هل يكفي الفعل الأخلاقي الذاتي للعامل لتثبيت قواعد الانضباط الوظيفي؟
تعتبر أنماط الإدارة والتسيير ركيزة أساسية في تثبيت الانضباط الوظيفي داخل المؤسسة، وذلك لأنها تقوم بتنظيم سير العمل وضبط القوانين المتبعة داخلها..
فالتسيير الناجح هو الذي يتمكن من استغلال الموارد المادية والبشرية بطريقة عقلانية، لتحقيق أهداف المنظمة باتباع عدة طرق مختلفة، يتخذها المسير كأنماط تنظيمية متكيفة مع الظروف المحلية للمنظمة وخصوصية الموارد البشرية.
إن تميز التسيير الحديث بالمرونة لا يعطي مبررا لإهمال الانضباط الوظيفي للعمال؟ !، والدخول في حالات التسيب؟ فالمرونة تعني توسيع دائرة حرية التنظيم، مع تثمين الجهود وتشجيع المبادرات بإدخال عنصر المشاركة والتعاون في عملية التسيير..
فالانضباط الوظيفي هو فعل أخلاقي وسلوك تنظيمي يقوم به العمال من أجل تجسيد وتطبيق ما طُلب منهم من طرف المسير، بغرض إظهار السلوك الودي اتجاه المؤسسة وإظهار نية التعاون الفعلي واحترام الأوامر والقوانين الرسمية.
إن وجود نظام انضباط يمكن من احترام العاملين لقواعد العمل، ويضمن سلامة التحقيق وعدالة الجزاء، يمثل حاجة جوهرية في اندفاع العاملين نحو العمل ورفع الكفاءة الإنتاجية..
الانضباط الوظيفي فعل أخلاقي لابد أن يتحلى به العامل، لأن الانضباط يؤثر بالإيجاب أو السلب على سير عمل المؤسسة، حيث يوجب على العاملين التقيد بقواعد وقوانين الوظائف المتاحة لهم، وهذا ما يُطلق عليه “الانضباط الذاتي” الذي يعبر عن قدرة الفرد على ضبط سلوكه وتصرفه ومحاسبته لنفسه، قبل أن يحاسبه غيره، والحرص على أداء دوره بروح من الجدية والالتزام والتفاني والإخلاص.
إن المنطلق الأساسي للانضباط الذاتي هو العمق الثقافي للمجتمع، لكن للأسف الممارسات اليومية المنتشرة في مؤسساتنا تجعل الانضباط الفردي سلوكا نادرا وغير منسجم مع حالة التسيب العام؟!.
كما أننا إذا تفحّصنا القيم الأصيلة في ثقافتنا الدينية، نجد أنها تزخر بقيم معنوية راقية، كقيمة الإخلاص في العمل وإتقانه، الانضباط الذاتي والالتزام بالوقت وأنظمة العمل وقوانينه، الحفاظ على أسرار العمل وأدواته، قيمة الأمانة بتجنب الغش، وعدم استخدام المنصب للتربح الشخصي.
وعلى الرغم من أهمية الانضباط الفردي في المؤسسة، إلا أنه غير كافٍ لضبط السلوكيات الفردية، فلا بد من فرض الانضباط التنظيمي، الذي يأتي من رقابة المنظمة على سلوك موظفيها، حيث تشمل مجموعة اللوائح والتعليمات الضابطة للإجراءات والتصرفات في محيط العمل، وقد تأتي من خارج المنظمة من أجهزة الرقابة الحكومية..
إن وجود نظام انضباط يمكن من احترام العاملين لقواعد العمل، ويضمن سلامة التحقيق وعدالة الجزاء، يمثل حاجة جوهرية في اندفاع العاملين نحو العمل ورفع الكفاءة الإنتاجية..
فأسلم الطرق لتنمية الانضباط وتقليص مشكلات الموارد البشرية، هو بناء مناخ وقائي يجنبهم من إيقاع العقوبات عليهم عن طريق:
– إيجاد نوع من التلاؤم بين الموظف والوظيفة من خلال نظام فعال من الاستقطاب والتعين؛
– الاهتمام بتوجيه العاملين و بناء نظام فعال للاتصالات المتبادلة (في كل الاتجاهات)؛
– التحديد الواضح للسلوك الوظيفي السليم ووضع القواعد الخاصة به ونشرها بين العمال؛
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.