال في 1963، حيث يذكر المراسل السابق ليومية “لوموند” الفرنسية بالجزائر بول بالطا، أن حالة اللااستقرار التي عاشها المغرب حينها بعد تولي الحسن الثاني الحكم دفعت هذا الأخير إلى البحث عن تصدير أزماته الداخلة المتشابكة إلى الخارج.

حيث كان الملك وقتها يخشى من تنامي التيار الناصري الثوري ضمن دوائر المعارضة، كما كان يعيش وضعا اقتصاديا مترديا للغاية، مع محاولات متكررة للاغتيال والانقلابات العسكرية خاصة محاولة الانقلاب الكبيرة في جويلية عام 1963، الأمر الذي دفع بالملك للمخاطرة بحرب مع الجزائر في 8 أكتوبر 1963 لاستعادة الولاءات الضائعة في المملكة باسم الوطنية ودغدغة مشاعر الشعب بالأوهام اللإمبراطورية.

ولا تختلف أوضاع المخزن اليوم كثيرا عن أوضاعه عام 1963، فالملك محمد السادس مريض ولا يظهر إلا نادرا، وهو شبه مستقيل من أداء مهامه الملكية، والصراع على السلطة بين أجنحة القصر على أشده، بين ولي العهد ابنه الحسن الثالث وأخيه مولاي رشيد..

علاوة على تمكن الموساد من دوائر القرار المخزني وتوجيهه كيفما شاء، وكذا التململ الشعبي الكبير جراء سيطرة الأوليغارشية المغربية على خيرات الشعب المغربي وسياسة التفقير الممنهجة ضد شرائح واسعة من الشعب.

حدودنا مرسومة بالدم.. انتهى النقاش

إنها حدود رسمت بالدماء، دماء ملايين الشهداء، وهي بالتالي حدود غير قابلة للتفاوض أو الابتزاز أو النقاش أصلا، وعلى أبواق المخزن التي خرجت على شعبها أخيرا ببالون الإلهاء هذا، أن تجيب لماذا بلع المخزن لسانه ومعه كل الأبواق التي تنهق اليوم من هناك، عندما قررت الجزائر مؤخرا استرجاع مناطق يستغلها مغاربة في العرجة وما حولها..

الآن بقي أن نشير أن خزعبلات المخزن الأخيرة التي كشفت لكل الجزائريين حقيقة أطماعه التوسعية، لن توصله في النهاية سوى إلى المخاطرة بالعرش الملكي نفسه، لأن المساس بأي ذرة تراب جزائرية مستقبلا، لا يدفع بالجزائر إلى إحياء مطالبها الترابية المشروعة إلى حدود نهر ملوية كما تثبت ذلك كل التصنيفات التاريخية المعتمدة، بل قد تنهي من الوجود شيئا اسمه المملكة المغربية بشكل كامل.

إن حدود الجزائري حاليا رسمت بالدماء قبل الاتفاقيات أو أي شيء آخر، ومع ذلك فإن المخزن الذي يحاول التلويح بورقة “الصحراء الشرقية” للابتزاز، يدرك جيدا أنه خارج التاريخ علاوة على كونه خارج القانون.

فلقد وقع المغرب بيد الملك الحسن الثاتي اتفاقية ترسيم الحدود بشكل نهائي بين الجزائر والمغرب في 15 جوان عام 1972، كما تم التصديق على الاتفاقية وتبادل وثائق التصديق بين وزيري خارجية البلدين في 14 ماي 1989، ودخلت حيز التنفيذ بشكل تام، الأمر الذي يجعلها قضية محسومة بشكل كامل، بحيث يفرضه القانون الدولي المعاصر وليس حكايات “الغولة” القديمة.

إنها حدود رسمت بالدماء، دماء ملايين الشهداء، وهي بالتالي حدود غير قابلة للتفاوض أو الابتزاز أو النقاش أصلا، وعلى أبواق المخزن التي خرجت على شعبها أخيرا ببالون الإلهاء هذا، أن تجيب لماذا بلع المخزن لسانه ومعه كل الأبواق التي تنهق اليوم من هناك، عندما قررت الجزائر مؤخرا استرجاع مناطق يستغلها مغاربة في العرجة وما حولها..

وكيف أنه تم طرد “المستوطنين” المغاربة عليها بمكبرات الصوت فقط من قوات الدرك الجزائري؟ الجواب أن المخزن يعلم جيدا أنها حدود رسمت بالدماء الجزائرية، وأنه لا حق له في شبر واحد فيها، أما إذا أراد أن يغير رأيه عبر الاستقواء بـ”الصهاينة” فما عليه إلا أن يجرّب حظه.

@ المصدر: الإخبارية

ads-300-250

كن أوّل من يتفاعل

تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.

فضلا.. الرجاء احترام الآداب العامة في الحوار وعدم الخروج عن موضوع النقاش.. شكرا.