أعتقد أن هناك مشكلة تتعلق بفكرة الأغلبية بالشكل الذي تحدثت عنه المادة 103 من الدستور، وأنا أتحدث عنها هنا من وجهة نظر دستورية، من غير الحاجة إلى أن أنبَّه إلى أنه لا جدوى من الاستغراق في النص، لأن الأمر يحسم عمليا بأوامر تأتي عبر مكالمة هاتفية.
مما جاء في المادة:
“يقود الحكومة وزير أول في حال أسفرت الانتخابـات التشريعيــة عــن أغلبية رئاسية.
يقود الحكومة رئيس حكومة، في حال أسفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية برلمانية”.
إذا كان الحال كذلك، أي لا وجود لأغلبية برلمانية ولا لأغلبية رئاسية، يفترض أن يكون في مقدور الطرفين بناء هذه الأغلبية اعتمادا على مبدأ الائتلاف أو التحالف. وبالطبع، لم يحدد الدستور أي كيفيات لذلك.
لم تحدد المادة صفة الأغلبية المقصودة؛ هل هي بسيطة أو مطلقة أو موصوفة. ولو أخذنا بالمدلول العام للكلمة، يعتبر الحزب الذي نال أكبر عدد من المقاعد هو صاحب الأغلبية.
أما إذا كان المقصود هو الأغلبية المطلقة، أي نصف عدد المقاعد زائد واحد، فلا يوجد أي طرف يحوزها في هذا المجلس. غير أنه لا مانع من الناحية النظرية، من أن تنشأ أغلبية برلمانية عن طريق تكوين ائتلاف بين حزبين أو أكثر، ولا يوجد، نظريا أيضا، ما يجعلنا بالضرورة إزاء حالة أغلبية رئاسية.
إن الأغلبية الرئاسية تتحقق إذا كان الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس قد حصّل أغلبية مقاعد البرلمان (على افتراض أنها الأغلبية المطلقة)، لكن رئيسنا لا ينتمي إلى أي حزب، ودخل سباق الرئاسة بصفته مستقلا. ولم يقدم أي حزب أو تحالف أحزاب قبل الانتخابات التشريعية نفسه باعتباره ممثلا للرئيس ومدافعا عن برنامجه، كما لم يدعُ الرئيس الناخبين للتصويت لأي طرف كان. باختصار، لا يوجد شيء (إلى الآن) اسمه الأغلبية الرئاسية، والتي تتيح للرئيس تسمية وزير أول يطبق برنامجه.
وإذا كان الحال كذلك، أي لا وجود لأغلبية برلمانية ولا لأغلبية رئاسية، يفترض أن يكون في مقدور الطرفين بناء هذه الأغلبية اعتمادا على مبدأ الائتلاف أو التحالف. وبالطبع، لم يحدد الدستور أي كيفيات لذلك.
وسيكون من غير المنطقي (وها أنا ذا أسقط في فخ المنطق مرة أخرى) أن تُمنح الفرصة للرئيس (وهو خارج البرلمان) لتكوين تحالفه الخاص، في الوقت الذي تحرم فيه الأحزاب من تشكيل تحالف أغلبية فيما بينها.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.