زاد دي زاد - الخبر مقدس والتعليق حر

ملاحظة: يمكنك استعمال الماركداون في محتوى مقالك.

شروط إرسال مقال:

– النشر في “زاد دي زاد” مجّاني
– أن يكون المقال مِلكا لصاحبه وليس منقولا.
– أن يكون بعيدا عن الشتم والقذف وتصفية الحسابات والطائفية والتحريض.
– الأولوية في النشر للمقالات غير المنشورة سابقا في مواقع أو منصات أخرى.
– الموقع ليس ملزما بنشر كل المقالات التي تصله وليس ملزما بتقديم تبرير على ذلك.

الإصلاحات التربوية.. من بن بوزيد إلى بن غبريت!

الإصلاحات التربوية.. من بن بوزيد إلى بن غبريت! ح.م

بن غبريط - بن زاغو - بن بوزيد

مشروع الإصلاحات الذي تبنته الجزائر في السنوات الأخيرة مس العديد من القطاعات وأولها قطاع التربية والتعليم كمحاولة للنهوض بالمنظومة التربوية وجعلها مواكبة للتطورات التي يشهدها العالم في شتى المجالات، وكذا لتغيير هيكلتها الأصلية المتهمة بتنشئة الإرهاب ورعايته ،هذا الأخير الذي لم يحدد له بعد تعريفا دقيقا وموضوعيا.

إصلاحات بن بوزيد

بدأت الإصلاحات الأولى في عهد بن بوزيد وزير التربية السابق وذلك بتغير المناهج شكلا ومضمونا حيث عمد إلى استعمال الترميز الدولي والمصطلحات العلمية بلغة مزدوجة ،اعتماد برامج جديدة للمواد
الأساسية، تحسين طرق تدريسها للمساهمة في تكوين شخصية التلميذ، إضافة المواد العلمية والتقنية لسنوات الطور الأول مثل مادة التربية العلمية والتكنولوجية، الإدراج المبكر للغة الفرنسية ومن ثم اللغة الانجليزية، وكذا التركيز على التربية البيئية والمواطنة.
كما تم تجديد أنظمة التقييم، التكوين والتدريب البيداغوجي والإداري عبر خمس مراحل بداية بالتكوين الأولي، التكوين أثناء الخدمة، مواصلة تدعيم وتحسين المستوى ثم التكوين المتخصص، وتم إدراج التربية التحضيرية، وإعادة هيكلة التعليم الإلزامي وما بعد الإلزامي وهذا خلال سبع سنوات .
ولكن هذه الإجراءات كانت تطبق لفترات معينة فقط مما جعلها مجرد تجارب لم يتجاوب معها التلاميذ وعجز المعلمون عن مسايرتها.
وقد عرفت هذه الفترة الكثير من الإضرابات والاحتجاجات أدت في كثير من المرات أدت إلى الاحتقان على مستوى المدارس والنقابات.

إصلاحات بن زاغو

جاء بن زاغو بإصلاحات جذرية في المناهج التعليمية التي لم تجد لها مكانا مهيئا في الميدان، مع وجود أخطاء كثيرة خاصة في الكتب المدرسية التي أصبحت مصدر استثمار للبعض، وطبعا بمواصلة دعم اللغة الفرنسية بما يمكّن تيار التغريب في الجزائر أكثر مما هو عليه من تمكين.
كما أقرت الإصلاحات إلزامية إعادة تأطير عمال القطاع وبالأخص المعلمين والأساتذة رغم معارضة أغلبيتهم لهذا الإجراء.
والنتيجة كانت تخرج طلبة غير مؤهلين علميا ولا بيداغوجيا وعاجزين في سوق العمل.

إصلاحات بن غبريت

وبتعين نورية بن غبريت رمعون وزيرة للتربية والتعليم واصلت مسيرة بن زاغو وعلى نهجه أمدتنا بالجديد من إصلاحات تصحبها كل مرة فضيحة مدوية بدأتها بإقرار الكيان الصهيوني كدولة إسرائيل عوض لفلسطين المحتلة ورغم كل الانتقادات التي وجهت لها استطاعت الاستمرار في منصبها بأخطاء وتجاوزات أكبر لتفاجئنا بل لتفجعنا بقرار حذف البسملة من مقدمة الكتب المدرسية.
دون إغفال برنامج التعاون مع فرنسا وخبرائها في قطاع التربية عن طريق تكوين بيداغوجي، فيه محاور عديدة لتحضير الكوادر التربوية، حتى ينسجموا مع الإصلاحات المقبلة، والمنهاج الجديد، و”مع طريقة تدريس اللغة الفرنسية”.

حصيلة الإصلاحات

توالت الإصلاحات التي تحتاج إلى إسعافات مستعجلة، لأن إصلاح الإصلاحات لأتى بنتيجة عكسية سلبت المنظومة التربوية ما تبقى يصلح منها، حيث أصبحت الرياضيات تدرس بلغتين في كتاب واحد حتى عجز التلميذ عن الفهم وصار يخلط بين الترتيب التصاعدي والتنازلي وكيف له أن يحل المسائل التي صارت تسمى الوضعية ويحتار أين يضع الإجابات والعمليات فكل مرة يطلب منه تغيير موضعهما، ولكن هذا لم يمنع من زيادة عدد الناجحين ولو بعقول مشوشة وتحصيل علمي ضئيل.
حتى نسبة النجاح في البكالوريا عالية جدا مقارنة بسنوات ما قبل الإصلاحات حتى تثمن بالمصداقية والنجاعة.
ويهذا يكون التيار التغريبي قد نجح في مسعاه كما يقول حمزة بلحاج المدير الفرعي السابق المكلف بالتعاون والعلاقات الدولية بوزارة التربية الوطنية : تعلم اللغة الفرنسية بالثقافة الفرنسية عن طريق قيم الحضارة الفرنسية، أي نجعل قيم المتعلم نسبية، عن طريق طرح المتعلم أسئلة حائرة عندما يقرأ نصوصا تمثل له حالات غرابة عن الثقافة الأم..
وهذا ما لم يتحقق في المدرسة الجزائرية بنظامها السابق.

النظام القديم

لقد أنجب النظام القديم للتدريس في الجزائر نوابغ وعباقرة صار الغرب يبحث عنهم ويقدم لهم كل الامتيازات وتوفير الإمكانيات للعمل لأنهم مؤهلين من كل الجوانب، وماذا لو أبقي على ذاك النظام الفعال مع إدخال بعض التعديلات عليه لمسايرة تقنيات الاتصال والتكنولوجيات الحديثة مع الحفاظ على الثوابت وعناصر الهوية هل كنا سنرى ما نشهده اليوم من تراجع ومهازل؟.
يعيبون عليه تبنيه أساليب تقليدية مبنية على التلقين، وتجاهلوا أن التلقين هو ما منهاج اعظم مدرسة عرفتها البشرية مدرسة محمد صلى الله علية وسلم المعلم الأول، فما يتلقاه الطفل يوسع معارفه لا ما يخضع له الآن من تقنية التفكير والتحليل لينتقل إلى مرحلة الإتقان والإبداع الفكري والعملي، كيف له أن ينجز وهو فاقد للمادة الأولية، وقد كانت نتائج السنة الأولى ابتدائي للجيل الثاني كارثية بتلامذة منهارين وأولياء مستائين.

بين النظام السابق ونظام الإصلاحات

كان الطفل سابقا يقضي ست سنوات في المرحلة الابتدائية يتعلم فيها القراءة، الكتابة والحساب ويتقنها لينتقل للقسم الموالي وإلا أعاد السنة، أما حاليا فيتلقى كما هائلا من المعلومات وينتقل للسنة الثانية آليا حتى وإن كان تحصيله منعدما.
التلميذ الذي كان يحترم المعلم والمعلمة كأبيه وأمه أو أكثر صار لا يقدر أحدا بل وازدادت ظاهرتي الانحلال الخلقي والعنف المدرسي حدة حتى تخطت الضرب والجرح إلى القتل.
غياب الكفاءات رغم تحصيلهم للشهادات، فنسبة كبيرة من المؤطرين محدودي الأداء التعليمي والتربوي.
إتباع منهجية الاستخلاف التي تجعل علاقة المعلم بالتلميذ مادية فقط حيث يسعى لإشغال منصبه لتحصيل الراتب ومواصلة البحث عن عمل، مثلما حدث العام الماضي في مدرسة ابتدائية لقسم في السنة الرابعة مرت عليه خمس مستخلفات وقالت آخرهن للتلاميذ بعد عشرين يوما من استقدامها لن أكمل تدريسكم لأن تخصصي فيزياء ويجب أن أدرس في متوسطة فقد أخبروني أنهم لن يدفعوا راتبي وخرجت من القسم.
تضخيم النتائج ولو بالغش للوصول إلى نتائج إيجابية بتحصيل علمي ضعيف.
قد تكون هذه الإصلاحات من أهم مفسدات المدرسة ولكن هذا لا ينفي مسؤولية الأسرة ودورها في تكوين الطفل بالتوجيه والإرشاد وحتى التعليم، كما آن للمجتمع دورا مهما في صقل فكر التلميذ الذي ينهل منه بالاحتكاك بالآخرين.

حل مقترح

الإصلاحات لا تكون من جهة معينة متفردة بقراراتها أو تيار مستقل لا يحمل قيم المجتمع ونظمه، إنما يجب آن تتشارك كل الأطراف معلمين، أولياء تلاميذ، نقابات، مستشارين تربوين وكل متخصص يمكنه الإفادة في المنظومة التربوية رئيسا مرؤوسا.
الأمر صار قرارا سياسيا أكثر منه مطلبا اجتماعيا إذ أنه رغم كل الأخطاء والفضائح التي تحدث بقطاع التربية والتعليم، لا أحد يزعزع من منصبة بل ويتم تعيين الوجوه نفسها رغم تغير الحكومات.
نوعية التعليم وأداء المدرسة الجزائرية اليوم لم يرق حتى إلى درجة المتوسط، ولا يمثل مطلب المجتمع ،عكس تصريحات نورية بن غبريت الوزيرة الحالية بأنه “من مسؤولية المدرسة الجزائرية التي حظيت باستثمارات كبرى وعلى جميع الأصعدة أن تحقق اليوم هذا المطلب وتواكب طموحات المجتمع ككل” لقد تحققت استثمارات للمنتفعين على حساب جيب المواطن الذي صار يشتري كتبا جديدة كل سنة مع زيادة السعر وإثقال المحفظة ليصير التلميذ معاقا جسديا متخلفا علميا.
فيجب تخفيف البرامج التعليمية والعودة إلى الطريقة الكلاسيكية للتدريس بالأهداف عوض المقاربة بالكفاءات التي لم تجد لها أرضية مهيأة للتنفيذ، والتي إن استمرت ستجني على جيل آخر قاطع طريقه للعلم طريق إصلاحات موجهة لخدمة أجندة مدعومة.

ads-300-250

المقالات المنشورة في هذا الركن لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

1 تعليق

تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.

  • تعليق 6519

    عبد الرحمن

    انهيار التعليم يساوي انهيار الأمة.
    أحد الأساتذة الجامعيين كتب لطلابه في مرحلة الدكتوراه والماجستير والبكالوريوس رسالة معبرة وضعها على مدخل الكلية في الجامعة، بجنوب إفريقيا، هذا نصها:
    – تدمير أي أمة لا يحتاج إلى قنابل نووية أو صواريخ بعيدة المدى، ولكن يحتاج إلى تخفيض نوعية التعليم و السماح للطلبة بالغش.. !!
    – يموت المريض على يد طبيب نجح بالغش.. !!
    – وتنهار البيوت على يد مهندس نجح بالغش.. !!
    – ونخسر الأموال على يد محاسب نجح بالغش.. !!
    – وتموت الإنسانية على يد شيخ دين نجح بالغش.. !!
    – و يضيع العدل على يد قاض نجح بالغش.. !!
    – ويتفشى الجهل في عقول الأبناء على يد معلم نجح بالغش.. !!
    – و النتيجة : انهيار التعليم يساوي انهيار الأمة .

    • 2

فضلا.. الرجاء احترام الآداب العامة في الحوار وعدم الخروج عن موضوع النقاش.. شكرا.