إن العلاقات الأمريكية الاسرائيلية أعقد من أن يفسرها إطلاق بعض التعميمات الاختزالية، مثل الدور الاستراتيجي الذي تمثله إسرائيل في حماية المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط أو التأثير الواسع للوبي الصهيوني في واشنطن وما إلى ذلك من اعتبارات. إن الأمر يتعلق أساسا بحالة التماهي المطلقة في التصور القومي الذاتي للبلدين.
لقد حمل المهاجرون الأروبيون الأوائل إلى العالم الجديد التقاليد التوراتية وتفسيرات العهد القديم التي تناولت دخول اليهود إلى أرض كنعان بعد خروجهم من مصر، فصارت أمريكا بالنسبة لهم “إسرائيل الجديدة”، وكانوا هم بمثابة العبرانيين القدماء الذين فروا من ظلم فرعون (الملك جيمس الأول) بحثا عن أرض الميعاد الجديدة.
وعندما قامت “دولة إسرائيل” الحديثة على أرض فلسطين، خلق ذلك وجدانا مشتركا بينها وبين الولايات المتحدة بسبب تشابه ظروف النشأة.
وعندما قامت “دولة إسرائيل” الحديثة على أرض فلسطين، خلق ذلك وجدانا مشتركا بينها وبين الولايات المتحدة بسبب تشابه ظروف النشأة.
@ طالع أيضا: الصهيونية العربية والحرب على غزة
ومنذ أن صار الإنجيليون القوة السياسية الأولى في أمريكا بحلول عقد الثمانينيات من القرن الماضي، اكتسب التأييد الأمريكي لإسرائيل صبغة دينية مقدسة، إذ يعتبر قيام إسرائيل تمهيدا لعودة المسيح، وبالتالي وجب دعمها وتأييدها والدفاع عنها ضد الأخطار التي تحيق بها، وذلك استجابة لأمر الرب، وتحقيقا لإرادته.
وبالإضافة إلى النشأة المتشابهة، يشعر الأمريكيون أن إسرائيل هي صورة عنهم في مكان آخر من الأرض، فهي “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”، وتحمل القيم الليبرالية نفسها، ونمط الحياة ذاته.
بالإضافة إلى أنهما تشتركان في نسبة الانفاق العسكري من الناتج المحلي الخام، والحماس ذاته لشن”الحروب الوقائية”، وممارسة إرهاب الدولة، والدوس على مبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة … باختصار: إنهما تشتركان في فصيلة الدم والكروموزومات ذاتها.
إن الولايات المتحدة ترى في إسرائيل صورة عنها، ولذلك تتمادى إسرائيل في غيها لأنها مدللة سيد العالم، وقد تبلغ بها الشقاوة أحيانا حد إغاضة السيد المتسامح، غير أن ذلك لا يلبث أن يتوارى خلف التأكيدات التي تأتي تبعا بأنه لا شيء من شأنه أن يفسد الود بين واشنطن وتل أبيب، مثلما لم ينجح أي شيء في إفساد الود بين الدكتور إيفل و”ميني مي“.
@ طالع أيضا: أمريكا تُدمر وتَقتل وتُبيد.. لكن لا ولن تنتصر..!
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.