من الطبيعي أن يعتبر الكيان أن اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصر الله رحمة الله عليه، أهم عملية له منذ عقود، ومن المنطقي أن تعتبر قيادة الكيان أنها حققت انجازا كبيرا بالمعنى الأمني والسياسي، هناك أكثر من داع لذلك، حتى وان كانت دوافع اغتيال قائد المقاومة لا تعد ولا تحصى بالنسبة للاسرائيلي.
من حيث التوقيت، كان نتنياهو بحاجة إلى هذا الانجاز أكثر من أي وقت مضى، فهو يحقق بذلك جملة أهداف، منها ما يخصه شخصيا من حيث مساره ومستقبله السياسي وإعطاء معنى لخياراته الراهنة، ومنها ما يتعلق بتحولات المواجهة وأفقها المقبل، ومنها ما يخص الانتقام للاسرائيليين عموما، من رجل فاقمت إدارته للمعركة والمقاومة، أزمات الكيان وكبدته على مدار ثلاثة عقود سلة من الخسائر ومحطات من الخيبات.
لفهم ذلك، أهمية اغتيال نصر الله بالنسبة للمؤسسة الاسرائيلية، من المهم العودة الى محطات مهمة في تاريخ الصراع مع الكيان، تلم التي وضعت المقاومة على جبهة النصر والتحرير، والكيان على سكة الهزائم، على الأقل محطتين فارقتين. تحرير الجنوب في مايو 2000، حيث انسحب اسرائيل تحت جنح الظلام، وتحررت ا135 قرية لبنانية في الجنوب كانت ترزح تحت الاحتلال، و33 قرية كانت تحت سيطرة جيش لبنان الجنوبي العميل بقيادة أنطوان لحد، بفعل ضربات المقاومة ونهجها القائم على الاستنزاف المستمر للعدو.
في عام 2006، كان الانجاز الأكبر للمقاومة، بعد حرب دامت 34 يوما، انتهت بانجاز تحرير الأسرى من السجون الإسرائيلية، برز في تلك المحطة الوجه القيادي الأبرز لنصر الله، ليس على صعيد ادارة المعركة، ولكن أيضا على صعيد ادارة المفاوضات مع العدو بوساطة ألمانية، سمحت الصفقة بافراغ السجون الإسرائيلية من كل الأسرى اللبنانيين، بما فيهم عميد الأسرى سمير القنطار.
ليست هذه المحطات وحدها ما يكفي لفهم أهمية هذا الاغتيال بالنسبة للاسرائيلي، فقد كان نصر الله قد طور أيضا طريقة خطاب أصبحت جزء من أدوات الحرب النفسية الضاغطة على أعصاب المجتمع الصهيوني، كان ظهوره في مراحل المواجهة المباشرة، يصيب مجتمع الكيان بالقلق.
@ طالع أيضا: الجزائر وفلسطين.. الذكاء أولى من الخوف؟
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.